


عدد المقالات 307
قيل الشيء وعكسه في نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية، وأكثر ما تردّد «إنها الديمقراطية»، و»إنه الدستور» الذي لا يمنع أي شخص من أن يترشّح؛ فالتصويت هو الفيصل. تلك ذرائع صحيحة؛ لكنها تشبه قولة «لا حول ولا قوة إلا بالله»... والمتفق عليه أن ظاهرة جديدة وغير مألوفة انبثقت من هذه الانتخابات؛ فليس أمراً عادياً أن يُقبل الناخبون على التصويت لشخص فرد لا حزب له ولا خبرة في إدارة الدولة وممارسة السياسة، أو لشخص برز أولاً بصفته فرداً ثم رئيساً لحزب حديث العهد لم يجرِ اختبارهما. وبعيداً عن أي شخصنة أو انتقاص من أي من المرشّحين المتنافسَين في الدورة الثانية ليكون أحدهما رئيساً لتونس، أصبح محتملاً الآن أن تأتي الانتخابات التشريعية ببرلمان أقرب إلى صورتيهما، في حال تعرّضت الأحزاب التقليدية للعقاب الشديد نفسه مفسحةً المجال لانتقال قوى جديدة من الهامش إلى المتن وتأخذ فرصتها في إدارة شؤون البلد. في انتخابات العام 2014، صوّت نحو 65 % من الناخبين المسجّلين، الذين زاد عددهم بعد 5 أعوام لكن لم يصوّت منهم سوى 45 %. كيف غابت الـ 20 %؟ وأين ضاعت؟ ولماذا؟ ستُظهر الأيام أنها ربما تتحمّل، بسلبيّتها وانتظاريتها أو حتى بتكاسلها، مسؤولية «الانقلاب» الاقتراعي الذي غيّر الخريطة السياسية لتونس، فغيّب البورقيبية الوسطية عن الحكم وعن الصورة ليفتح المشهد التونسي على التجريب، لئلا يُقال على المجهول. كانت «السبسية» مثّلت مع الباجي الراحل، حتى مع تقليص الدستور صلاحيات الرئيس، محاولة قد تكون الأخيرة للحفاظ على خط وسطي بين تيارات الشعب وعنواناً للاستقرار الداخلي. للأسف، لم يكن ممكناً تصريف هذا الاستقرار أو ترجمته في تحسين الوضع الاقتصادي لتونس؛ إذ كان قائد السبسي يرمز داخلياً وخارجياً إلى الثقة، ما لم ينطبق على الحكومة خصوصاً برئيسها وتركيبتها الحاليين. لا يُلام الشعب إذ ضاق ذرعاً بالألاعيب السياسية التي سادت في العامين الأخيرين؛ فهو حمّل وفاق «نداء تونس- النهضة» توقّعات أكبر من قدرته، وربما أثقل مما يستطيعه طرفاه. لم يتمكّن هذا الوفاق من معالجة المخاوف والوساوس والصراعات التي طبعت تجربة الحكم غداة الثورة، رغم حوارات 2013 وما تلاها من تنقيح للدستور وقانون الانتخاب؛ بل تغلّب عليه التنافس العبثي والشخصي داخل كل تيار سياسي، فجاء الجميع إلى الانتخابات الرئاسية منقسمين ومشرذمين، وكانت هذه النتيجة الصادمة التي تعني عملياً 5 سنوات مقبلة من الصراعات بين تيارات ليس بينها أي جامع مشترك وإلا لكان ظهر في الاقتراع الأخير. للمرشح قيس سعيّد مواقف معبّرة عن محافظته وثقافته الدستورية والقانونية، وقد يكون المرشّح الأول في تاريخ الانتخابات الذي يفوز بعد حملة من دون تكلفة وتمويل، وقد اختاره الناخبون لنزاهته. وللمرشّح الآخر نبيل القروي نشاط إعلامي و»بزنسي» وسياسي مكّنه من انتزاع المرتبة الثانية؛ لكن وضعه ملتبس، فإذا صحّ أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد سعى إلى سجنه لإبعاده عن الاستحقاق الانتخابي فإن التصويت جاء لمصلحة السجين لا السجّان، وإذا كان القضاء تمسّك ببقاء القروي مسجوناً فهذا يعني أنه ليس ضحية افتراء فحسب. يبدو الحدث التونسي فصلاً آخر من ثورة لم تُستكمل؛ فبعد إطاحة النظام السابق (شاءت الصدفة أن يُتوفى رأسه غداة الانتخابات)، جاءت إطاحة الطبقة السياسية. كيف سينعكس ذلك على الاقتصاد وهو المعضلة الرئيسية؟ تلك مسألة أخرى.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...