


عدد المقالات 335
عرفت البشريةُ حضارات عديدة، وكان لكلِّ حضارةٍ نمطُ عيشٍ معيَّنٍ، يتلاءَمُ معَ طبيعةِ تفكيرها وإدارتها شؤونَ حياتها، وكان العُمرانُ ميزةً فارقةً للحضارات، تعبِّرُ من خلالِهِ عن مدى رُقِيِّها ونُضْجِها، ومدَّةَ عيشِها وقوَّتِها، وامتدادِها، وعناصرَ أخرى عديدة. وقد ذكر لنا القرآنُ الكريمُ كثيرًا من الحضاراتِ والأقوامِ البائدةِ نحو حضارة الفراعنة وعرش بلقيس. وقد أَوْلى الإسلامُ العمارةَ أهميةً بالغةً، وجعلها إحدى ركائزِ استخلافِ الإنسان في الأرضِ، وانطلاقًا من ذلك، أظهرَ كثيرٌ من علماء المسلمين اهتمامًا بموضوعِ العمارةِ والبناءِ والتخطيط. كذلك اهتمَّ المؤرخون والجغرافيون بوصف المعالم الحضارية وصفًا دقيقًا، وهذا الاهتمام وهذه العناية جعلا من العمارة صورةً قريبةً دقيقةً واضحةً. وإنّ التراثَ العربيَّ المخطوطَ، وبعضَ المطبوع منهُ، ضمَّ نفائس مهمةً في موضوع العمارةِ والبناءِ، وتخطيطِ المدنِ والأمصارِ والقلاعِ والحصونِ. ولكن، كيف ينسجمُ قول القائلين: «إنَّ العربَ قومٌ رُحّلُ، وأصحابُ خِيَمٍ ومنازلَ غيرِ قارَّة»، مع ما شيّدوه من عُمران، وما رفعوه من صروح؟ إنّ هذه المقولةَ تجانبُ الصوابُ، إِنْ عُمِّمتْ، وما يُثبت ذلك ما ذكره المؤرخون عن العمارة العربية في اليمنِ ومكةَ والشامِ وغيرها من جهات شبه الجزيرة العربية. فقد اشتهرت صنعاءُ بمبانيها المرتفعةِ، وعُرفت مكةُ بكونِها مركزًا تجاريًا مهمًا، تنطلقُ منهُ قوافل التجار شمالًا وجنوبًا. وكذلك، تحدَّثَ المؤرخون عن قصورِ المناذرة بالعراق، والغساسنة بالشام. ولما أشرقتْ شمسُ الإسلام، وانطلقَ شعاعُ الحضارةِ، بدأ العربُ المسلمون بالتشييد والبناء والعُمران، انطلاقًا من فهمِهم رسالةَ الإسلامِ، ومعرفَتِهم بأسسِ الاستخلافِ في الأرض، وما يُثبت ذلك، أنّ محمدًا عليه السلام، حينما وصل إلى المدينة مهاجرًا، غيَّر اسمَ يثربَ وأسماها «المدينة»، والمدينة في اللغة تطُلق على المَصْرِ الجامعِ، وتدل على الحضارة واتساعِ العُمران. وفي خلافة عمر بن الخطاب، شيّدت مدينة البصرة، ثم مدينةَ الكوفة، ورفع عمرو بن العاص أعمدةَ مدينة الفسطاط بمصر، ... والشواهد كثيرة. وأخيرًا، إنّ ما أوردته من شواهد دليل واضح على أنّ الحضارة العربية الإسلامية هي حضارة عمران بامتياز، وأن العمران هو أحد أسس قيام الحضارات وواجهة تدلّل على فهم حقيقة الاستخلاف في الأرض وعمارتها. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
إنّ من أعظم جوانب إعجاز الله في أسمائه، إعجازه في اسمه السميع الذي اقترن غالبًا، بالعليم، ثم بالبصير، ثم بالقريب، وفي كل مكان اقترن بالعليم جاء مقدّمًا عليه، وهو أشد وقعًا، وأسرع نفعًا في التحقق...
كثيرًا ما نسمع بمفردة المجد، وكثيرًا ما نطلقها في ميادين التعظيم والاعتزاز بالنفس، وبلوغ الغاية في الشرف والسؤدد، فهل عرفنا منبعها ومصدرها وأصلها في اللغة والسياقات المختلفة؟ إن مفردة المجد مشتقة من اسم الله «المجيد»...
لا يتذوق الجمال إلا من اكتملت أركان الإنسانية في قلبه وروحه، وعرف أنّ خلف هذا الجمال مبدعا عظيما. وهناك انسجام تامّ بين فطرة الله التي فطر الناس عليها وعناصر الجمال التي هيأها الله لآدم وذريته،...
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...