


عدد المقالات 307
كان الشيء الوحيد الذي لم يستطع دونالد ترمب تقديمه إلى صديقه بنيامين نتنياهو أن يوقف الملاحقة القضائية له بتهم الفساد. قبل الانتخابات الأولى في أبريل الماضي أهدى إليه هضبة الجولان السورية المحتلة، ولم تكن كافية لاكتساح زعيم «الليكود» صناديق الاقتراع. وقبل الانتخابات الثانية في سبتمبر الماضي منحه عبر سفيره في القدس صلاحية ضم مستوطنات الضفة الغربية وما يشاء من أراضي الضفة، ولم يتوصّل إلى تحسين نتائجه. وقبل الانتخابات الثالثة، الأسبوع الماضي، قدّم له «كل فلسطين» في «صفقة القرن»، فتحسّن رصيده من مقاعد «الكنيست» إلا أن الغالبية البرلمانية لائتلاف حكومي برئاسة نتنياهو ظلّت متعذّرة. في المقابل لم يعد ترمب متيقّناً بأن صديقه سيمارس نفوذه على ناخبي الحزب الديمقراطي ليجيّر أصواتهم لمصلحته في انتخابات نوفمبر الرئاسية. لم تكن المفارقة في أن التنازلات الترمبية المتعاقبة لم تغيّر المعادلة الإسرائيلية في الاتجاه المتوخّى بل إن التغيير حصل حيث لم يكن متوقّعاً، أي في التصويت العربي الذي حصد في المرّتين الأخيرتين 12 ثم 15 مقعداً في «الكنيست». وبمعزل عن فاعلية هذه المقاعد في التحكّم بتشكيل حكومة فإن التصويت لها كان مفهوماً أنه ضد «الصفقة»، وبالأخص ضد نتنياهو شخصياً وسياسياً، متلاقياً بذلك عموماً مع التصويت اليهودي. كان معلّقون إسرائيليون كتبوا أن نتنياهو «مستعد لتخريب الدولة» من أجل مقعد أو مقعدين إضافيين لتكتله، لكن تبيّن أنه يحتاج إلى أكثر. لم يفده التصعيد العنصري الذي ميّز حملته مخيّراً الناخبين بين «الليكود» وبين العرب الفلسطينيين. لم تفده هدايا ترمب. ولم يفده التفاخر بأنه يقيم تطبيعاً متقدّماً مع العديد من الأنظمة العربية، لأن مشكلته أساساً داخلية. قد تكون هذه المرّة الأولى التي يقوم فيها المستوى السياسي بمناورات علنية يستخدم فيها كل الوسائل، بما فيها تكرار الانتخابات، بهدف الالتفاف على القضاء. ثمة موعد للبدء بمحاكمة نتنياهو في 17 مارس، لذا فإن أمامه أسبوعاً لاجتراح حيلة جديدة. لو حقق فوزاً مريحاً لكان بادر إلى تشريعات تبعد عنه هذه الكأس التي تعني نهاية حياته السياسية، أما وقد تأكّد أن فوزه أعرج فإن خصومه هم الذي يستعدّون لطرح تشريع يمنع أي عضو في «الكنيست» من تشكيل الحكومة إن وجّهت إليه تهمٌ جنائية. أي سيناريو آخر غير بقاء نتنياهو رئيساً للوزراء يعني أن مصيره المحاكمة والسجن. في الحملة الانتخابية راهن على إقناع المتردّدين بأن «هدايا ترمب» هي إنجازات له، فما من زعيم آخر سواه يستطيع انتزاع ما يشاء من الرئيس الأميركي، وبالتالي فمن شأن الناخبين أن يروا في إنجازاته ما يصرفهم عن أخذ الاتهامات بالفساد في اعتبارهم. الأكيد أن الناخبين سجّلوا الالتزامات الأميركية كمكاسب، أما مكافأة نتنياهو عليها وتبرئته من الاتهامات فتلك مسألة أخرى، وقبله سقط العديد من كبار المسؤولين وسُجنوا. من الواضح أن الجسم الانتخابي الرئيسي ينتمي إلى اليمين، بمتطرّفيه خصوصاً وبمتديّنيه وعلمانييه، وهو يبحث عن مرشح آخر تتوفّر فيه مواصفات نتنياهو، لكن منافسه بيني غانتس لم يستطع الإقناع بأنه البديل المطلوب. غير أن الانتخابات أبرزت ظاهرتين ساهمتا في كشف حقيقة «الديمقراطية» الإسرائيلية: الأولى تمثّلت باستعداد نصف الناخبين لتجاوز الاتهامات بالفساد لرئيس الوزراء، والثانية بتجاهل المعسكرين اليمينيين لصعود العرب في المعادلة. أي انتخابات رابعة لن تغيّر شيئاً في اتجاهات التصويت.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...