


عدد المقالات 335
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وله مخلفاته من فقد الخلان، وهجر الأوطان، فنسأل الله الغالب أن يصرف عنها كل عدو متآمر، ومتربص غادر، وخوان فاجر، وجعل أوطاننا مهادًا للسلام والأمان، وقِبْلة للمستأمنين، وكهفًا للاجئين. وفي رحاب اللغة، يقول ابن فارس في مقاييس اللغة، إن مادة «غلب» تفيد القهر والشدة والقوة. والغلب هو الاستيلاء قسرًا وقهرًا. وفي كتاب الله، وتحديدًا في فواتح سورة الروم يقول جلّ وعلا: (أَلم. غُلِبَتِ الرُّوْمُ. فِي أدْنَى الأَرْضِ وُهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)، وكان التنبؤ بعودة دولة الروم وجولتها على الفرس إحدى معجزات القرآن التي أنزلها الله بشرى سابقة للأوان، وقد وقعت بعد بضع سنوات كما أَخبر تنزيل الحكيم الحميد. وفي الغلبة، قال أحمد شوقي رحمه الله مادحًا النبي - صلى الله عليه وسلم - وآثاره الناصعة، وأنواره الساطعة في أمته: وعلمنا بناء المجد حتى أخذنا إمرة الأرض اغتصابـــا وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا والغصب هو صنو الغلب، لذلك يرى شوقي أن بلوغ المُنى لا يكون بالتمني، ولكن دونه خرط القتاد، وإسراج الجياد، والضرب في البلاد. وقد سن الله سنة التدافع بين الأمم والحضارات، لذلك نرى أمّة تنمو وتزدهر، وأخرى تنزوي وتندثر، وما بين هذه وتلك مغالبة وغِلاب، ومكاسرة للصعاب. وقد استعمل الله اسم الله الغالب في كتابه للتعبير عن عله ما يريد، وألا رادّ لأمره، ولا مانع له، ولا شافع منه، فقال وقوله الحق: «وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ». ومن ذروة سنام المدائح التي دبجها المتنبي في الملوك والأمراء والشجعان والنبلاء، ما قدَّمه من التأبين والرثاء في فارس من فرسان الإسلام الكرماء - وهو أبو نصر محمد بن حميد الطوسي الذي كان قائدًا عسكريًا عبقريًا، استعمله الخليفة العباسي المأمون، فأخمد الثورات، ثم توجّه إلى قتال بابِكَ الخرمي الذي تمرد على الخليفة، فاستشهد في وقيعةٍ حمي فيها الوطيس، وجبنت فيها النفوس، وكان في ثلة قليلة أمام جيش عارم، فما وهنت العزائم، ولا خارت الهمم، ولا نسي القيم، وبقي ثابتًا مدافعًا حتى لقي الله شهيدًا – فقال: مصائب شتى جمعت في مصيبة ولم يكفها حتى قفتها مصائـب ألا إنما كانت وفـاة محمـد دليلًا على أنْ ليس لله غالـبُ ما أجمل إدراك أبي الطيب المتنبي غلبة الله على ما سواه، فقد جعل القائد في مكانة من الشجاعة والمنعة لا يغلبه فيها أحد من الرجال، ثم بيّن أنّ الله قضى عليه الموت، والله شديد المحال، فليس عليه تثريب من موت لم يتطرق له الضعف والخور، ولم يخالطه الخوف من بني البشر، ولكنه موت القضاء والقدر من الغالب على أمره. فحريّ بنا أن نتذكّر دائمًا أن الغلبة لله سبحانه وتعالى، وما علينا سوى اللجوء إليه بالدعاء، مؤمنين واثقين بغلبته ونصره. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
عرفت البشريةُ حضارات عديدة، وكان لكلِّ حضارةٍ نمطُ عيشٍ معيَّنٍ، يتلاءَمُ معَ طبيعةِ تفكيرها وإدارتها شؤونَ حياتها، وكان العُمرانُ ميزةً فارقةً للحضارات، تعبِّرُ من خلالِهِ عن مدى رُقِيِّها ونُضْجِها، ومدَّةَ عيشِها وقوَّتِها، وامتدادِها، وعناصرَ أخرى...
إنّ من أعظم جوانب إعجاز الله في أسمائه، إعجازه في اسمه السميع الذي اقترن غالبًا، بالعليم، ثم بالبصير، ثم بالقريب، وفي كل مكان اقترن بالعليم جاء مقدّمًا عليه، وهو أشد وقعًا، وأسرع نفعًا في التحقق...
كثيرًا ما نسمع بمفردة المجد، وكثيرًا ما نطلقها في ميادين التعظيم والاعتزاز بالنفس، وبلوغ الغاية في الشرف والسؤدد، فهل عرفنا منبعها ومصدرها وأصلها في اللغة والسياقات المختلفة؟ إن مفردة المجد مشتقة من اسم الله «المجيد»...
لا يتذوق الجمال إلا من اكتملت أركان الإنسانية في قلبه وروحه، وعرف أنّ خلف هذا الجمال مبدعا عظيما. وهناك انسجام تامّ بين فطرة الله التي فطر الناس عليها وعناصر الجمال التي هيأها الله لآدم وذريته،...
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...