


عدد المقالات 335
لكل منّا خصوصية حسنة يستأثر بها نفسه، ويصونها عن عيون الناس وأسماعهم، وبعضنا له خلوة مع الله يسترها طلبًا للأجر العظيم، ولكن بين هذين الأمرين قد يظهر خوف من كشف مستور، أو فضح مكنون، يجعلنا نستحضر اسم الله الستّير في دعائنا فورًا، طلبًا لنجدته جلّ في علاه بالستر والحفظ والصون، وما أعظم تلك النفوس التي تلجأ إلى الله! وما أفقر تلك النفوس التي أقفرت من اسم الله! وأفقدها الشيطان ووساوس النفس ذلك الشعور العظيم الذي تكون نتيجته الأمان من كل سوء، والحفظ من كل شرّ. عند مدارسة اسم الله «الستّير» الذي هو من صفات الكمال الربانية، نكون عرضة لقضية من أمهات القضايا التي تمس السلم الاجتماعي، وليس سهلًا في خرقها الرتق، وليست سهلة التحاشي بعد التراخي والتفشي، وقد نص القرآن الكريم، وسنة صاحب الخلق العظيم على الزجر الشديد والضرب بيد من حديد على دعاة انتهاك حماها المكين وحصنها الحصين. فقال جلّ جلاله: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون).(الأعراف: 27). وقد استنبط العلماء من هذه الآية أمرًا مهمًا، مفاده أن الفخ الأكبر الذي نصبه إبليس الرجيم لسلالة آدم منذ بدء التكوين، هو هتك الحياء، وتبرج النساء، وكشف العورة، وافتراس الغيرة، فمنذ أن اقتادهما إلى هاوية الغرور وأوردهما المعصية، أخرجهما من دار الحبور، لينزع عنهما اللباس الذي كان لهما وقاء من ظهور العورة البواح، وسترًا من الافتضاح، فحرص إبليس أن يريهما السوءات التي لم يرياها في الجنات. وفي هذه الآية، أيضًا، إلماحٌ، بل تصريحٌ وإيضاحٌ، مفاده أنّ الطريقة المثلى، والخطة الأدهى لإبليس تقوم على نشر الغواية والتصدي للهداية، فهي بالنسبة إليه سبيل الشهوات، وإماطة الستر عن العورات، وانتشار الكاسيات العاريات، وتعشيش الإباحية والانحرافات. نعم، هذه خطة إبليس، فماذا عن الدستور الإلهي الناظم لحياة العباد، الرادع للفساد والإفساد؟ إنّ لله تعالى قوانين ودساتير كثيرة، في كل شاردة وواردة من شؤون حياتنا، ويصدق ذلك قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ، وهناك في مجال الستر وحفظ الحياء، نصوص كثيرة من الكتاب العزيز، فيقول تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب شديد في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون). (النور: 19)، نزلت هذه الآية تبرئة للصدِّيقة بنتِ الصديق، أمّنا عائشة رضي الله عنها، فقد برّأها الله من إفك كلِّ أفّاكٍ أثيم، خاض في أمر يحسبه هينًا وهو عند الله عظيم، ثم جاءت هذه الآية الكريمة دواء لأصحاب النفوس المولعة بتلقط روائح الفضائح وإخبارها للغادي والرائح، ونبه خلالها ربنا جلَّ وعلا مَن يسهم في إشاعة الفاحشة في المؤمنين بعذابين في الدارين، لما يسهم فيه من نقضان العرى، وانحلال الأواصر، وشيوع الخنا، كما أنه يسهم في استساغة المعصية، فإذا كان المجتمع ستّيرًا محافظًا على حشمته، استوحش صاحب الذنب، فربما تاب لربه في عزلته وخلوته. وأما كثرة الحديث، والنشر عن انتشار الفاحشة، والفجور، وتعاطي الخمور، وعظائم الأمور، فمن شأنه أن يخفف الوحشة منها، ويزيد الإقبال عليها، وعدم الإجفال منها أو التوبة إلى الله منها. وأخيرًا أقول، علينا جميعًا التزام اسم الله الستّير المجاور لصفته الحييّ، والعيش في رحابه، فالستر أخو الحياء، وكلاهما زينة في الرجال والنساء، ورحم الله من قال: يعيش المرء ما استحيى بخيرٍ ويبقـى العـــودُ ما بقي اللحاءُ @zainabalmahmoud
عرفت البشريةُ حضارات عديدة، وكان لكلِّ حضارةٍ نمطُ عيشٍ معيَّنٍ، يتلاءَمُ معَ طبيعةِ تفكيرها وإدارتها شؤونَ حياتها، وكان العُمرانُ ميزةً فارقةً للحضارات، تعبِّرُ من خلالِهِ عن مدى رُقِيِّها ونُضْجِها، ومدَّةَ عيشِها وقوَّتِها، وامتدادِها، وعناصرَ أخرى...
إنّ من أعظم جوانب إعجاز الله في أسمائه، إعجازه في اسمه السميع الذي اقترن غالبًا، بالعليم، ثم بالبصير، ثم بالقريب، وفي كل مكان اقترن بالعليم جاء مقدّمًا عليه، وهو أشد وقعًا، وأسرع نفعًا في التحقق...
كثيرًا ما نسمع بمفردة المجد، وكثيرًا ما نطلقها في ميادين التعظيم والاعتزاز بالنفس، وبلوغ الغاية في الشرف والسؤدد، فهل عرفنا منبعها ومصدرها وأصلها في اللغة والسياقات المختلفة؟ إن مفردة المجد مشتقة من اسم الله «المجيد»...
لا يتذوق الجمال إلا من اكتملت أركان الإنسانية في قلبه وروحه، وعرف أنّ خلف هذا الجمال مبدعا عظيما. وهناك انسجام تامّ بين فطرة الله التي فطر الناس عليها وعناصر الجمال التي هيأها الله لآدم وذريته،...
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...