


عدد المقالات 208
في مشهد ينذر بتحول نوعي في مسار العدوان الإسرائيلي الوحشي بالمنطقة، استهدفت صواريخ إسرائيلية مساء أمس الثلاثاء، «دوحة السلام»، لتُصيب مقرات سكنية يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، ممن كانوا منخرطين في مفاوضات حساسة تتعلق بوقف إطلاق النار في غزة. وأدى الاعتداء إلى استشهاد أحد عناصر قوة الأمن الداخلي «لخويا» وإصابة آخرين، في واقعة اعتبرها المراقبون سابقة خطيرة وتهديدا مباشرا لسيادة دولة قطر، وللدور الذي تلعبه كوسيط رئيسي في الملفات الإقليمية. ووسط إدانات عالمية وتضامن دولي واسع مع دولة قطر إزاء هذا الهجوم الغادر، كانت كلمات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، واضحة ومعبرة عن الموقف القطري، وذلك خلال الاتصال الهاتفي الذي تلقاه سموه مساء أمس، من فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ أكد الأمير المفدى أن «دولة قطر ستتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية أمنها والمحافظة على سيادتها، وستواصل نهجها البناء في الوقوف مع الأشقاء والأصدقاء ونصرة القضايا الإنسانية العادلة بما يوطد دعائم الأمن والسلم الدوليين». وشدد سموه على أن دولة قطر تدين وتشجب بأشد العبارات هذا الهجوم الإجرامي المتهور، باعتباره انتهاكا صارخا لسيادتها وأمنها، وخرقا واضحا لقواعد ومبادئ القانون الدولي، محملا تداعياته للكيان الإسرائيلي، الذي يتبنى سياسات عدوانية تهدد أمن واستقرار المنطقة، وتعرقل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية مستدامة. وطالب سموه المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية إزاء هذه التصرفات المارقة ومحاسبة المتورطين في ارتكابها. هذه المعاني وردت أيضاً على لسان معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الذي أكد في مؤتمر صحفي مساء أمس على أن «دولة قطر لن تتهاون بشأن المساس بسيادتها وتحتفظ بحق الرد على الهجوم السافر». وشدد معاليه على أن «الهجوم كان عملية غادرة مائة بالمائة ولم نعلم به إلا وقت حدوثه»، مضيفاً أن «هجوم اليوم رسالة إلى المنطقة تقول إن هناك لاعبا مارقا في المنطقة وعربدة سياسية». دولة قطر: سيادة لا تُمس ورسالة صارمة إلى مجلس الأمن لا شك أن هذا التطور الخطير في المنطقة لم يأت بمعزل عن السياق، بل جاء في وقت تبذل فيه الدوحة جهودا مكثفة، بالتعاون مع واشنطن والقاهرة، من أجل وضع حد للحرب المستمرة في غزة منذ نحو عامين. وهذا الاعتداء أثار صدمة على المستويين الشعبي والسياسي، حيث رأه القطريون والعرب رسالة استعلاء جديدة من جانب إسرائيل، تستهدف ليس فقط دور المقاومة، بل أيضا أي محاولة عربية مستقلة تسعى للسلام وحل النزاعات بالطرق السلمية. وبدا واضحا أن ما جرى في الدوحة هو حلقة في استراتيجية إسرائيلية لتوسيع دائرة المواجهة، وفرض معادلات جديدة على حساب استقرار الإقليم. سرعان ما أعلنت وزارة الداخلية القطرية تفاصيل الاعتداء، مؤكدة أن الانفجارات التي دوّت في أنحاء متفرقة من الدوحة كانت نتيجة استهداف إسرائيلي مباشر لمقرات يقيم فيها أعضاء من المكتب السياسي لحركة حماس. البيان أوضح أن قوة الأمن الداخلي «لخويا» تعاملت بسرعة فائقة مع الموقف، ولكن الاعتداء أسفر عن استشهاد الوكيل عريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري أثناء قيامه بمهامه، وهو ما منح الحادثة بُعداً وطنياً يمس كل بيت قطري. وشددت وزارة الداخلية على أن جميع الأجهزة المختصة باشرت مهامها في مسح وتأمين المنطقة المتضررة، واحتواء الموقف وفق أعلى المعايير. إلى جانب ذلك، وجّهت الدوحة رسالة عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي أكدت فيها أنها «لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور والعبث المستمر بأمن الإقليم»، في إشارة واضحة إلى أن قطر ترى في الاعتداء ليس فقط انتهاكا لسيادتها، بل هو تهديد مباشر لأمن الخليج والمنطقة. الرسالة القطرية حملت دلالات بالغة القوة: فدولة صغيرة بحجمها الجغرافي، لكنها كبيرة بتأثيرها الدبلوماسي، تقول للمجتمع الدولي إن حدود السيادة لا تقبل المساومة. وبالنظر إلى الدور الذي تضطلع به الدوحة في الوساطة بين حماس وإسرائيل، فإن الاعتداء يُقرأ أيضا كمحاولة إسرائيلية لإقصاء قطر عن أي جهد تفاوضي، وإرسال إشارة ردع لأي طرف عربي قد يسعى لتبني مواقف مستقلة. التضامن العربي والإسلامي: جبهة موحدة ضد العدوان لم يتأخر الموقف العربي والإسلامي في التعبير عن الغضب، إذ أصدرت عواصم عديدة بيانات إدانة متلاحقة، وجميعها شددت على أن الاعتداء يشكل «انتهاكا صارخا» للقانون الدولي، وتهديدا خطيرا للسلم الإقليمي، وفيما أكدت السعودية تضامنها الكامل مع الدوحة، محذرة من أن استمرار إسرائيل في سياساتها «سيقود إلى عواقب وخيمة»، فقد وصفت الكويت الهجوم بأنه «عدوان غاشم»، والأردن من جهته اعتبر الاعتداء «تصعيدا استفزازيا غير مقبول»، بينما رأت مصر فيه «سابقة خطيرة» تستهدف دور الوساطة القطري. وعلى هذا المنوال سارت بيانات الدول الشقيقة والصديقة. الجامعة العربية بدورها أصدرت بيانا شديد اللهجة، معتبرة أن الهجوم استهداف مباشر للجهود القطرية منذ بداية الحرب، والتي عملت إلى جانب مصر والولايات المتحدة من أجل التوصل لوقف إطلاق النار. أما مجلس التعاون الخليجي، فقد عبّر عن «استنكار واستهجان» العملية، مؤكدا أن دول المجلس تقف «صفا واحدا» مع قطر في مواجهة العدوان. تركيا دخلت على الخط، ووصفت الاعتداء بأنه دليل على أن إسرائيل لا تريد سلاما، بل تسعى لمواصلة الحرب. هذا الإجماع العربي والإسلامي يعكس حالة نادرة من التوافق، ويظهر أن الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة لم يكن مجرد خرق، بل مسّ بجوهر التضامن الإقليمي، ما جعل القضية تتحول إلى قضية عربية وإسلامية جامعة. المجتمع الدولي: تحذيرات من الانزلاق إلى الهاوية على الصعيد الدولي، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من خطورة ما جرى، واعتبر أن «استهداف قطر خرق صارخ للقانون الدولي ولسيادتها الوطنية»، مشددا على أن الدوحة تلعب دورا إيجابيا للغاية في محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة. وهذه التصريحات لم تأت من فراغ، إذ تدرك الأمم المتحدة أن الاعتداء على قطر، الدولة المضيفة لمفاوضات حساسة، يعني عمليا إفشال أي أفق دبلوماسي للحل. المواقف لم تقتصر على الأمم المتحدة، ولا على الدول العربية، بل أدانت دول آسيوية مثل أوزبكستان وقيرغيزستان، العدوان الإسرائيلي، معتبرة أن ما جرى يشكل «تجاهلا خطيرا لميثاق الأمم المتحدة». وهذه المواقف مجتمعة وضعت إسرائيل في عزلة دبلوماسية متزايدة، وأظهرت أن استهداف قطر ليس مجرد عمل عسكري، بل انتهاك يهدد منظومة العلاقات الدولية بأسرها. ويرى المراقبون أن الاعتداء قد يفتح الباب أمام تحرك أوسع في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة أن الدوحة ليست طرفا في النزاع بل وسيط يسعى لإنهاء الحرب. ما حدث في الدوحة هو اعتداء سياسي بامتياز يهدف إلى كسر الدور القطري وإرادة قيادتها في الوساطة وحل النزاعات التي يتغذى عليها هذا المحتل، وإن إرسال رسائل ردع إلى المنطقة بأسرها. وإسرائيل، التي لطالما بنت إستراتيجيتها على فائض القوة والإفلات من العقاب، قررت أن تنقل معركتها إلى داخل الخليج العربي، لتقول للعالم إنها لا تعترف بأي خطوط حمراء. ولكن الرد القطري جاء حازما، مدعوما بجبهة عربية وإسلامية ودولية رافضة. وهذا التكاتف يثبت أن الاعتداء لم ينجح في عزل قطر، بل وحّد الصفوف خلفها. ولكن يبقى السؤال الكبير اليوم: هل سيتحرك المجتمع الدولي لردع إسرائيل وكبح سلوكها المتهور، أم أن الإفلات من العقاب سيظل سيد الموقف؟ إن دولة قطر، بما مثلته من صمود وسيادة، وضعت العالم أمام امتحان صعب، وعنوانه: هل سيظل القانون الدولي حبرا على ورق، أم سيتحول إلى أداة فاعلة لحماية الدول الصغيرة قبل الكبيرة؟ والأحداث في الدوحة قد تكون بداية فصل جديد في الصراع أو الفوضى، فصل تتحدد فيه ملامح مستقبل المنطقة بين حرب شاملة أو سلام عادل ودائم. @FalehalhajeriQa
شهدت العاصمة الرياض، أمس الإثنين، انعقاد الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق القطري–السعودي برئاسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل...
انطلقت، أمس، أعمال منتدى الدوحة 2025 وسط حضور رفيع، تقدّمه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيث شكّل وجود سموه في افتتاح الفعاليات علامة على الاهتمام الذي توليه الدولة...
هناك لحظات في التاريخ يصبح فيها التفكير أهم من البناء، والفكرة أهم من المساحة، والعقل أهم من القوة المادية. في مثل هذه اللحظات يتضح أن الدول التي تملك عقلا منظما ورؤية فكرية واضحة تستطيع أن...
شهدت الدبلوماسية القطرية خلال الأيام الماضية محطة جديدة تعكس حضور دولة قطر في قلب التحولات الإقليمية والدولية، عبر الجولة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى...
في الخامس عشر من نوفمبر 2025، شهدت الدوحة محطة جديدة في سجل الوساطة القطرية مع توقيع «اتفاق الدوحة الإطاري للسلام» بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو، المعروف بحركة الثالث والعشرين من مارس «...
افتُتِحت الدورة الحادية والعشرون من منتدى التعاون بين كوريا والشرق الأوسط تحت شعار «شراكة من أجل السلام والازدهار»، في حدث بدت ملامحه أبعد من تقويم مؤسسي معتاد.جاء المنتدى منظَّما من مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية...
في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي تحتضنها الدوحة، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كلمة شكلت حدثا في حد ذاتها، لما حملته من رؤية شاملة تتجاوز المألوف...
يشهد العالم تحولا غير مسبوق في طبيعة المخاطر التي يواجهها الصحفيون داخل مناطق النزاعات. لم تعد التهديدات مرتبطة بالصدفة أو بخطأ في حسابات الميدان، وإنما أصبحت جزءا من استراتيجية تسعى إلى التحكم بالرواية وإدارة الذاكرة....
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...
في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....