alsharq

د. نافع غضب الدليمي

عدد المقالات 100

تخبط «المجتمع الدبلوماسي» من سراييفو حتى سوريا

14 أبريل 2012 , 12:00ص

هذه هي النتيجة التي خلَصتْ إليها في الذكرى العشرين لحصار سراييفو قناعات صحافيي ومراسلي المؤسسات الإعلامية العالمية والكتاب والمحليين الذين التأموا هذه الأيام في سراييفو لتذكر تغطياتهم ومتابعاتهم للحصار والحرب في البوسنة ومقارنة مدى تطور التعامل الدولي مع حالات مماثلة كما يجري حاليا في سوريا. هذه القناعة دفعت بالمتحدثة السابقة باسم المحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا فلورنس هارتمان إلى شن هجوم لفظي قاس على وزير الخارجية السويدي كارل بيلت الوسيط والمندوب السامي الدولي السابق في البوسنة لحظة قدومه بين المدعوين إلى حفل تأبين ضحايا حصار وقصف سراييفو. حيث باغتته بسؤال عن سبب مجيئه إلى هذا التأبين وهو الذي كان كما قالت من بين الوسطاء الدوليين الذين يقومون بما كان يجب قبل عشرين عاما لوقف جرائم الحرب والحصار التي طالت سكان المدينة. وأضافت أن وجوده استفزها كمواطنة أوروبية ما دفعها عفويا لمساءلته.. الرجل طأطأ رأسه وعدل ربطة عنقه ومر بسلام أمام الصحافيين والجمهور. فاليوم بالنسبة «للمجتمع الدبلوماسي» كان يوما للتباهي بمنجزاتهم في إحلال السلام. لكن بالطبع بعد «خراب البصرة» كما يُقال.. القصف والقنص حصد حسب الإحصاءات المنشورة أرواح أكثر من أحد عشر ألف نسمة، وتسبب حصار قرابة الأربع سنوات بموت آخرين بسبب الجوع والأمراض. وقد تم إحياء ذكرى الضحايا بوضع كراس بعددهم فارغة حمراء اللون رمزا لدمائهم المراقة وسط العاصمة سراييفو. ووضع ذووهم وسكان المدينة الزهور عليها في مشاهد حزينة تجسد عدم النسيان.. أكثر ما أُخذ على الوسطاء الدوليين خلال الحوارات بالمناسبة أنهم في أغلب الأزمات عبر العالم عمدوا إلى تغليب مصالح بلدانهم في الحلول. ومصالحهم الشخصية أيضا إلى حد تجاوز المشاعر الإنسانية حين يعمد وسطاء إلى المماطلة وإطالة الأزمات طمعا في مكاسب شخصية.. هذا ما ينسحب أيضا على مبادرات عربية. لا بد من التذكير بدور نظام مبارك في الدفع بالجامعة العربية للقبول بتجربة نظام الحكم الانتقالي في العراق بعد أن مُنحت صفقات في العراق لشركات النافذين في هذا النظام، منها شركة اتصالات معروفة. ثم تم طردهم بعد استغلالهم من قبل أتباع إيران عندما استقر لهم الأمر. وكل الدلائل تشير إلى أن صفقات بنفس الأطراف والمعنى تقف وراء الارتباك والتذبذب في مواقف كبرى مستويات الجامعة العربية بشأن سوريا. إذا ما أخذ في الاعتبار أن أعوان مبارك لا يزالون نافذين ولهم امتداداتهم في الجامعة.. علما أنه من حيث المبدأ لا اعتراض على تعاون أخوي شريف مع الشقيقة الكبرى بعيدا عن التلاعب بمصائر البلاد والعباد. وبما فيه مصلحة عامة المواطنين لا المتنفذين. طيلة سنوات القصف والدمار والحصار التي عاش معاناتها كاتب المقال «تأكيدا للمصداقية» كانت الوساطات الدولية متواصلة ومبادرات الحل والاقتراحات متتالية، فيما كانت تحت هذه الستائر الدبلوماسية الغريبة الألوان والمتقلبة الأطوار ماكينة الحرب تواصل إزهاق الأرواح في البوسنة دون هوادة. بل تزداد قتلا مع كل مبادرة ومهل واهية. وهذا ما يتكرر للأسف بعد عشرين عاما في سوريا. حينها كان الرئيس البوسني الراحل يتوسل التدخل الدولي. وتكشف المذكرات والإصدارات اللاحقة أنه ذات مرة كان يكرر التوسل للتدخل لوقف قصف الدبابات والمدافع المتمركزة بشكل واضح حول المدن فرد عليه الوسيط الدولي «وكان من دولة استعمارية عتيدة» بكل برودة وبعد سكوت أو تلذذ طويل بمعاناته «حسنا عليك أن تأتي بدبابات لوقف الدبابات المضادة». وهنا يذكره عزت بيجوفيتش كيف تقول هذا وأنت تعلم أن المجتمع الدولي فرض حظرا للتسلح على البوسنيين وترك للمضادين التصرف بالجيش الرسمي بمعداته ومصانعه؟. فيرد الوسيط بذات البرودة «هذه مشكلتكم مع مجلس الأمن. وما عليكم إلا مواصلة المساعي الدبلوماسية».. وهلم جرا إلى أن تكشف إحدى الصحف المحلية سنوات بعد الحرب وثيقة سرية يوصي بها رئيس حكومة دولة هذا الوسيط وزير خارجيته بالمماطلة في المفاوضات والعمل الدبلوماسي حتى إنهاء وجود البوسنيين لا لشيء سوى لأن ديانتهم غير ملائمة لمحيطها.. وهذه هي ببساطة واختصار وصلافة الفلسفة التي قام عليها مسلسل المفاوضات إبان الحرب في البوسنة. وهذا ما تقوم عليه حاليا جولات الوساطة بشأن الوضع في سوريا، عدا أن لافروف كان أكثر صراحة في التعبير عن هذه الفلسفة التي يتخوف بموجبها من أن يحكم %90 من الشعب السوري أنفسهم. إنها مخملية المجتمع الدبلوماسي الذي غالبا ما ترخص أمامه دماء الأبرياء ليأخذ وقته «في البحث» بكل استرخاء عن حل لا يعرفون هم كيف يمكن أن يكون عدا الأمل دائما بأن تبلوره التطورات على مدى أشهر أو حتى سنين. لكن في المقابل ومنذ البدء يعرفون جيدا وبالدقة الحلول غير المقبولة بالنسبة لمصالحهم. وهكذا تدور الدوائر ويزهق المزيد من الأرواح حتى تنضج الظروف ويتعب المتقاتلون ليقبلوا بما يُعرض عليهم ويضمن قبل كل شيء مصالح المجتمع الدبلوماسي الوسيط. وهذا يجسد دوما حقيقة أن الوسطاء ينخرطون أصلا في الأزمات لتوجيهها بما يؤمن لهم المصالح في إطار حلولها. وعلى الشاطر كما يُقال برمجة مبتغياته في إطار مصالح القوى الكبرى. وهذا ما فعلته إيران في العراق. فيما دخل حكام عرب في هذا المشروع متكئين على «عمى وجوههم» على شخص نكرة تم اختياره رئيسا لمجلس الحكم الانتقالي لبضعة أشهر ثم تم التخلص منه بعد استغلاله للتهدئة. وهكذا خرج استراتيجيو حماة المقدسات من «المولد بلا حمص» ليشتكوا أنه تم تسليم العراق على طبق من ذهب لإيران بعد أن وجدوا أن إيران باتت تهددهم في عقر دارهم. وهذا ما يتكرر مع سوريا الآن. على أن هناك فارقا نوعيا وعدديا بين فلسفتي الوساطات الدبلوماسية في الحالتين البوسنية والسورية. ما سيضمن حتما إفشال الفلسفة التي تريد الحل من خلال إقصاء أصلاء سوريا عن حكم أنفسهم من خلال إيصالهم إلى وضع يقبلون فيه بما يعرض عليهم سمعا وطاعة. ويتجسد هذا الفارق أولا بأن ثورة سوريا تمثل الأغلبية المطلقة لشعبها. فيما كانت نسبة مسلمي البوسنة تُقدر بحوالي %40 من المجتمع. وثانيا أن السوريين متناسقون مع محيطهم القومي والروحي والثقافي فيما يعيش البوسنيون في محيط مغاير.. عليه فإن محاولات النظام وحلفائه الدوليين ستنهار مهما بلغت من قوة. وما على أحرار سوريا سوى الصبر والثبات كما امتاز البوسنيون والاعتماد على النفس الطويل لمواجهة كل احتمالات الاستمرار بالثورة سواء في الشارع أو في النفس. هذا إذا ما أُخذ في الاعتبار أن الثورات التي تعتمل في النفوس قد تكون بطيئة لكنها ستكون حاسمة في قلب الموازين كانفلاق الجروح المحتقنة بشكل مفاجئ وقوي. وهذا ما سيؤول إليه حال المدن «الساكنة» كدمشق وحلب. وهذا ما حصل في طرابلس ليبيا.

الحل في العراق اسمه (سلطان هاشم)

الحقيقة التي لا تقبل النكران هي أن أغلب من يحملون السلاح اليوم في العراق ما كان لهم أن يتخندقوا في ثورتهم الدفاعية لو لم يكن هناك ظلم وإنتهاكات للكرامة والحقوق، أو لو كان هناك على...

الاستبداد العربي مصدر الإرهاب لا أوروبا

مختصر مفيد، التحالف الدولي مع الاستبداد العربي سيقوي الإرهاب بدل أن يكافحه، لأن هذا الاستبداد ببساطة هو منبع الظلم المولد للإرهاب وإن التنظيمات أياً كانت نواياها وتسمياتها ليست إلا المصب، مبدئياً لا حل لأي معادلة...

فتاوى «الإرهاب» والعاقبة للمظلومين

أن تتحالف دول عربية تحت فتاوى علمائها ضد»الإرهاب» فهذا شأنها، لكن سيحسب عليهم أمام الله والأمة تعمد عدم تمييزهم ذلك عن الثورة والثوار ضد الظلم الصفوي في العراق وسوريا السابقون لكل المسميات التي روج لها....

لو كانوا صادقي النية بعهد جديد

لو كانوا صادقي النية بعهد جديد في العراق لبدؤوه بإصدار اعتذار في برلمانهم عما أجمعوا عليه ككتل ونواب من تهميش وظلم طال من يعتبرونهم في دستورهم مكونا أساسيا، ليؤسسوا بذلك لآليات قانونية وسياسية وأمنية وغيرها...

الثورة مستمرة بهدف «مكافحة الطائفية»

الثورات تفشل عندما تنحرف عن الهدف المحدد لانطلاقها، على خلاف الدول التي يمكنها تغيير أهدافها وفقا لمصالحها، ثوار العشائر في العراق واعون لهذه الحقيقة، وهم ماضون بثورتهم نحو هدفها المحدد منذ بدايتها وهو مكافحة ظلم...

الدفاع أو الإبادة بـ "سياسة الـ80%"

ما كان مقروءا وواضحا أقر به مستشار كل سفراء احتال العراق في حديث لفضائية عربية مؤخرا قال فيه: إن كل ما جرى ويجري في العراق بعد الاحتال كان وفقا ما سموه (سياسة ال80%). ما يعني...

احتلال العراق وتكريس الطائفية

لا تكذبوا، فالاحتلال هو سبب الطائفية والإرهاب والقتل والتهجير في العراق. مسيحيو العراق لا علاقة لهم بالاحتلال، مع ذلك كانوا من أكبر ضحاياه. فمنذ بدايته جرى تهجيرهم من البصرة وميسان وبغداد من قبل المليشيات الصفوية...

مصر والحكم في العراق

إن كــان أهلنا المصريون يــرضــون أن يكون إفطارهم مضرجا بدماء أشقائهم العراقيين فهنيئا لهم لكن ليُسجل التاريخ أنها نهاية الأخوة والمصير المشترك بــين الشعبين وإلا كيف يمكن تفسير سكوتهم مواطنين وساسة وكتاب ومثقفين وغيرهم على...

العراق راسخ ويتجدد

الأوطان باقية والدول تتداول. هكذا بقي العراق واسمه خالدا منذ الأزل، وانقضت دول، ودول تعاقبت على الحكم فيه ظلما أو عدلا، وستنقضي أُخر. وهكذا أيضا لا خوف على العراق من انهيار أو تقسيم ولا هم...

العرب المتناسون للعراقيين حتى إنسانياً

لم ولن تبالي إيران ومراجعها بالعالم ولا بـ «حكمة واعتدال» قادة العرب وكبارهم في زج كل قواها العسكرية والبشرية الإرهابية والتكفيرية والإجرامية في استباحة العراق وسوريا ولبنان والقادم من أرض العرب، فيما الانبطاح الرسمي العربي...

لا حل بانتخابات زورت إرادة المحافظات الثائرة

الديمقراطية هي المبرر الوحيد الذي تعكزت عليه الإدارة الحالية بعد سحب قواتها لدعم السلطات الوريثة للاحتلال في العراق، لكن عندما يقر الرئيس الذي تعهد بإنهاء الاحتلال في تصريح لـ «سي أن أن» بقوله (أن تضحيات...

انهيار الأمل بإيران كحارسة للمصالح الدولية

الانهيار السريع لقوات أعدها الاحتلال لترثه في العراق برعاية إيرانية شكل صدمة للاحتلال وإيران على حد سواء؛ حيث شل من جهة الأساس الذي بناه الاحتلال لسياسة الإدارة الحالية في توجهها لاعتماد إيران حارسا لمصالحها في...