


عدد المقالات 209
بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، كانت دولة قطر حاضرة في الخطوط الأمامية للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني. وهذا الدور لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتداد طبيعي لمواقف دولة قطر الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وحرصها الدائم على تجنيب المدنيين ويلات الحروب الطاحنة، وتعزيز فرص الاستقرار والسلام العادل والشامل في المنطقة. الوساطة القطرية: موقف ثابت ومرتكزات إنسانية الوساطة القطرية ليست مغامرة دبلوماسية، بل هي سياسة مدروسة تستند إلى مبادئ واضحة: الوقوف مع الشعوب في محنها، والاحترام الكامل للجهود المشتركة من قبل الدول الصديقة، وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية الشقيقة والولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، الشريكان الرئيسيان في العملية السياسية الرامية إلى إنهاء التصعيد وتثبيت التهدئة. وإن الدبلوماسية القطرية تقوم بهذه الوساطة بناء على التزام أخلاقي وإنساني تجاه الشعوب التي تعاني من النزاعات، وعلى قناعة راسخة بأن الحوار والتفاهم هما السبيل الأمثل لحل الأزمات، لا العنف ولا فرض الأمر الواقع بالقوة. وفي المسألة الفلسطينية على وجه التحديد، تنطلق قطر من قناعة عميقة بأن الشعب الفلسطيني يستحق حياة كريمة، وأن استمرار الاحتلال والعدوان والحصار هو أصل الأزمة، ولا يمكن أن يكون هناك استقرار في المنطقة دون معالجة هذه الجذور. ومن هذا المنطلق، جاءت جهود الوساطة القطرية لتكون صوت العقل في وجه التصعيد، وأداة فاعلة للتهدئة وفتح قنوات التواصل بين الأطراف، بما يسهم في تقليل الخسائر الإنسانية وتهيئة الظروف للحلول السياسية. ولا تنطلق قطر في هذه الجهود منفردة أو بمعزل عن محيطها، بل إن احترامها الكامل للجهود المشتركة للدول الصديقة يمثل ركيزة أساسية في تحركاتها. وتأتي في مقدمة هذه الدول الشقيقة جمهورية مصر العربية، التي تربطها بقطر علاقات تاريخية ومصالح مشتركة وقيم أخوية، فضلا عن دورها الإقليمي المحوري. كما أن التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، بما لها من تأثير مباشر على مجريات الأحداث، يمثل عنصرا بالغ الأهمية في إنجاح أي جهود وساطة. لقد أثبتت التجربة أن العمل الجماعي، القائم على الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة، هو السبيل الأمثل لتحقيق نتائج ملموسة. ومن هنا، تسعى قطر دائما إلى بناء شراكات استراتيجية لا تنافس فيها ولا مزايدة، بل تكامل في الأدوار، وتوزيع للجهود بما يخدم القضية الفلسطينية أولا، ويجنب المنطقة مزيدا من الانفجار والعنف. الهجوم الإعلامي الممنهج: تشويه متعمد واستهداف للتضامن العربي في هذا السياق الحساس، فوجئت دولة قطر بحملة إعلامية مغرضة تزعم، زورا وبهتانا، أن الدوحة تسعى إلى تقويض الدور المصري في الوساطة، من خلال استخدام المال السياسي، وهو ادعاء تفتقر إليه أدنى درجات المصداقية والمهنية. وقد عبر مكتب الإعلام الدولي، في بيان رسمي، عن استنكاره الشديد لمثل هذه التصريحات التي لا تهدف إلا إلى التشويش على الجهود الصادقة، وزرع الفتنة بين أطراف تسعى جدا لإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة. إن من يقف وراء هذه المزاعم لا يجهل فقط طبيعة العلاقات القطرية المصرية، وإنما يسعى عمدا إلى عرقلة أي تقدم في مسار الوساطة، عبر بث الشكوك والترويج لنظريات مؤامرة لا أساس لها من الواقع. كما أن هذه المحاولات تتقاطع مع أجندات لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، بل تصب في مصلحة أولئك الذين يريدون استمرار الحرب والانقسام بين الأشقاء العرب. شراكة إستراتيجية مع مصر واحترام للدور الأمريكي لم تكن دولة قطر يوما في خصومة مع أي طرف يسعى بصدق لإنهاء الحرب، وعلى العكس من ذلك، فإن التنسيق القائم بين الدوحة والقاهرة هو أحد أعمدة الوساطة الحالية. الجهات المختصة في كلا البلدين تعمل بشكل يومي، وبتواصل مستمر، من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، وتوفير أرضية سياسية وإنسانية تسمح بتحقيق وقف دائم لإطلاق النار. كما أن الدور الأمريكي لا يقل أهمية في هذه المعادلة. فالولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها طرفا فاعلا ومؤثرا في النزاع، تلعب دورا محوريا في الضغط على الأطراف ودعم الجهود الإقليمية. وقطر تعترف بهذا الدور وتتعامل معه بكل احترام، بما يعزز فرص نجاح الحلول التفاوضية القائمة. ولعل ما يجمع هذه الأطراف الثلاثة - قطر، مصر، والولايات المتحدة – هو الإدراك المشترك بأن استمرار الحرب لا يخدم إلا المتطرفين، وأن الحل الدائم لن يتحقق إلا من خلال التعاون والتنسيق، لا عبر التنافس أو الاستقطاب. الوساطة ليست ساحة للمزايدات: الأولوية للمدنيين والحل العادل إن ما يحدث في غزة اليوم يتطلب من الجميع، دولا وشعوبا، أن يسمو الجميع فوق الحسابات الضيقة والخلافات الثانوية، وأن يضعوا نصب أعينهم هدفا واحدا: حماية أرواح المدنيين. وهذه كانت دوما بوصلة السياسة القطرية، التي لم تنحرف يوما عن دعم الشعب الفلسطيني، سواء عبر الجهود الدبلوماسية أو من خلال المساعدات الإنسانية المتواصلة. دولة قطر، كما جاء في بيان مكتب الإعلام الدولي، تحذر من محاولات تسييس الوساطة وتحويلها إلى مادة للاستهلاك الإعلامي أو لتسجيل النقاط السياسية. فالوساطة مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وظيفة دبلوماسية، وهي تتطلب بيئة من الثقة المتبادلة بين الأطراف، لا مناخا ملوثا بالشكوك والافتراءات. وعليه، فإن دولة قطر تجدد التزامها الكامل بالمضي قدما في جهود التهدئة، بالتنسيق التام مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وفي مقدمتهم الشقيقة مصر، من أجل تحقيق حل عادل ومستدام، يفضي إلى إنهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية. دولة قطر لن تحيد عن طريقها إن ما يميز النهج القطري الرسمي هو قدرته على الجمع بين العمل السياسي الهادئ والدعم الإنساني المستمر، وهو ما يجعل من وساطتها إطارا شاملا لا يقتصر على وقف إطلاق النار، بل يمتد إلى معالجة الأوضاع المعيشية الكارثية في غزة ومناطق أخرى حول العالم، وتوفير الحد الأدنى من الكرامة لأبناء الإنسانية، في ظل الحصار والدمار. ولهذا، تجد الوساطة القطرية قبولا واحتراما من غالبية الأطراف، لأنها أثبتت مصداقيتها في أصعب اللحظات، وعملت على بناء الجسور حين انهارت معظم الجدران. رغم محاولات التشويه، ورغم الضغوط الإعلامية المسيّسة، تواصل قطر أداء دورها الإنساني والدبلوماسي بكل هدوء وثقة. وهي تعلم، كما يعلم كل منصف، أن التاريخ سيذكر من وقف مع الشعب الفلسطيني في أحلك اللحظات، لا من سعى إلى زرع الفرقة بين حلفاء الهدف الواحد. ونحن في صحيفة «العرب» نؤكد أن صوت الحقيقة سيظل أعلى من الضجيج، وأن الكلمة المسؤولة أقوى من كل حملات التضليل. فالسلام العادل، لا الافتراء، هو ما نحتاجه الآن، والوساطة النزيهة، لا المزايدات، هي السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. @FalehalhajeriQa
تحتفل دولة قطر في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام بذكرى تأسيسها عام 1878م على يد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني (رحمه الله). وهذه مناسبة وطنية لا تختزلها المراسم والاحتفالات، وإنما تعكس...
شهدت العاصمة الرياض، أمس الإثنين، انعقاد الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق القطري–السعودي برئاسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل...
انطلقت، أمس، أعمال منتدى الدوحة 2025 وسط حضور رفيع، تقدّمه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيث شكّل وجود سموه في افتتاح الفعاليات علامة على الاهتمام الذي توليه الدولة...
هناك لحظات في التاريخ يصبح فيها التفكير أهم من البناء، والفكرة أهم من المساحة، والعقل أهم من القوة المادية. في مثل هذه اللحظات يتضح أن الدول التي تملك عقلا منظما ورؤية فكرية واضحة تستطيع أن...
شهدت الدبلوماسية القطرية خلال الأيام الماضية محطة جديدة تعكس حضور دولة قطر في قلب التحولات الإقليمية والدولية، عبر الجولة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى...
في الخامس عشر من نوفمبر 2025، شهدت الدوحة محطة جديدة في سجل الوساطة القطرية مع توقيع «اتفاق الدوحة الإطاري للسلام» بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو، المعروف بحركة الثالث والعشرين من مارس «...
افتُتِحت الدورة الحادية والعشرون من منتدى التعاون بين كوريا والشرق الأوسط تحت شعار «شراكة من أجل السلام والازدهار»، في حدث بدت ملامحه أبعد من تقويم مؤسسي معتاد.جاء المنتدى منظَّما من مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية...
في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي تحتضنها الدوحة، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كلمة شكلت حدثا في حد ذاتها، لما حملته من رؤية شاملة تتجاوز المألوف...
يشهد العالم تحولا غير مسبوق في طبيعة المخاطر التي يواجهها الصحفيون داخل مناطق النزاعات. لم تعد التهديدات مرتبطة بالصدفة أو بخطأ في حسابات الميدان، وإنما أصبحت جزءا من استراتيجية تسعى إلى التحكم بالرواية وإدارة الذاكرة....
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...