alsharq

فالح بن حسين الهاجري - رئيس التحرير

عدد المقالات 208

المستشار عبدالله بن محمد آل الشيخ 10 ديسمبر 2025
قطار المستقبل الخليجي
علي حسين عبدالله 13 ديسمبر 2025
المنطق يفرض نفسه
عبد الكريم البليخ ـ النمسا 10 ديسمبر 2025
تحليل بروح مختلفة
رأي العرب 12 ديسمبر 2025
درب الساعي.. أيقونة متجددة

قطر وبناء العقل: منظومة تقود الدولة نحو المستقبل.. حين تتحول المعرفة إلى مشروع وطني

30 نوفمبر 2025 , 01:00ص

هناك لحظات في التاريخ يصبح فيها التفكير أهم من البناء، والفكرة أهم من المساحة، والعقل أهم من القوة المادية. في مثل هذه اللحظات يتضح أن الدول التي تملك عقلا منظما ورؤية فكرية واضحة تستطيع أن تصنع لنفسها مكانا في عالم تتغير خرائطه كل يوم. هكذا فهم المفكرون الكبار طبيعة النهضة: مالك بن نبي حين أشار إلى أن المجتمعات تُقاس بقدرتها على إنتاج الأفكار التي تحركها، وعبد الوهاب المسيري حين اعتبر أن غياب الإطار المعرفي يجعل الأمة عاجزة عن تفسير واقعها، والجابري حين تحدث عن ضرورة بناء “العقل التاريخي” الذي يمنح الدولة القدرة على استيعاب حاضرها من دون الوقوع في أسر اللحظة. وإذا كانت الفكرة هي الطلقة الأولى في مسار التحولات الكبرى، فإن قطر خلال العقدين الماضيين قررت أن تجعلها العمود الفقري لمشروعها الوطني. اختارت الدولة أن تدخل المستقبل عبر بوابة العقل؛ لا بوصفه جهازا أكاديميا منعزلا، وإنما منظومة تتداخل فيها السياسة والتعليم والبحث والإعلام والابتكار الرقمي. واللافت في هذه التجربة أنها لم تتشكل عبر قرار واحد، وإنما تراكمت عبر سلسلة من المؤسسات والمبادرات التي تتعاضد لتشكيل ما يشبه “العقل الجمعي للدولة”. هذا التحول الفكري لا يمكن فهمه خارج سياق التحولات العالمية المتسارعة التي جعلت من المعرفة ركيزة استراتيجية. فالعلاقات الدولية تغيّرت، والاقتصاد العالمي تغيّر، والبنية التكنولوجية للعالم أصبحت أكثر تعقيدا، مما يجعل الاعتماد على الحدس أو رد الفعل مغامرة غير محسوبة. لذلك يبدو أن دولة قطر تحاول بناء نموذج جديد للدولة الحديثة في المنطقة: دولة تعتمد على المعرفة كخط دفاع أول، وكأداة لإدارة المستقبل، وكمنصة للتخطيط السياسي والاقتصادي والإعلامي. هذا المسار لا يتجسد في فكرة مجردة، وإنما في مؤسسات تتفاعل مع الأحداث والناس والواقع. ولهذا تُستخدم المعرفة في قطر لصناعة القرار. فالدولة تستثمر في كل ما يجعل العقل حاضرا: معاهد، مؤتمرات، منصات للحوار، مراكز بحث، إعلام مهني، مؤسسات رقمية… وكل ذلك عبر رؤية تؤمن أن الفكرة ليست مجرد أثر فكري، وإنما جزء من هندسة الدولة الحديثة. قطر ورحلة بناء منظومة معرفية تتجاوز حدود القطاعات حين نتتبع مسار التطور المعرفي في قطر، لا نرى مبادرات متفرقة، بل شبكة تتداخل فيها الخطوط بطريقة تُشبه بناء مدينة فكرية متكاملة. المدن تُشيَّد بالحجارة، أما الدول التي تبحث عن مستقبل طويل الأمد فتُشيَّد بالعقول. ولهذا يتقدم التعليم في رؤية الدولة خطوة بعد خطوة. المدينة التعليمية بجامعاتها العالمية أصبحت أكثر من حاضنة علمية؛ إنها مختبر لإنتاج الإنسان القادر على التفكير والتحليل وقراءة العالم. وهذا المختبر يغذي سمعة قطر الدولية بوصفها بيئة تجذب العقول لا المهارات فحسب. وفي قمة هذا البناء يبرز منتدى الدوحة، الذي تحوّل من مؤتمر سنوي إلى منصة سياسية عالمية تُناقش فيها قضايا الأمن والتنمية والحوكمة الدولية. المنتدى ليس مكانا تتجاور فيه التصريحات الرسمية، وإنما مساحة تُطرح فيها الأسئلة الكبرى التي تحتاجها المنطقة والعالم. حضور رؤساء دول ومسؤولين وخبراء فكر في منبر واحد يعكس حجم الثقة التي اكتسبتها الدوحة باعتبارها مركزا للحوار الدولي. هنا تتجلى المعرفة بصورتها العملية؛ إذ تتحول النقاشات إلى مؤشرات لفهم الاتجاهات العالمية، وتُترجم إلى سياسات وتقديرات يمكن للدولة توظيفها في دبلوماسيتها المتنامية. وإلى جانب المسار السياسي، يبرز مسار التعليم من خلال قمة وايز WISE، المبادرة التي أطلقتها مؤسسة قطر لتكون أحد أكبر المنتديات العالمية حول مستقبل التعليم. هذا المنتدى يُعطي للتعليم معنى جديدا؛ يربط بين المعرفة والتكنولوجيا، بين الاقتصاد والقيم، بين المدرسة والمجتمع. وفي كل دورة من دوراته يتولد وعيٌ بأن الاستثمار في التعليم ليس رفاهية اجتماعية، بل جزء من الأمن القومي لأي دولة تبحث عن موقع في عالم يعمل بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الفائقة. ثمّة رابط واضح بين منتدى الدوحة وWISE؛ كلاهما يشكلان جناحين للعقل الوطني. الأول يقرأ السياسة العالمية، والثاني يقرأ مستقبل الإنسان. وبينهما ترتسم خريطة مراكز البحث التي أصبحت جزءا أساسيا في القرار القطري، سواء في ملفات الطاقة أو الدبلوماسية أو الاقتصاد السياسي. وأكثر ما يلفت النظر أن هذا البناء المعرفي لم يبقَ محصورا في المؤسسات الحكومية أو الأكاديمية، وإنما توسع نحو الإعلام، الذي صار جزءا من صناعة الوعي القومي. اختيار الدوحة عاصمة للإعلام العربي لعام 2027 دليل على ثقة عربية متصاعدة بقدرة قطر على بناء إعلام جاد يعتمد على المعرفة والتحليل. هذا الاعتراف العربي لم يأت من فراغ، بل من تجربة طويلة بنت خلالها الدوحة مؤسسات إعلامية محترفة وقدمت محتوى يعكس رؤية متماسكة لدور الإعلام في المجتمع. هذه الخطوات مهدت الأرض لإطلاق الموسوعة الإعلامية على يد المؤسسة القطرية للإعلام، وهو مشروع طموح لا يهدف إلى التوثيق فحسب، بل يقدم إطارا معرفيا للإعلام العربي. الموسوعة محاولة جادة لبناء مرجع يضبط المفاهيم، ويرصد التحولات، ويقدم للباحثين والممارسين مادة علمية منظمة. بهذا الشكل يتحول الإعلام من وسيلة لعرض الأحداث إلى وسيلة لفهمها وتحليلها وتأطيرها فكريا. التحول الرقمي كامتداد منطقي للعقل الوطني المعرفة لا تكتمل دون بيئة رقمية قادرة على تحويلها إلى منتجات وخدمات، ولذلك تأتي استضافة قطر للنسخة الأولى من مؤتمرMWC25 الدوحة كجزء من منظومة التفكير العميق. فالتحول الرقمي لم يعد خيارا تكنولوجيا؛ إنه عنصر يحدد شكل الاقتصاد والعلاقات الدولية والمجتمع نفسه. وقد ظهرت صورة قطر بوضوح خلال أيام المؤتمر: دولة تُجيد صناعة التحول، وتعرف أين تضع قدمها في سباق التكنولوجيا. حضور الآلاف من الخبراء التنفيذيين، وعشرات الجلسات حول الذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية، والأمن السيبراني، والبنية الرقمية، وتحول الخدمات الحكومية، يُظهر أن قطر لا تستعد للتكنولوجيا بوصفها أدوات تقنية، وإنما كفضاء معرفي جديد. الجناح القطري داخل المؤتمر لم يكن معرضا تقليديا، بل نافذة تُعرض فيها مشاريع رقمية متقدمة من 17 جهة حكومية، تعكس حجم التطور الذي تشهده الدولة في مجال الهوية الرقمية، والخدمات المؤتمتة، والبيانات الضخمة، والتقنيات المرتبطة بالقطاع الحكومي. هذا التحول الرقمي يكمل ملامح المشهد المعرفي. فالمعرفة التي تُبنى في منتدى الدوحة وWISE ومراكز البحث تحتاج إلى منصة تنفيذية تجعلها قابلة للتطبيق. والتقنية توفر هذه المنصة: تترجم الرؤية إلى خدمات، والسياسة إلى أنظمة، والتعليم إلى مهارات، والإعلام إلى منصات، والبحث العلمي إلى خرائط رقمية لديناميات المجتمع. هكذا يصبح MWC25 جزءا من مشروع الدولة، لا حدثا عابرا. إنه إعلان عن تحول جذري تُعيد من خلاله قطر تعريف موقعها في الاقتصاد العالمي، وتؤكد أن المعرفة لم تعد فكرة مجردة، بل أصبحت مجالا جديدا من مجالات النفوذ. مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية: العقل التحليلي للدولة في وسط هذا البناء المتداخل، يتقدم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية بوصفه الضلع الفكري الأكثر مباشرة في خدمة صانع القرار. المجلس يقدم رؤية تحليلية تستند إلى منهج علمي، ويتابع التحولات الإقليمية والدولية، ويقدم أوراق سياسات حول الأمن الإقليمي، والطاقة، والتحولات الاقتصادية، والعلاقات الدولية والثقافية. وهو بذلك يقدّم للدولة منصة تفكك الأحداث وتعيد تركيبها داخل سياق أوسع. تعيين الدكتور خالد الجابر مديرا للمجلس مثّل خطوة استراتيجية في تطوير دوره. الجابر يمتلك خبرة واسعة تمتد عبر الإعلام والثقافة والبحث الأكاديمي وإدارة المؤسسات، وهذا المزيج يمنحه قدرة على رفع تأثير المجلس وتوسيع دائرة شراكاته. خبرته في الاتصال السياسي والإعلام إضافة قيمة؛ فهو قادر على نقل الفكرة البحثية من الورقة الأكاديمية إلى خطاب عام مؤثر. المجلس، بوجود هذه القيادة، يتحول إلى غرفة تفكير وطنية تدرس مستقبل المنطقة ومساراتها، وتعمل كمرصد يتابع التحولات التي تؤثر في قطر ومحيطها. وهذه الوظيفة تمنح الدولة قدرة على التحرك وفق قراءة دقيقة لا وفق استجابة ظرفية. نحو عقل عربي جديد يبدأ من الدوحة حين ننظر إلى الصورة الكبرى — منتدى الدوحة، WISE، اختيار الدوحة عاصمة للإعلام العربي، الموسوعة الإعلامية، مؤتمرMWC25، مجلس الشرق الأوسط، — نرى مسارا واحدا: قطر تبني عقلا استراتيجيا جديدا. هذا العقل لا يُصنع في قاعة واحدة، ولا في قطاع واحد، بل في منظومة كاملة تتداخل فيها المعرفة السياسية مع التعليمية، والإعلامية مع الرقمية، والبحثية مع الدبلوماسية. والنتيجة دولة تُعيد تعريف معرفتها بذاتها، وتُعيد تعريف مكانتها في العالم. إنها تجربة تقول إن المعرفة ليست إطارا نظريا، وإنما مشروع دولة. مشروع يحدد مسار المستقبل، ويصنع مساحات النفوذ، ويرسم صورة وطن لا يتوقف عند حدود جغرافيته، بل يتقدم نحو آفاقه الفكرية. الدول تصعد بخياراتها، وقطر اختارت أن تصعد بعقلها. وهذه قصة عربية تستحق أن تُروى.

قطر والسعودية.. شراكة تُعيد رسم مستقبل الخليج

شهدت العاصمة الرياض، أمس الإثنين، انعقاد الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق القطري–السعودي برئاسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل...

منتدى الدوحة 2025.. منصة عالمية تنتقل بالعدالة من المفهوم إلى التنفيذ

انطلقت، أمس، أعمال منتدى الدوحة 2025 وسط حضور رفيع، تقدّمه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيث شكّل وجود سموه في افتتاح الفعاليات علامة على الاهتمام الذي توليه الدولة...

تتقدم قطر إلى واجهة المشهد الدولي.. جولة صاحب السمو تفتح حقبة جديدة في إفريقيا والعالم

شهدت الدبلوماسية القطرية خلال الأيام الماضية محطة جديدة تعكس حضور دولة قطر في قلب التحولات الإقليمية والدولية، عبر الجولة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى...

من ساحات شمال كيفو إلى الدوحة.. إنهاء سنوات من التوتر بين الكونغو الديمقراطية و «M23»: رحلة وساطة قطرية تنشر السلام في قلب القارة السمراء

في الخامس عشر من نوفمبر 2025، شهدت الدوحة محطة جديدة في سجل الوساطة القطرية مع توقيع «اتفاق الدوحة الإطاري للسلام» بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو، المعروف بحركة الثالث والعشرين من مارس «...

شراكة تتقدم نحو التنفيذ.. الدوحة تفتح مرحلة جديدة في التعاون مع كوريا

افتُتِحت الدورة الحادية والعشرون من منتدى التعاون بين كوريا والشرق الأوسط تحت شعار «شراكة من أجل السلام والازدهار»، في حدث بدت ملامحه أبعد من تقويم مؤسسي معتاد.جاء المنتدى منظَّما من مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية...

كلمة صاحب السمو أمام القمة العالمية تحمل رؤية شاملة.. التنمية الاجتماعية لا يمكن فصلها عن العدالة الإنسانية

في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي تحتضنها الدوحة، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كلمة شكلت حدثا في حد ذاتها، لما حملته من رؤية شاملة تتجاوز المألوف...

المعلومة تحت النار .. إسكات الصحفي لن يوقف القصة

يشهد العالم تحولا غير مسبوق في طبيعة المخاطر التي يواجهها الصحفيون داخل مناطق النزاعات. لم تعد التهديدات مرتبطة بالصدفة أو بخطأ في حسابات الميدان، وإنما أصبحت جزءا من استراتيجية تسعى إلى التحكم بالرواية وإدارة الذاكرة....

خطاب صاحب السمو في مجلس الشورى.. خطة عمل وطنية متكاملة

افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...

صاحب السمو رجل السلام.. قطر تصنع الأمل.. من أول «الطوفان» إلى قمة شرم الشيخ

حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...

الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من الفساد (2025 – 2030): بناء منظومة حوكمة رشيدة تعزز الثقة بين المواطن والدولة

في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...

قطر وصناعة التوازن في الشرق الأوسط: من طوفان الأقصى.. إلى مبادرة ترامب

في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....

الدوحة وسيط دبلوماسي لا غنى عنه.. الاعتذار الإسرائيلي فرصة جديدة لإنهاء حرب غزة

حدثان مهمان يحملان الكثير من الدلالات وسيكون لهما العديد من الانعكاسات على أمن المنطقة، الأول توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أمرا تنفيذيا تعهد فيه بضمان أمن دولة قطر، بما في ذلك استخدام القوة...