


عدد المقالات 177
تحدثنا في المقال السابق عن تحديات تواجه القادة في التعامل مع الجيل زد، وفي هذا المقال نكمل هذه التحديات. التحدي الرابع: تحدي السلطة والتسلسل الهرمي حيث نشأ جيل زد في عالم الشبكات وليس السلالم، فالإنترنت ساوى بين الجميع؛ حيث يمكن لمراهق على «تيك توك» أن يكون أكثر تأثيراً من رئيس تنفيذي لشركة كبرى. وتبعاً لذلك يرى هذا الجيل ضرورة تسطيح الهرم الوظيفي، فلا يهتم هذا الجيل كثيراً بالألقاب الرنانة أو سنوات الخبرة بقدر اهتمامهم بالكفاءة والقدرة على الإقناع. التحدي الذي يواجهه المدير هو أن المنصب لم يعد يضمن الطاعة أو الاحترام التلقائي. يمكن أن نضيف هنا الرغبة في المشاركة، يريد موظفو جيل زد الجلوس على الطاولة والمشاركة في صنع القرار منذ اليوم الأول. قد يرى المديرون هذا غروراً أو تسرعاً، لكنه نابع من رغبتهم في إحداث تأثير فوري. ويمن أن نرى أيضاً أن هذا الجيل لديه الحساسية تجاه النقد. حيث تشير الدراسات إلى أن جيل زد، رغم جرأته الرقمية، قد يكون أكثر حساسية للنقد المباشر أو القاسي في الواقع. التحدي الإداري هنا هو تقديم تغذية راجعة (Feedback) تصحيحية دون التسبب في انهيار معنويات الموظف أو دفعه للاستقالة. التحدي الخامس: تحدي التغذية الراجعة والتطور في عالم «اللايكات» والمشاهدات الفورية، اعتاد جيل زد على حلقات التغذية الراجعة القصيرة جداً. نظام «التقييم السنوي» التقليدي لا يجدي نفعاً معهم، بل هو في حاجة إلى توجيه مستمر، شبه يومي أو أسبوعي. إذا انتظر المدير 6 أشهر ليخبر الموظف بأنه أخطأ، فقد فات الأوان، وربما يكون الموظف قد غادر أصلاً. وكذلك نفاد الصبر على الترقية، فهذا الجيل يتوقع هذا الجيل صعوداً سريعاً. مفهوم قضاء 5 سنوات في منصب مبتدئ يبدو لهم كحكم بالسجن. التحدي للمديرين هو كيفية إدارة هذه التوقعات الطموحة وموازنتها مع واقع الهيكل التنظيمي للشركة وفرص النمو المتاحة فعلياً. وأخيرا، البحث عن الكوتش لا المدير»: هم لا يريدون مشرفاً يراقب الحضور والانصراف، بل يريدون مدرباً (Coach) يهتم بنموهم، يعلمهم مهارات جديدة، ويكون مرشداً لهم. هذا يضع عبئاً إضافياً على كاهل المديرين الذين قد لا يمتلكون مهارات التوجيه (Coaching) أو الوقت الكافي لممارستها. التحدي السادس تحدي الفجوة المهارية: «التكنولوجيا» مقابل «المهارات الناعمة» بينما يُعتبر جيل زد عباقرة تقنياً، إلا أن دخولهم سوق العمل تزامناً مع الجائحة والعمل عن بُعد خلق فجوة في المهارات الناعمة، حيث إن لديهم نقصا حادا في مهارات التعامل الشخصي والاعتماد المفرط على الشاشات جعل بعضهم يفتقر لمهارات التفاوض وجهاً لوجه، قراءة لغة الجسد، أو إدارة النزاعات المعقدة في غرفة الاجتماعات. ويسعون على الاعتماد على الحلول الجاهزة، سهولة الوصول للمعلومة (جوجل، الذكاء الاصطناعي) قد تضعف أحياناً مهارات التفكير النقدي العميق أو حل المشكلات دون مساعدة تقنية. وهذا يدفع القائد إلى التحدي البحث عن أدوار أخرى. حيث يجد القادة أنفسهم مضطرين ليس فقط لتعليم الموظف «كيف يقوم بالعمل»، بل «كيف يتصرف في العمل ويشمل ذلك: آداب المكتب، الذكاء العاطفي، التعامل مع العملاء، وهو دور تربوي لم يكن ضمن وصفهم الوظيفي سابقاً. إستراتيجيات للقادة: كيف نحول تحدي التعامل مع الجيل الجديد إلى فرصة؟ إن التعامل مع جيل زد ليس معركة يجب الفوز بها، بل هو فرصة لتحديث الحمض النووي للمؤسسة. إليك – أيها القارئ - خارطة طريق مختصرة للمديرين: 1. تبني القيادة المتعاطفة: استمع لمخاوفهم بصدق - فالصحة النفسية ليست رفاهية - كن مرناً حيثما أمكن (العمل الهجين، ساعات العمل المرنة) مقابل الالتزام بالنتائج. 2. التواصل المستمر والشفاف: اشرح «لماذا» تفعل ما تفعل. حول التقييمات السنوية إلى جلسات قصيرة ومستمرة. 3. التوجيه العكسي: استفد من مهاراتهم الرقمية. اجعلهم يعلمون الموظفين الأقدم أحدث التقنيات، مقابل أن يعلمهم الأقدمون مهارات التفاوض والسياسة المؤسسية. هذا يبني الاحترام المتبادل. 4. ربط العمل بالقيم: وضح كيف يساهم عملهم اليومي في الصورة الكبيرة والمجتمع. اجعل للشركة «روحاً» أخلاقية. 5. تطوير مسارات مهنية دقيقة: حتى لو لم تكن هناك ترقية، قدم لهم تطوراً في المهارات، فهم متعطشون للتعلم؛ أشبع هذا النهم ولن يرحلوا. ختاماً إن جيل زد ليس «جيلاً صعباً»، بل هو جيل «كاشف». إنهم يكشفون عيوب أنظمة الإدارة القديمة التي عفا عليها الزمن. التحديات التي يفرضونها - مثل المطالبة بالتوازن بين العمل والحياة، والبحث عن المعنى، والشفافية - هي في الواقع مطالب إنسانية عالمية، لكن هذا الجيل هو الوحيد الذي امتلك الجرأة والأدوات للمطالبة بها بصوت عالٍ. القائد الناجح اليوم ليس هو الذي يُخضع جيل زد لقوالب الماضي، بل هو «المترجم» الذكي الذي يستطيع دمج طاقة وحداثة هذا الجيل مع حكمة وخبرة الأجيال السابقة، ليخلق بيئة عمل ديناميكية، صحية، ومستعدة للمستقبل. @hussainhalsayed
تحدثنا في المقال السابق عن تحديات تواجه القادة في التعامل مع الجيل زد، وفي هذا المقال نكمل هذه التحديات. التحدي الرابع: تحدي السلطة والتسلسل الهرمي حيث نشأ جيل زد في عالم الشبكات وليس السلالم، فالإنترنت...
في أروقة الشركات اليوم، يحدث تحول كبير ولكن صامت وملموس بخفاء وخاصة مع إدارة الموارد البشرية. لم يعد الأمر مجرد تباين في الأعمار، بل هو صدام بين فلسفتين مختلفتين تماماً حول معنى «العمل» وبيئة العمل...
لطالما نُظر إلى «القيادة الخادمة» (Servant Leadership) على أنها فلسفة نبيلة وقيادة تاريخية صاغها الأنبياء والمصلحون، ولكنها قد لا تكون ناجحة تماماً في عالم الأعمال الذي تحكمه الأرقام الصارمة. ومع ذلك، ونحن نقف على أعتاب...
تحدثنا في مقالة سابقة عن تحديات تطبيق القيادة الخادمة في بيئة الأعمال، واليوم نغوص بعمق في هذا المفهوم في بيئة الأعمال العربية. تُضيف البيئة العربية تحدياتها الخاصة، والتي تنبع من الموروث الثقافي والاجتماعي وطبيعة الهياكل...
تُعد القيادة الخادمة (Servant Leadership)، التي وضع أسسها روبرت ك. جرينليف في مقالته الشهيرة عام 1970، نموذجًا إداريًا يركز على خدمة ورفاهية ونمو الأفراد أولاً، ثم القيادة كأثر طبيعي لتلك الخدمة. وقد تحدثنا في مقالات...
يُعزز الوعي العام، وخاصة الوعي الذاتي، القائد الخادم. ويساعد الوعي المرء على فهم القضايا المتعلقة بالأخلاق والسلطة والقيم. إنه يُمكّن من رؤية معظم المواقف من منظور أكثر تكاملاً وشمولية. عادةً ما يكون القادة الأكفاء في...
تحدثنا في المقال السابق عن مقدمات في مفهوم القيادة الخادمة، وفي هذا المقال حديثنا حول خصائص القيادة الخادمة. فلسفة القيادة الخادمة تبدأ بشعور طبيعي بالرغبة في خدمة الآخرين ثم يدفعه الاختيار الواعي إلى الطموح للقيادة....
مع تطور الفكر الإداري، شهدت نظريات القيادة تحولاً كبيراً في فهم القيادة وأهدافها. فمع تزايد التحديات الإدارية وتسارع وتيرة التغيرات، ظهرت الحاجة إلى نماذج قيادية ترتكز على القيم الأخلاقية والسلوك القويم، لتصبح القيادة الأخلاقية مطلباً...
اليوم حديثنا يرتكز على التعامل مع أعضاء الفريق المثبطين وتحويلهم إلى نقاط إيجابية في بيئة العمل، قد تصادف فرق العمل أفرادًا يتسمون بمواقف مثبطة أو يظهرون مقاومة واضحة للتغيير. قد تثير هذه السلوكيات التوتر وتخلق...
تحدثنا في مقالنا السابق عن فهم أسباب التشتت والبحث عن أسباب فقد الفريق تركيزه... واليوم نركز على بناء الثقة في الفريق وإعادته إلى مساره الصحيح إعادة بناء الثقة: الخطوة الأولى نحو الانسجام إعادة بناء الثقة...
هل تطمح إلى بناء فريق يعمل بتناغم كامل، حيث يساهم كل فرد بإمكاناته ومهاراته لتحقيق نتائج استثنائية؟ تخيل فريقًا رياضيًا، كفريق كرة القدم، يلعب بروح واحدة. اللاعبون يتعاونون، يمررون الكرة بانسجام، ويتحركون بخطة واضحة لهدف...
قراؤنا الكرام ... تحية من القلب.. حديثنا اليوم يغطي المرحلة الأخيرة من خطوات بناء ثقافة الولاء الوظيفي وخاصة المرحلة الخامسة ثم الخلاصة المهمة. المرحلة الخامسة: الفصل أو الانتقال – التعامل مع نهاية العلاقة بشفافية واحترام...