


عدد المقالات 208
شهدت العاصمة الرياض، أمس الإثنين، انعقاد الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق القطري–السعودي برئاسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. وجاءت هذه الزيارة في ظرف إقليمي يشهد تحولات عميقة، مما يمنح اللقاء قيمة استراتيجية تتجاوز حدود المتابعة الدورية لأعمال المجلس. فالعلاقة بين البلدين تنتقل تدريجيا من مستوى التعاون التقليدي إلى مستوى الشراكة المنظمة التي تُدار وفق رؤية مشتركة لسنوات طويلة قادمة. وقد حرص سمو الأمير خلال الزيارة على التأكيد بأن اللقاء مع القيادة السعودية يمثّل محطة مهمة لمراجعة مسارات الشراكة وتوسيع مجالاتها، وفتح أفق للاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها البلدان في مجالات متعددة. وتظهر هذه النظرة في حرص الجانبين على أن يكون مجلس التنسيق منصة عملية، لا إطارا شكليا، بحيث يتحوّل إلى آلية تستوعب حجم التحول الاقتصادي والتكنولوجي الذي يشهده العالم. وتزامن اللقاء مع مرحلة يشهد فيها الاقتصاد العالمي تقلبات مستمرة، ومع سعي دول الخليج لتعزيز مكانتها ضمن الاقتصاد الدولي الجديد. ومع تزايد أهمية الطاقة، والخدمات اللوجستية، والنقل الحديث، والاقتصاد الرقمي، تبدو الشراكة القطرية–السعودية إطارا مناسبا لتعزيز قدرة الخليج على المنافسة، ودعم الأمن الإقليمي، وتطوير بنية اقتصادية قائمة على التنويع والابتكار. القطار السريع.. مشروع يفتح جغرافيا الخليج على مستقبل جديد أبرز ما حملته الزيارة كان توقيع اتفاقية الربط بالقطار الكهربائي السريع الذي سيصل الرياض بالدوحة مرورا بالدمام والهفوف، ويُعدّ أحد أكثر المشاريع طموحا في تاريخ البنية التحتية الخليجية. ويمتد الخط لمسافة 785 كيلومترا، وتبلغ سرعة القطار أكثر من 300 كيلومتر في الساعة، الأمر الذي يسمح بقطع المسافة بين العاصمتين في نحو ساعتين فقط. ويُتوقع أن يخدم المشروع أكثر من عشرة ملايين راكب سنويا، ما يجعله أحد أهم مشروعات النقل الإقليمي الحديثة. ويأتي هذا المشروع في سياق الاتجاه العالمي نحو شبكات النقل الكهربائي المستدام، وفي ظل توجه خليجي واضح نحو الاستثمار في النقل السريع. وتؤكد الاتفاقية أن البلدين يسعيان لربط اقتصادهما الكبيرين بوسائل نقل عصرية، ما يعزز اندماجهما في سلاسل الإمداد الإقليمية والدولية. كما يُسهم المشروع في تعزيز الترابط بين الخطط الوطنية، سواء رؤية قطر 2030 أو رؤية السعودية الوطنية 2030، بما يخلق منظومة نقل متطورة تشكل نواة لربط أوسع على مستوى الخليج. وتبرز أهمية المشروع في البعد الاستراتيجي للربط السككي بين دولتين مركزيتين في الخليج، إذ يضيف مستوى جديدا من التعاون العابر للحدود، ويمنح الفضاء الخليجي إمكانيات تنموية تعتمد على شبكات نقل عالية الكفاءة. ومع توقع اكتماله خلال ست سنوات، يصبح المشروع نموذجا عمليا لما يمكن تحقيقه حين تُبنى العلاقات على رؤية مشتركة وعمل مؤسسي متواصل. كما يمثّل الربط بين مطار حمد الدولي في الدوحة ومطار الملك سلمان الدولي في الرياض نقلة نوعية في حركة السفر والأعمال بين البلدين. إذ سيوفر مسارا مباشرا وواسع التأثير في السياحة والقطاع اللوجستي، وسيساهم في تطوير منظومة نقل حديثة تزيد من تنافسية المنطقة. كما يتيح المشروع دعما إضافيا للمناطق التي يمر بها، من خلال تحفيز الاستثمار، وتنشيط الحركة التجارية، ورفع مستوى الترابط بين المدن الخليجية. اقتصاد رقمي وصناعة وأمن سيبراني… مسارات تعاون ترسم ملامح الغد وكشف البيان المشترك الصادر عقب الزيارة عن مجموعة واسعة من مجالات التعاون التي ستتوسع خلال المرحلة المقبلة. ويأتي في مقدمتها الاقتصاد الرقمي، الذي يشهد نموا متسارعا في البلدين بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية التقنية والذكاء الاصطناعي وتطبيقات المدن الذكية. ويُتوقع أن يسهم تعزيز هذا التعاون في خلق بيئة مشتركة للشركات الناشئة، وتطوير حلول مبتكرة تدعم التحول الرقمي، وتتيح فرصا كبيرة في مجال التقنية المالية والخدمات السحابية. وفي جانب الصناعة والتعدين، يبرز التعاون الثنائي باعتباره خطوة مهمة نحو بناء منظومة صناعية إقليمية تستفيد من الموارد الطبيعية، والخبرات المتراكمة، والاستثمارات في الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة. كما يشكل قطاع التعدين مساحة واعدة للتكامل، مع تزايد الطلب العالمي على المعادن المرتبطة بالصناعات الحديثة، وخاصة بطاريات السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة. ويحضر الابتكار في صلب هذه الشراكات، إذ يشكل الاستثمار في الاختراع والتطوير أحد أعمدة الاقتصاد العالمي في العقد المقبل. ومن خلال تبادل الخبرات ودعم مراكز الأبحاث وتطوير برامج مشتركة في الجامعات والمؤسسات العلمية، يمكن لكل من قطر والسعودية تعزيز موقعهما في اقتصاد المعرفة. ويتقدم الأمن السيبراني ضمن أولويات التعاون، باعتباره مجالا بالغ الحساسية في ظل تزايد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المؤسسات المالية والطاقة والبنى الحيوية. وقد أصبح بناء منظومات مشتركة لرصد التهديدات والتعامل معها مطلبا أساسيا لحماية الأمن الوطني والاقتصادي. ويعكس التركيز على هذا الملف إدراكا متناميا لحاجة المنطقة إلى قدرات سيبرانية متقدمة. وفي القطاعات الثقافية والرياضية والشبابية، يتوسع التعاون نحو برامج تسعى لبناء مجتمع واع ومهارات بشرية قادرة على قيادة التحولات المقبلة. أما الإعلام فيحظى باهتمام خاص، نظرا لدوره الحيوي في بناء الوعي الإقليمي وتوجيه الرأي العام، وتطوير الشراكات الإعلامية يسهم في تعزيز الصورة الدولية للبلدين وإطلاق مبادرات جديدة في إنتاج المحتوى وتطوير المنصات. أما الأمن الغذائي فيحظى باهتمام متزايد عالميا، ومع التحولات التي تشهدها سلاسل الإمداد، يصبح التعاون الخليجي أحد أكثر الأدوات فاعلية لضمان الاستدامة وتعزيز الإنتاج المشترك. كما يفتح القطاع غير الربحي مساحة واسعة للتنمية الاجتماعية والمبادرات المجتمعية التي تدعم الاستقرار وتعزز التماسك الاجتماعي. ما وراء الزيارة… قراءة في السياق الإقليمي ورؤية المستقبل تعكس الزيارة انتقال العلاقات القطرية–السعودية إلى مستوى جديد من النضج السياسي، حيث تتحرك الشراكات وفق منطق استراتيجي متكامل، وتستند إلى آليات تنفيذ تواكب حجم الطموحات في البلدين. ويظهر هذا النضج في توافق الطرفين على تطوير الشراكة الدفاعية والأمنية، بما يعزز قدرة الخليج على التعامل مع التحديات التي تفرضها البيئة الدولية. وتكشف الزيارة أيضا عن تحول في طبيعة العمل الخليجي المشترك، حيث تتقدم المشاريع العابرة للحدود كأداة أساسية لزيادة التنافسية وتعزيز الاندماج الاقتصادي. فالاتفاقية الخاصة بالقطار السريع تمثل نموذجا واضحا لتحول نوعي في البنية الاقتصادية للمنطقة، وتؤكد أن الخليج يتجه نحو شبكة مترابطة من الموانئ والمطارات والسكك الحديدية، الأمر الذي يعزز مكانته كممر اقتصادي عالمي. ويتزامن هذا الحراك مع رغبة متنامية لدى دول الخليج في بناء توازنات جديدة في الاقتصاد العالمي، وتطوير أدوات تعاون قادرة على حماية المصالح الوطنية، وتوجيه الاستثمارات نحو قطاعات المستقبل. ومع توسع الشراكات في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة والصناعة، يتشكل نموذج جديد للتعاون لا يعتمد على ردود الفعل، وإنما على التخطيط المسبق واختيار المشاريع ذات الأثر العميق. وتبدو المرحلة المقبلة مرشحة لمزيد من التقدم في العمل الثنائي، خاصة في ظل انسجام الرؤى الاقتصادية، وتوافر الإرادة السياسية، وتزايد الحاجة إلى مبادرات استراتيجية تُعيد تشكيل دور الخليج في السياسة والاقتصاد الدوليين. ومن خلال المشاريع المشتركة التي أطلقتها هذه الزيارة، يتجه البلدان نحو علاقة أكثر رسوخا، تستند إلى المصالح المتبادلة، وتستشرف مستقبلا مليئا بالفرص التنموية الكبرى. @FalehalhajeriQa
انطلقت، أمس، أعمال منتدى الدوحة 2025 وسط حضور رفيع، تقدّمه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيث شكّل وجود سموه في افتتاح الفعاليات علامة على الاهتمام الذي توليه الدولة...
هناك لحظات في التاريخ يصبح فيها التفكير أهم من البناء، والفكرة أهم من المساحة، والعقل أهم من القوة المادية. في مثل هذه اللحظات يتضح أن الدول التي تملك عقلا منظما ورؤية فكرية واضحة تستطيع أن...
شهدت الدبلوماسية القطرية خلال الأيام الماضية محطة جديدة تعكس حضور دولة قطر في قلب التحولات الإقليمية والدولية، عبر الجولة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى...
في الخامس عشر من نوفمبر 2025، شهدت الدوحة محطة جديدة في سجل الوساطة القطرية مع توقيع «اتفاق الدوحة الإطاري للسلام» بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو، المعروف بحركة الثالث والعشرين من مارس «...
افتُتِحت الدورة الحادية والعشرون من منتدى التعاون بين كوريا والشرق الأوسط تحت شعار «شراكة من أجل السلام والازدهار»، في حدث بدت ملامحه أبعد من تقويم مؤسسي معتاد.جاء المنتدى منظَّما من مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية...
في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي تحتضنها الدوحة، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كلمة شكلت حدثا في حد ذاتها، لما حملته من رؤية شاملة تتجاوز المألوف...
يشهد العالم تحولا غير مسبوق في طبيعة المخاطر التي يواجهها الصحفيون داخل مناطق النزاعات. لم تعد التهديدات مرتبطة بالصدفة أو بخطأ في حسابات الميدان، وإنما أصبحت جزءا من استراتيجية تسعى إلى التحكم بالرواية وإدارة الذاكرة....
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...
في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....
حدثان مهمان يحملان الكثير من الدلالات وسيكون لهما العديد من الانعكاسات على أمن المنطقة، الأول توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أمرا تنفيذيا تعهد فيه بضمان أمن دولة قطر، بما في ذلك استخدام القوة...