


عدد المقالات 307
بين كل الصفات التي ساقها السفير البريطاني كيم داروك عن الرئيس دونالد ترمب، لم ترد «العنصرية» في التسريبات التي ضجّت لندن بها لأيام؛ ربما لأن الرسائل السرية للسفير وردت في وقت مبكر بعد دخول ترمب البيت الأبيض، وكانت تحاول أن تشرح لحكومته شخصية الرئيس الجديد ومدى قابليته لصنع القرار. لكن التسريبات وردود الفعل عليها تداخلت مباشرة مع جدل آخر على مواقف ترمب من أربع نائبات في «الكونجرس» من أصول غير أميركية، وبذلك أكمل الرئيس الصورة التي رسمها له سفير الدولة الأكثر قرباً من الولايات المتحدة. استحق ترمب إدانة من مجلس النواب؛ لأنه دعا النائبات إلى «المغادرة» و»العودة لبلادهن» الأصلية. ويحاول «كونجرسيون» البناء على هذه القضية؛ لكنها لا تكفي للعمل على تنحيته. ورغم استهجان واستنكار في صفوف حزبه، فإن الجمهوريين لم يبدوا استعداداً للذهاب أبعد من ذلك؛ إذ يدركون أن قواعدهم تقول ما يقوله الرئيس وأكثر، حتى إنها استعادت الهتاف بشعار «اذهب إلى بلدك» الذي راج إبان الحرب مع اليابان، ومن ثم خلال الانقسام الذي ساد المجتمع بين داعمين ومعارضين للحرب في فيتنام. هذه المرة تبدو الحرب في الداخل، بين قوميين بيض ومواطنين ملوّنين. استعاد الإعلام الأميركي نماذج من التاريخ لتصنيف ترمب في فئة الرؤساء الذين عُرفوا بعنصريتهم ومعارضتهم إعطاء السود حقوقهم المدنية، واستنتجت استعادة الخطب والمصطلحات أن هناك في طواقم الرئيس مَن يعرفون كيف يفكّر ويحقنون تغريداته بشيء من الموروث العنصري. لذلك، بدا ترمب ناكراً وناقضاً حق النائبات الأربع في التعبير عن آرائهن؛ بل حقهن في أن يُنتخبن لأنهن من أصول فلسطينية (رشيدة طليب) وصومالية (إلهان عمر) وإفريقية (إيانا بريسلي) وبورتوريكية (ألكساندريا أوكاسيو كورتيز). تلفت الأخيرة -وهي من بلد تابع للولايات المتحدة- إلى أن الكلمات التي يستخدمها ترمب تحمل «رسائل ضمنية تاريخية عن تفوّق الجنس الأبيض»، وأن الرئيس «لم يخترع العنصرية؛ لكنه بالتأكيد يقدّم دعماً لها». لم يتأخر سجل أولي للتصريحات الترمبية، العنصرية والتحريضية، في الظهور. لا تزال مواقفه رئيساً متطابقة مع مواقفه مرشحاً؛ لكنها اتخذت أبعاداً أكثر خطورة. فما لم يتحول منها إلى مراسيم وتشريعات، ظل من أدوات التمييز وبث الكراهية: ضد باراك أوباما؛ فكثيرون وجدوا في حملات ترمب شبه اليومية على سلفه ملامح استهداف لأصوله الإفريقية. وضد الهجرة وصولاً إلى بناء جدار مع المكسيك، وضد المسلمين الذين لا يزال يعمل على حظر دخولهم. وأخيراً ضد أعضاء «كونجرس» منتخبين؛ لكن قبل ذلك استطاع أن يبدي انحيازاً ولو مدروساً لدعاة التفوق العرقي الأبيض الذين اصطدموا بتظاهرة للسود في تشارلوتسفيل. ليس أمراً مألوفاً ولا مقبولاً أن يتحدث رئيس أميركي عن «دول حثالة» حتى لو كان هذا ما يفكّر فيه؛ لأنه يعني أيضاً شعوبها التي يهاجر الألوف منها إلى أميركا. وتذهب «الجارديان» إلى القول إنه «يشعر بالنكد من فكرة أن الدستور لا يفرّق باللون»، ويذهب بعض المعلقين إلى أنه لولا روادع الدستور الأميركي لكان الرئيس أظهر مزيداً من نياته. ففي نظرهم، تضمر «الترمبية» شيئاً من نوازع الفاشية والنازية وتعبّر عن ذاتها -مثلاً- باضطهاد مباشر للفلسطينيين وإعجاب مطلق بمجرمي الحرب الإسرائيليين، فضلاً عن اندفاع واستعداد دائمين للعمل مع الدكتاتوريين. لذلك، لا تبدو مواقف ترمب مجرّد «عنصرية» ضد الملوّنين؛ بل ظاهرة عرقية مركّبة، وأخطر ما فيها اليوم أنها باتت في صلب حملته لإعادة انتخابه السنة المقبلة.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...