alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 335

السلام

23 فبراير 2025 , 11:45م

«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، تحية طيبة نبادر بها من نعرف ومن لم نعرف، وهي سمة أهل الإيمان، ومن حسُنَتْ أخلاقهم، يتصدرها اسم الله «السلام» المشتق من السلم والسلامة الدال على ذاته العلية سبحانه. وهو من أشدّ الأسماء استغراقًا وإطلاقا في حياة المسلم، فالإسلام مشتق من مادة السلام، والمسلم كما عرفه النبي - صلى الله عليه وسلم - «من سلم المسلمون من لسانه ويده». وهذا من تجليات اسم السلام علينا؛ أن يكون حادينا الإشفاق، وحسن الأخلاق، وألا نجعل المسلمين مَفضى لشرورنا وأحقاد صدورنا، وألا نسعى بالمكائد، ولا نتصيد في أعراضهم، ولا في أخطائهم، وألا نسخر الأيدي والألسن في إيذائهم، وأن نكون عليهم بردًا وسلامًا. وكم هي عظيمة تلك التجليات والنفحات التي يكللنا ويجللنا بها هذا الاسم المبارك، وهو التحية التي حضَّ النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين عليها، فقال: «أَفشوا السلام بينكم»، وجعلها آية التواد والتراحم، ومفتاح التعاضد والتلاحم، ووشيجة القلوب للتآلف، وداعية الأرواح للتعارف، ودواء أدواء التباغض والتناكر، وعلاج القطيعة والتدابر. وإنّ من يتدبّر حقيقة السلام ومعناه اللغوي، سيجد أن ورود اسم السلام بصيغته المصدرية، يدلّ على استيعاب الوصف، فلا تفوت منه فائتة، ولا تفلت منه مفلتة. وشاء الله أن يصف نفسه بالسلام، ليطمئن العباد إلى صفات الذات التي يتعرف بها الخالق إلى خلقه، وأنهم في دنياهم في رعاية السلام، وفي أُخراهم صائرون إلى السلام، وهذا ما نحافظ عليه يوميًا في صلاتنا، فـ «الصلاة» نتحلل منها بالسلام، ثم نقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام». ومن تجليات اسم الله «السلام» علينا؛ أن نرد القبيح بالجميل، وأن نتحلى بالحِلم مع الجَهول، وندفع بالسيئة الحسنة، وألا يستجرنا الأفظاظ الأغلاظ إلى ساحة الطيش والتهور والجموح، فنكون وإياهم سواء في الرذيلة، فنفقد الرسالة ونضيع الفضيلة. والقرآن الكريم غاصٌّ بالمواضع التي تحض المسلم على خفض الجناح، وكسر الجماح، وأن يكون هينًا لينًا، وألا يقابل العداوة بالضراوة فيزيد الحدة والشدة، بل يدفع الحنق بالانشراح، والعدوان بالسماح، مسترشدًا باسم الله السلام. ومن الآيات الكريمات التي حملت لنا عبرة وعظة من خلال اسم الله «السلام»، قوله تعالى: «وَعِبادُ الرَّحْمنِ الذِينَ يَمْشوْنَ عَلى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلونَ قَالوا سَلَامًا»، فيقول الحسن في وصف عباد الرحمن الذين عرفوا اسم السلام ولزموه: «إنهم حلماء علماء صبراء أتقياء»، وقال مجاهد فيهم: «قالوا سدادًا». فعلينا جميعًا أن نقف عند اسم الله السلام وقفة تدبر والتزام، فالسلام هو الحلم، وهو العلم، وهو الصبر، وهو التقوى، وكذلك هو السداد والرشاد. جعلنا الله من أهل السلام، وحيّانا دائمًا بالسلام، وأغدق علينا بالسلام. @zainabalmahmoud

حضارة بامتياز

عرفت البشريةُ حضارات عديدة، وكان لكلِّ حضارةٍ نمطُ عيشٍ معيَّنٍ، يتلاءَمُ معَ طبيعةِ تفكيرها وإدارتها شؤونَ حياتها، وكان العُمرانُ ميزةً فارقةً للحضارات، تعبِّرُ من خلالِهِ عن مدى رُقِيِّها ونُضْجِها، ومدَّةَ عيشِها وقوَّتِها، وامتدادِها، وعناصرَ أخرى...

إعجاز السمع

إنّ من أعظم جوانب إعجاز الله في أسمائه، إعجازه في اسمه السميع الذي اقترن غالبًا، بالعليم، ثم بالبصير، ثم بالقريب، وفي كل مكان اقترن بالعليم جاء مقدّمًا عليه، وهو أشد وقعًا، وأسرع نفعًا في التحقق...

له المجد

كثيرًا ما نسمع بمفردة المجد، وكثيرًا ما نطلقها في ميادين التعظيم والاعتزاز بالنفس، وبلوغ الغاية في الشرف والسؤدد، فهل عرفنا منبعها ومصدرها وأصلها في اللغة والسياقات المختلفة؟ إن مفردة المجد مشتقة من اسم الله «المجيد»...

تذوّق الجمال

لا يتذوق الجمال إلا من اكتملت أركان الإنسانية في قلبه وروحه، وعرف أنّ خلف هذا الجمال مبدعا عظيما. وهناك انسجام تامّ بين فطرة الله التي فطر الناس عليها وعناصر الجمال التي هيأها الله لآدم وذريته،...

حجابه النور...

ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...

بصر وبصيرة

ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...

ربُّ القوافي

قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...