


عدد المقالات 307
ثورة شعب سوريا، ثم الأزمة والحرب اللتان نجمتا عنها سلّطت الضوء على الأهمية المعروفة تاريخياً للموقع الجيواستراتيجي لسوريا، ومن ثمّ شكّلت اختباراً عملياً، دموياً ولا إنسانياً، لما ينطوي عليه هذا الموقع من تعدّد هويات دينية وعرقية داخلياً وإقليمياً، ومن تقاطع مصالح دولية. وبطبيعة الحال كانت الاختبارات الأهم والأكثر قسوة تلك المتعلقة باستعدادات الداخل والخارج المتدخل في سوريا لرفض الاستبدادية المطلقة للسلطة، وبلورة ديمقراطية ما للحكم، بغية إخماد الصراعات وإدارة التنوّع. لكن السقوط المطّرد لما عُرف بـ «قيم العصر» ساهم في سقوط كل الرهانات في سوريا ليحسم المجتمع الدولي أو بعضٌ منه بأن «الاستبداد أفضل/ أهون من الإرهاب»، معبّراً بذلك عن عجزه وليس عن «حكمته». حضرت هذه الصورة في كل محطات الأزمة والحرب السوريتين: من تدخّل إيران نصرة للنظام ضد شعبه، ودفاعاً عن مشروع إيراني إقليمي، إلى تدخّل روسيا لإنقاذ النظام، لكن لترسيخ موطئ قدم لها في الشرق الأوسط، إلى تدخّل الولايات المتحدة، بالتزامن لمحاربة إرهاب تنظيم «الدولة»/ «داعش»، وأيضاً لإيجاد دور أميركي في سوريا، ووضع حواجز أمام النفوذ الإيراني، إلى توافق أميركي - روسي نادر على تدخّل إسرائيل ومكافأتها بضم الجولان، وصولاً أخيراً إلى تدخّل تركيا بداعي محاربة إرهاب آخر (أكراد حزب العمال الكردستاني)، ودفاعاً عن الأمن القومي التركي. حظيت هذه التدخّلات، كلّ في حينه، باهتمام دولي أقلّ أو أكثر بحسب المصالح الأميركية والغربية: الاتفاق النووي مع إيران، اجتذاب روسيا إلى مفهوم متوازن لحل سياسي متوازن ينهي الأزمة في سوريا، وفيما بعد اعتماد الضربات الإسرائيلية لإبلاغ رسائل إلى إيران، وفي كل المراحل استخدام المعارضة السورية وفصائلها المقاتلة لأهداف شتى لم يتبيّن أن بينها ما يمكن أن يحقّق طموحات الشعب السوري، بل كانت انعكاساً للصراعات بين القوى الخارجية المتدخّلة. وحده التدخّل التركي يفجّر حالياً انقسامات دولية بمقدار ما يكشف من تناقضات وحتى تقاطعات. فمثلاً تلتقي أميركا وروسيا على «تفهّمه» من دون تأييده، وكلٌّ منهما من موقع تنافسها مع الأخرى على تركيا. وتلتقي إيران وإسرائيل على رفضه من منطلق التنافس مع تركيا على تقاسم الحصص الإقليمية/ العربية. وتلتقي إيران مع النظام السوري على رفضه؛ لأنهما يريدان أن يكونا مكان تركيا في شمال شرقي سوريا، لكنهما يلتقيان مع تركيا في سعيها إلى القضاء على مشروع الكيان الكردي الخاص في تلك المنطقة، مثلما التقيا سابقاً في رعاية نفوذهما على حزب العمال الكردستاني لتوظيفه ضد تركيا. وإذ تلتقي الدول الأوروبية أيضاً على رفضه، سواء خشية تجدّد قوافل اللاجئين، وإمكان انبعاث تنظيم «الدولة»، أو تعاطفاً مع «القضية الكردية»، فإن هذه الدول لم تبدِ اعتراضات حازمة على التدخّلات الأخرى، وفضّلت دائماً الاختباء وراء الولايات المتحدة. بهذه الخريطة من المواقف يتبيّن على نحو قاطع أن أياً من القوى المتدخلة لا تضع مصالح شعب سوريا في حساباتها، ولا تتبنى حقوقه وقضيته، يتساوى في ذلك مَن ادعوا يوماً دعم هذا الشعب ومَن استعدوه منذ البداية. أما بالنسبة إلى أكراد سوريا، كأقلية لها طموحات وحقوق، فتستحق الإنصاف بمعزل عن تدخّل حزب العمال الكردستاني في شؤونها. كان أجدى أن يوضح الأوروبيون حقيقة هذا الحزب، ويزيلوا خطره عن تركيا، بدل تضخيم قدراته لاستخدامه ضدّها، ثم التباكي على خذلانه أميركياً. ثمة أكثرية كردية تشكو من تسلّط هذا الحزب وأدواره المشبوهة.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...