


عدد المقالات 283
الأيام السبعة الأخيرة في تونس كانت مثيرة ودقيقة وملتبسة، ومع ذلك فإن أغلب وسائل الإعلام العالمية تغاضت عنها، وكان ترويج شريط فاضح لوزير الداخلية (القيادي في حركة النهضة) أو محاكمة قناة تلفزيونية بتهمة التجرؤ على الذات الإلهية يدخلان في طاحونة الشيء المعتاد! لكن التونسيين لم يكن لديهم من مشغل على حبل الأيام الماضية أكثر من متابعة الحدثين بيد تتساءل حائرة وأخرى على القلب خائفة.. الشريط الذي يظهر وزير الداخلية الحالي في وضعيات شاذة داخل مشفى السجن ليس جديدا على الذين كانوا يتابعون الصحف وما يجري على الساحة السياسية في أوائل التسعينيات، بل إن السيد علي العريض لم يكن الوحيد الذي روج له النظام السابق شريطا جارحا لصورته الاجتماعية والسياسية، فقد اكتوى بهذه اللسعات الزعيم النقابي الحبيب عاشور، والناشطة السياسية سهام بن سدرين، والوزير الأول الأسبق محمد مزالي، والناشط الإسلامي عبدالفتاح مورو، وحتى النقابي عبدالسلام جراد الذي لم يلبث أن أعادته اللسعة إلى «الطريق المستقيم» حتى أصبح أحد محظيي الرئيس السابق! والحقيقة أن ذلك كان أبشع ممارسة أتتها أجهزة الأمن في حق من مضوا بعيدا في معارضتهم للنظام. وأحد أوجه البشاعة فيها أنها أسست لانفلات أخلاقي لامس القعر في التعامل بين السياسيين، ثم ما لبث أن ترعرع الخوف في النفوس إلى أن أصبحت الحياة السياسية جثة هامدة، عدا ما أصاب الإعلام من مهانة ومن قرف لدى المتلقين.. لذلك لم يكن هناك من بد إلا أن يلتقي أشد الفرقاء السياسيين فرقة مع حزب «النهضة» على إدانة الشريط ومروجيه، فيما وجد البعض منهم الفرصة سانحة للظهور في صورة النبلاء، رغم أن القصد لم يكن يتعدى لدى صنف من خصوم «النهضة» أكثر من امتطاء الالتباس استباقا للأذية المستشعرة، ومن ثمة المبادرة بدروس في الأخلاق مؤداها التحذير الشهير «كما تدين تدان».. وطبعا لم تكن الرسالة الملتبسة موجهة إلى الرئيس السابق أو لمن عمل على تلك الأشرطة الفاضحة في سنوات التسعين. وإنما توجه التحذير بلا مواربة إلى حزب «النهضة» ذاته. وفي البال شك في نوايا القيادات وإشهار لممارسات بعض قواعد الحزب «الحاكم» التي لا تجد نفسها خارج حرفة السب والشتم والقدح والتعريض بأعراض الخصوم خصوصا على متن الوسائط الاجتماعية وقد فتنت عقول الناس وزادتها التباسا! في المشهد التونسي الملتبس نجد أيضا هذا الأسبوع صورة صاحب قناة «نسمة» التلفزيونية وهو يمتطي خوف التونسيين الشديد من فقدان أهم مكسب لهم.. حرية التعبير، وقد استطاع تجييش الخائفين من الصادقين ومن غير الصادقين ليصطفوا في الظاهر دفاعا عن حرية الإبداع والتعبير على خلفية بث القناة لشريط يحاكي الذات الإلهية. ما أثار حنق جموع غير هينة من عموم التونسيين وبالتأكيد من الإسلاميين، لكن في الباطن تكمن محاولة مستميتة لاستنساخ عذرية تراوح بين عهدين، وحلم بحصانة مرتجة، في زمن أتاح الالتباس العام لكثيرين أن يمتطوا صهوة الثورة وأن يمتشقوا سيوف الوطنية! حدثان جليلان في تونس اللاهثة وراء الطمأنينة المفقودة وسط الأزمات المتلاحقة، لكن قبل وبعد ذلك يظل عنوان المعاناة الأكبر «أزمة أخلاق»، وحاجة لفهم أوفر لقيم التعايش في ظل الاختلاف، حتى لدى من برعوا اليوم في ارتداء عباءات الطهر لكن سلوكهم يؤشر لفعل سفاهات تنحدر إلى ما تحت مستوى الشريط الشاذ، مستعملة خلط الحق بالباطل من أجل التمويه والضحك على ذقون العامة.. ذات العامة التي كلت وملت من تجار فسائل التفكير الفاسد، فيما هؤلاء لم يكلوا ولم يملوا من الصيد في المياه العكرة بدون أن ينسوا حقنها في كل مرة بكثير من ماء الالتباس!
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...