


عدد المقالات 335
إن من تجليات الله علينا، أن ندين له بفرادة القدسية، ونزاهة الكنه والماهية، لا بالقياس، ولا إزاء ما تعارف عليه الناس، حاشاه جل وعلا، ولكن قدسية خالصة له، أصيلة به، لا نتعرف عليها إلا بمقدار ما عرفنا هو جل وعلا، بوحي يوحى، لنبي لا ينطق عن الهوى. وهو القائل عن ذاته العلية «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصِيرُ». من قداسة المتفرد بالعبودية، أن ننفي ونستبعد كل الخيالات والصور، وكل الأوهام والفِكر، وكل محاولات التجسيم والتجسيد، وتوهم الأشكال والهيئات التي تتأتى لمداركنا القاصرة، وخواطرنا الواهمة الخائرة، وقد أُثر عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه سُئل عن الله فقال: «كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك»، رضي الله عنه، وأجزل له المثوبة على هذه البديهة السليمة، والكلمة العظيمة، فإنَّ مبلغَ جهدنا، ومنتهى رُشدنا في التعرف على ماهية الله، هو أن نقول ليس كذا، وليس مثل كذا، ومن حاد عن ذلك فقد ضلَّ. ولكي يعرف أحدنا حده فيقف عنده، فلينظر إلى وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجنة، فقد بلّغ عن الله فقال: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر». صدق الله، وصدق رسوله وحبيبه، وصفيه ونجيبه، الذي قال: «ألا إنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنة»، ولذلك، فإنَّ الله لم يكشف لخلقه عن هذه السلعة البديعة، والمصير السعيد، والمنتهى الحميد، لأننا في النشأة الأولى غير قادرين، ولا معدّين لتصور النشأة الأخرى، سوى ما كان من بعض الومضات والبروق في كتاب الله، التي تنقل إلينا قبسًا من النعيم المقيم، بلغة نفهمها وبصور نعلمها، من العيون الجارية، والقطوف الدانية، والحور والقصور والحبور، والأباريق والآنية والإستبرق والسندس. فإذا كنا غير مؤهلين فهمًا وخيالًا لتشكيل صورة عن الجنة، تحاكي ما فيها من سناء وبهاء، فكيف بنا أن نتخيل الله السبُّوح القُدوس، رَب الملائكة والروح. فما أعظم أن نقف عند حدنا في تعظيم الله وتقديسه وتوقيره، وخير ما أختم به المقام، هو تنزيه الله الكبير العظيم لنفسه في أواخر الصافات، قال جل وعلا: «سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفونَ وَسَلامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمينَ» سلام على المرسلين الذين هم أكثر الخلق تسديدًا ومقاربة وتوفيقًا في تنزيه الخالق، وتقديرًا لقدره، وامتثالًا لأمره. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
عرفت البشريةُ حضارات عديدة، وكان لكلِّ حضارةٍ نمطُ عيشٍ معيَّنٍ، يتلاءَمُ معَ طبيعةِ تفكيرها وإدارتها شؤونَ حياتها، وكان العُمرانُ ميزةً فارقةً للحضارات، تعبِّرُ من خلالِهِ عن مدى رُقِيِّها ونُضْجِها، ومدَّةَ عيشِها وقوَّتِها، وامتدادِها، وعناصرَ أخرى...
إنّ من أعظم جوانب إعجاز الله في أسمائه، إعجازه في اسمه السميع الذي اقترن غالبًا، بالعليم، ثم بالبصير، ثم بالقريب، وفي كل مكان اقترن بالعليم جاء مقدّمًا عليه، وهو أشد وقعًا، وأسرع نفعًا في التحقق...
كثيرًا ما نسمع بمفردة المجد، وكثيرًا ما نطلقها في ميادين التعظيم والاعتزاز بالنفس، وبلوغ الغاية في الشرف والسؤدد، فهل عرفنا منبعها ومصدرها وأصلها في اللغة والسياقات المختلفة؟ إن مفردة المجد مشتقة من اسم الله «المجيد»...
لا يتذوق الجمال إلا من اكتملت أركان الإنسانية في قلبه وروحه، وعرف أنّ خلف هذا الجمال مبدعا عظيما. وهناك انسجام تامّ بين فطرة الله التي فطر الناس عليها وعناصر الجمال التي هيأها الله لآدم وذريته،...
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...