


عدد المقالات 208
انطلقت، أمس، أعمال منتدى الدوحة 2025 وسط حضور رفيع، تقدّمه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيث شكّل وجود سموه في افتتاح الفعاليات علامة على الاهتمام الذي توليه الدولة لهذا الحدث الدولي، الذي أصبح محطة سنوية يجتمع فيها قادة الفكر والسياسة والاقتصاد من مختلف أنحاء العالم.حضور صاحب السمو حمل أيضاً دلالة واضحة على دعم القيادة القطرية لمسار المنتدى، وتعزيز دوره باعتباره فضاءً يُبحث فيه مستقبل التعاون العالمي في زمن تتعاظم فيه التحديات المشتركة، وقد أعطى حضور سموه كذلك وزناً سياسياً للجلسات الافتتاحية، وأسهم في إبراز مكانة المنتدى كمنصة تفاعلية تُطرح فيها قضايا تتجاوز حدود النقاش التقليدي. ومع الشعار الذي حملته النسخة الحالية، «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى الواقع الملموس»، بدا أن المنتدى يتجه نحو مرحلة جديدة تُعلي من قيمة العمل المشترك، وتدفع بالنقاشات نحو مقترحات قابلة للتطبيق؛ كما يعكس مشهد المنتدى انتقاله إلى مرحلة جديدة من التأثير الدولي. وظهور ملامح رؤية سياسية ترى أن الحوار لم يعد كافياً في عالم تتسارع فيه الأزمات. العدالة، مثلما أشار صاحب السمو، تتحول إلى ممارسة، والمنتدى ليس مساحة للنقاش فقط، وإنما فضاء يمكن أن تنشأ فيه إستراتيجيات تسهم في حماية الاستقرار العالمي. المنتدى جزء من أدوات سياسة الدوحة الخارجية ولا شك أن الدولة التي نجحت خلال سنوات قليلة في لعب أدوار وساطة إقليمية ودولية، لم تعد تنظر إلى المنتدى كحدث سنوي، وإنما كجزء من أدوات سياستها الخارجية. وقد حمل شعار المنتدى رسالة تتجاوز المعايير التقليدية في المؤتمرات الدولية، إذ يربط بين العدالة والقدرة على التنفيذ، ويرى أن العالم يحتاج إلى شراكات تتجاوز الخطاب نحو إجراءات عملية تعالج جذور الأزمات. وتعكس كلمات افتتاح المنتدى إدراكاً عميقاً لحقيقة أن النظام الدولي يعيش حالة اضطراب، وأن إعادة بناء الثقة تتطلب حضوراً سياسياً واعياً يوظف قدرته على التواصل والتنسيق من أجل خلق مساحات مشتركة بين القوى الدولية. وهنا يبرز الدور القطري، القائم على سياسة الانفتاح والحوار المتوازن، التي جعلت من الدوحة نقطة تلاقٍ فريدة بين الشرق والغرب. جلسات اليوم الأول انتقلت مباشرة نحو ملفات ذات طبيعة حساسة، من الحرب في غزة إلى مستقبل الطاقة، ومن التحولات التكنولوجية إلى التحديات الاقتصادية. هذا التنظيم يعكس رغبة قطر في استخدام المنتدى كأداة للتأثير في المواقف الدولية، وتوجيه النقاش العالمي نحو مسارات أكثر عملية. شخصيات عالمية تُشيد بسعي قطر لصياغة نموذج دولي جديد تميّزت نسخة هذا العام بحضور شخصيات تُعد من الأعمدة الفكرية والسياسية والاقتصادية في العالم. وقد شكّل هذا الحضور فرصة لإبراز مكانة قطر المتنامية بوصفها دولة مؤثرة في صياغة السياسات الدولية. ومن بين هؤلاء الشخصيات، برز بيل غيتس، الذي رأى في المنتدى نموذجاً لدولة تدرك أهمية ربط المعرفة بالعمل. وقد أشار خلال إحدى الجلسات إلى أن قطر استطاعت أن تجمع بين الاستثمار في الإنسان والاستثمار في التكنولوجيا، وأن هذا الجمع يسهم في بناء مستقبل أكثر استقراراً للدول. وأكد غيتس أن المبادرات القطرية في مجالات الصحة والتعليم والتنمية أصبحت تُحدث أثراً ملموساً في المجتمعات المحتاجة، وأن الدولة تمثل نموذجاً للدول التي تستخدم مواردها بطريقة مسؤولة. وقد شدد على أن العالم يحتاج إلى دول قادرة على خلق توازنات في زمن تتزايد فيه الفجوات الاقتصادية والمعرفية، ورأى أن المنتدى يمنح فرصة لتوسيع التعاون بين المؤسسات التقنية والمؤسسات الحكومية. ومن بين الشخصيات التي تناولت دور قطر أيضا رئيس غانا السابق جون دراماني ماهاما، الذي أشاد بـ«قدرة قطر على الحفاظ على علاقات متوازنة مع أطراف متباينة، واستخدام هذا التوازن في دعم جهود التنمية في إفريقيا». وأكد أن الدوحة أصبحت شريكاً موثوقاً في القضايا المتعلقة بالأمن الغذائي والاقتصادي، وأن المنتدى يعزّز فرص بناء شراكات جديدة بين إفريقيا والمنطقة الخليجية. كما تناول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مداخلة مسجلة، دور قطر في دعم عمليات الوساطة وتعزيز قيم العدالة في المنطقة. وقد عبّر عن تقديره لالتزام الدولة بالعمل الإنساني، وأشار إلى أن العالم يحتاج في هذه المرحلة إلى منصات قادرة على ربط الفاعلين الدوليين بطرق تتجاوز الخطاب السياسي التقليدي. إلى جانب هذه الشخصيات، تحدثت قيادات من البنك الدولي ومراكز الفكر العالمية عن الدوحة باعتبارها بيئة مناسبة لصياغة مبادرات مشتركة، خصوصاً في مجالات الطاقة المستدامة، وإدارة الموارد، والحوكمة الرقمية. وقد اتفق معظمهم على أن المنتدى نجح في خلق مساحة حوارية لا تقوم على الاستعراض، وإنما على إنتاج أفكار قابلة للتطوير والتنفيذ. قضايا المنتدى.. مقاربات جديدة لعالم يبحث عن معادلات مختلفة اتسعت أجندة المنتدى لتشمل قضايا تشكل العمود الفقري للسياسات الدولية اليوم. وكانت الجلسات الأكثر كثافة تلك التي تناولت مستقبل الأمن الدولي، وأثر التكنولوجيا على العمل السياسي، وسبل إدارة الصراعات الممتدة، إضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول الصغيرة والمتوسطة. في موضوع الحرب في غزة، شهد المنتدى نقاشات معمقة حول سُبل حماية المدنيين، وإمكانية إعادة تشكيل العملية السياسية في ضوء التوتر الإقليمي، ودور القوى الكبرى في توفير ضمانات للتهدئة. وقد شدد عدد من المشاركين على أن قطر تمتلك خبرة مهمة في الوساطة، وأن هذه الخبرة يمكن البناء عليها لإيجاد مسارات أكثر استدامة. أما في ملف الاقتصاد العالمي، فركزت الجلسات على مستقبل التجارة الدولية، والضغوط التي تواجه سلاسل التوريد، والفرص التي يمكن أن تستفيد منها الدول التي تقوم على اقتصاد المعرفة. وقد تناول خبراء الطاقة التحول العالمي نحو مصادر نظيفة، وأشاروا إلى أن المنطقة العربية تمتلك إمكانات واسعة في مجال الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر. وفي مجال الذكاء الاصطناعي، كانت النقاشات غنية بالتحذيرات والفرص في آن واحد. فقد تناولت الجلسات أثر هذه التكنولوجيا على الإعلام وصناعة الرأي العام، ودورها في دعم الحوكمة الرقمية، إضافة إلى المخاطر المتعلقة بتضليل المعلومات. وقد برزت مقاربة جديدة داخل المنتدى تربط بين التقنية والعدالة، وترى أن التكنولوجيا يمكن أن تصبح أداة لتعزيز الشفافية والإنصاف، شرط أن تُستخدم بطريقة مسؤولة. كما احتلت قضايا العدالة الاجتماعية والتنمية مساحة واسعة من النقاش. فقد تناولت الجلسات تجارب ناجحة في تقليص الفوارق بين الفئات الاجتماعية، ومبادرات تتعلق بتعليم الفتيات، وتمويل المشروعات الصغيرة، وتنظيم أسواق العمل. وأكد المشاركون أن التنمية المتوازنة ليست خياراً، وإنما ضرورة لحماية السلم الاجتماعي. أبرز ما ميز نقاشات المنتدى هو تجاوزها للمقاربات التقليدية. فقد ركّز معظم المتحدثين على أن العالم يحتاج إلى سياسات جديدة تنطلق من واقع معقد لا يمكن تبسيطه بخطابات عمومية. وهذا التوجه يعكس إدراكاً بأن العدالة لا تتحقق بالوعظ السياسي، وإنما عبر آليات تُستخدم داخل الدول، وتؤثر في حياة الناس بصورة مباشرة. آفاق المنتدى.. قطر في موقع الشريك العالمي لا المضيف فقط مع نهاية جلسات منتدى الدوحة 2025، اتضحت معالم مرحلة جديدة في دور قطر داخل النظام الدولي. فقد أصبح المنتدى منصة تعمل فيها الدولة كوسيط فكري وسياسي واقتصادي في آن واحد. وهذا الدور لا يقتصر على استضافة القضايا، وإنما يتعداها إلى الإسهام في صياغة حلول لها. تسعى قطر من خلال هذا المنتدى إلى بناء شبكة تعاون واسعة تضم دولاً كبرى ومؤسسات دولية وخبراء ومراكز أبحاث. هذا النموذج يُظهر قدرة الدولة على الجمع بين المعرفة والعمل، وعلى تحويل الحوار إلى مبادرات ملموسة. وقد أشار العديد من المشاركين إلى أن المنتدى يُعد مثالاً لدولة صغيرة الحجم نسبياً، إلا أن تأثيرها السياسي والاقتصادي يتجاوز مساحتها بفضل استثمارها الواعي في الدبلوماسية والتنمية. ومن المتوقّع أن تنشأ خلال الفترة المقبلة مجموعة مبادرات جديدة نتيجة النقاشات التي جرت خلال المنتدى، سواء في مجال الطاقة أو الصحة أو التعليم أو التكنولوجيا. كما أن الشراكات التي بدأت ملامحها خلال الجلسات قد تتحول إلى مشاريع تشمل تمويل برامج تنموية في إفريقيا وآسيا، إضافة إلى دعم حلول تقنية في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوكمة الرقمية. يشكّل المنتدى، بهذا المعنى، خطوة تضع قطر في موقع الدولة التي تسهم في صناعة التوازنات الدولية، وتقدم نفسها كفاعل مسؤول يملك رؤية واقعية للتعامل مع أزمات العصر. وهو موقع يعزز من حضور الدولة في الساحات الإقليمية والدولية، ويمنحها قدرة على المشاركة في صياغة مستقبل النظام العالمي. وفي المحصلة، يُظهر منتدى الدوحة 2025 أن الدولة لم تعد تنظر إلى الحوار بوصفه نهاية بحد ذاته، وإنما باعتباره خطوة أولى في سلسلة إجراءات تعبّر عن إرادة سياسية تتجه نحو العمل. ومع استمرار هذا النهج، يرسخ المنتدى مكانته كمنصة عالمية تحوّل العدالة من مفهوم إلى ممارسة، وتدفع بالدول نحو التعاون في عالم يتغير بسرعة. @FalehalhajeriQa
شهدت العاصمة الرياض، أمس الإثنين، انعقاد الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق القطري–السعودي برئاسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل...
هناك لحظات في التاريخ يصبح فيها التفكير أهم من البناء، والفكرة أهم من المساحة، والعقل أهم من القوة المادية. في مثل هذه اللحظات يتضح أن الدول التي تملك عقلا منظما ورؤية فكرية واضحة تستطيع أن...
شهدت الدبلوماسية القطرية خلال الأيام الماضية محطة جديدة تعكس حضور دولة قطر في قلب التحولات الإقليمية والدولية، عبر الجولة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى...
في الخامس عشر من نوفمبر 2025، شهدت الدوحة محطة جديدة في سجل الوساطة القطرية مع توقيع «اتفاق الدوحة الإطاري للسلام» بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو، المعروف بحركة الثالث والعشرين من مارس «...
افتُتِحت الدورة الحادية والعشرون من منتدى التعاون بين كوريا والشرق الأوسط تحت شعار «شراكة من أجل السلام والازدهار»، في حدث بدت ملامحه أبعد من تقويم مؤسسي معتاد.جاء المنتدى منظَّما من مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية...
في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي تحتضنها الدوحة، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كلمة شكلت حدثا في حد ذاتها، لما حملته من رؤية شاملة تتجاوز المألوف...
يشهد العالم تحولا غير مسبوق في طبيعة المخاطر التي يواجهها الصحفيون داخل مناطق النزاعات. لم تعد التهديدات مرتبطة بالصدفة أو بخطأ في حسابات الميدان، وإنما أصبحت جزءا من استراتيجية تسعى إلى التحكم بالرواية وإدارة الذاكرة....
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...
في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....
حدثان مهمان يحملان الكثير من الدلالات وسيكون لهما العديد من الانعكاسات على أمن المنطقة، الأول توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أمرا تنفيذيا تعهد فيه بضمان أمن دولة قطر، بما في ذلك استخدام القوة...