


عدد المقالات 176
لتوضيح الاستراتيجيات المناسبة في تفويض العمل، دعونا نعيش معاً قصة مريم، والتي لم تكن كلمة «لا» موجودة في قاموسها، ونتيجة لذلك وضعت نفسها في أولوية كل فريق من الفرق التي تديرها. مع زيادة أنشطة الفِرق وتضاعف مسؤولياتها، أصبح عليها الحضور والمشاركة في كافة أنشطة ومهام الفرق المختلفة. لم يعد بإمكان مريم أن تظل منخرطة في كل شيء بنفسها، وبمرور الوقت أصبحت معظم مشاركاتها في المبادرات تراوح مكانها ولم تصل إلى نهاياتها أبداً، بل ظلت متوقفة في منتصف الطريق إن لم يصبها الركود. ازداد إحباط الفرق عندما وقف أعضاؤها مكتوفي الأيدي بانتظار بعض وقتها الثمين لتقديم التوجيه أو المراجعة أو الموافقة على المبادرات المختلفة. وجدت مريم نفسها على حافة الإرهاق، بينما كانت تواجه خسارة محتملة في المصداقية مع فريقها وأصبحت بالفعل عنق الزجاجة لأداء فريقها. كيف تعاملت القائد مريم مع الموقف ؟ كانت الخطوة الأولى لمريم هي تحدي تعريف تفويضها القيادي. حتى تلك اللحظة، كانت مسؤوليتها الأساسية في المؤسسة على النحو التالي: «أنا المسؤولة عن إنجاز كافة المهام «. عندما فكرت في هذا الأمر ملياً، أدركت أن عقلية المنُفذ هي التي خفضت سقف تأثيرها القيادي. كان الدليل الأوضح على ذلك، أنه في الأشهر الأخيرة تم اشراك أقرانها في العديد من المناقشات والاجتماعات الإستراتيجية وفرص تطوير الأعمال مع كبار القادة، بينما تم اقصاؤها من هذه الفرص، بسبب عدم امتلاكها الوقت الكافي والقدرة الفعلية لتلك المساعي الاستراتيجية والتي تُعد من صميم عمل القادة. فهي منغمسة في تفاصيل صغيرة مع كافة الفرق. حينها أدركت أن تركيزها على تنفيذ العمل لم يكن فقط منعها من رؤية الصورة الكبيرة، بل كان أيضًا مصدر الإحباط لموظفيها. على الرغم من أن ذلك كان غير مريح في البداية، إلا أنها أرادت أن تبدأ في منحهم المزيد من التفويض. بعد تفكيرٍ وتأمل، اعتبرت مريم التزامها بتطوير الآخرين و تحسين مهاراتهم وتوفير خبرة قيادية ملموسة لهم من أولوياتها. لذا، فقد أعادت تعريف تفويضها القيادي بالشكل التالي: «أقود الأشخاص والأولويات والمشاريع وسيتم إنجاز العمل من خلال تفويض الأشخاص المناسبين الذين يركزون على المهام الصحيحة «. مع هذه الرؤية المُعدلة، كانت خطوتها الثانية: هي إعادة تقييم جدول أعمالها وأجندتها. نظرت إلى جدول أعمالها للأسبوعين السابقين والأسبوعين اللاحقين، ثم قامت بحساب الساعات المخصصة لكل جهد سواء الأشخاص أو الأولويات أو المشاريع. بمجرد الانتهاء من حساب الوقت المخصص لكل بند، قامت بتصنيف كل عنصر على مقياس مكون من 10 نقاط لتقييم مدى أهمية المبادرة لنجاح الفريق بشكل عام. كشفت هذه الممارسة المكونة من عمودين متقابلين عن بعض حالات عدم التطابق. بدأت مريم ترى الصورة الكبيرة وتكتشف أخطاءها. فقد كانت تكرس الكثير من الوقت والطاقة للأولويات الأقل أهمية التي لم تكن في المراكز الخمسة الأولى في سُلم أولوياتها، بل كانت هذه الأولويات مرشحة للتفويض. لذلك كانت خطوتها الثالثة هي مراجعة لمهارات كل عضو من أعضاء الفريق ومطابقتها مع الأولويات مرشحة للتفويض مطابقة ذكية. وكونها تجربتها الأولى للتفويض، فقد قررت مريم تسليم بعض المبادرات بالكامل إلى بعض المفوضين، بينما قامت بتقسيم المبادرات الأخرى إلى أجزاء أصغر من أجل تفويضها للآخرين بشكل جزئي دون نقل كامل للمسؤولية. ثم كانت الخطوة الرابعة المهمة: مع وضع هذه المهام الجديدة في الاعتبار، خصصت مريم من 15 إلى 20 دقيقة للتحضير لكل محادثة تأمل أن تنتهي بتفويض واحد من أعضاء الفريق. خططت بشكل مُسبق كيف يمكن أن تلهم التزامهم. مع ثمانية أعضاء في الفريق، كان هذا استثمارًا كبيرًا للوقت وفقًا لجدول زمني مثقل بالفعل، لكن أدركت مريم أنه تكلفة قصيرة الأجل لتحقيق فوائد طويلة الأجل. في غضون فترة قصيرة من الزمن، أصبحت مريم أقل مشاركة في التفاصيل، لكنها ظلت مساهمتها حيوية من أجل إعطاء زخم ورح لكل مبادرة. وبصورة مختلفة، كان تأثيرها حاضرًا دائمًا، لكن تلاشى تأثيرها السلبي كعنق الزجاجة. أخيرًا، كانت مريم تشعر بالقلق من أن ميلها الدائم لقول «نعم « يمكن أن يحطم الخطوات السابقة. لذا، فقد التزمت بتطبيق استراتيجية قول: نعم، لا، أو نعم مشروطة. إن البقاء على دراية بهذه الخطوات الأربع، والعمل على مكامن الخلل كما حدث في قصة مريم، والبراعة في تمكين الآخرين لتقديم أفضل ما لديهم، يبني قدرتك على إنجاز المهمة من خلال مساهمات الآخرين. مع هذا الزخم، ستتمكن من التركيز على إمكانات الآخرين والاستفادة من كل مهمة مفوَّضة كفرصة لتطوير الآخرين. بمرور الوقت، يمكن أن يكونوا أيضًا أكثر أهمية وتأثيراً وأقل ظهوراً ومشاركةً. @hussainhalsayed
تحدثنا في المقال السابق عن تحديات تواجه القادة في التعامل مع الجيل زد، وفي هذا المقال نكمل هذه التحديات. التحدي الرابع: تحدي السلطة والتسلسل الهرمي حيث نشأ جيل زد في عالم الشبكات وليس السلالم، فالإنترنت...
في أروقة الشركات اليوم، يحدث تحول كبير ولكن صامت وملموس بخفاء وخاصة مع إدارة الموارد البشرية. لم يعد الأمر مجرد تباين في الأعمار، بل هو صدام بين فلسفتين مختلفتين تماماً حول معنى «العمل» وبيئة العمل...
لطالما نُظر إلى «القيادة الخادمة» (Servant Leadership) على أنها فلسفة نبيلة وقيادة تاريخية صاغها الأنبياء والمصلحون، ولكنها قد لا تكون ناجحة تماماً في عالم الأعمال الذي تحكمه الأرقام الصارمة. ومع ذلك، ونحن نقف على أعتاب...
تحدثنا في مقالة سابقة عن تحديات تطبيق القيادة الخادمة في بيئة الأعمال، واليوم نغوص بعمق في هذا المفهوم في بيئة الأعمال العربية. تُضيف البيئة العربية تحدياتها الخاصة، والتي تنبع من الموروث الثقافي والاجتماعي وطبيعة الهياكل...
تُعد القيادة الخادمة (Servant Leadership)، التي وضع أسسها روبرت ك. جرينليف في مقالته الشهيرة عام 1970، نموذجًا إداريًا يركز على خدمة ورفاهية ونمو الأفراد أولاً، ثم القيادة كأثر طبيعي لتلك الخدمة. وقد تحدثنا في مقالات...
يُعزز الوعي العام، وخاصة الوعي الذاتي، القائد الخادم. ويساعد الوعي المرء على فهم القضايا المتعلقة بالأخلاق والسلطة والقيم. إنه يُمكّن من رؤية معظم المواقف من منظور أكثر تكاملاً وشمولية. عادةً ما يكون القادة الأكفاء في...
تحدثنا في المقال السابق عن مقدمات في مفهوم القيادة الخادمة، وفي هذا المقال حديثنا حول خصائص القيادة الخادمة. فلسفة القيادة الخادمة تبدأ بشعور طبيعي بالرغبة في خدمة الآخرين ثم يدفعه الاختيار الواعي إلى الطموح للقيادة....
مع تطور الفكر الإداري، شهدت نظريات القيادة تحولاً كبيراً في فهم القيادة وأهدافها. فمع تزايد التحديات الإدارية وتسارع وتيرة التغيرات، ظهرت الحاجة إلى نماذج قيادية ترتكز على القيم الأخلاقية والسلوك القويم، لتصبح القيادة الأخلاقية مطلباً...
اليوم حديثنا يرتكز على التعامل مع أعضاء الفريق المثبطين وتحويلهم إلى نقاط إيجابية في بيئة العمل، قد تصادف فرق العمل أفرادًا يتسمون بمواقف مثبطة أو يظهرون مقاومة واضحة للتغيير. قد تثير هذه السلوكيات التوتر وتخلق...
تحدثنا في مقالنا السابق عن فهم أسباب التشتت والبحث عن أسباب فقد الفريق تركيزه... واليوم نركز على بناء الثقة في الفريق وإعادته إلى مساره الصحيح إعادة بناء الثقة: الخطوة الأولى نحو الانسجام إعادة بناء الثقة...
هل تطمح إلى بناء فريق يعمل بتناغم كامل، حيث يساهم كل فرد بإمكاناته ومهاراته لتحقيق نتائج استثنائية؟ تخيل فريقًا رياضيًا، كفريق كرة القدم، يلعب بروح واحدة. اللاعبون يتعاونون، يمررون الكرة بانسجام، ويتحركون بخطة واضحة لهدف...
قراؤنا الكرام ... تحية من القلب.. حديثنا اليوم يغطي المرحلة الأخيرة من خطوات بناء ثقافة الولاء الوظيفي وخاصة المرحلة الخامسة ثم الخلاصة المهمة. المرحلة الخامسة: الفصل أو الانتقال – التعامل مع نهاية العلاقة بشفافية واحترام...