


عدد المقالات 307
سلّطت روسيا الأضواء أخيراً على الذكرى السنوية الرابعة لتدخّلها في سوريا عام 2015، وسط ارتياح بالغ إلى ما حقّقته لنفسها من الإنجازات والمكاسب، باعتبار أن هذا هو الهدف، أما ما حقّقته لسوريا فلا بدّ أن ينتظر، فذلك شأن آخر لا يهمها إلا بمقدار ما يخدم مصالحها. وحتى قبل أن تبدأ استشعار الفوائد كان دبلوماسيّوها يقولون صراحة لنظرائهم إن سوريا أعادت روسيا لاعباً دولياً وإقليمياً وجعلت موسكو محور اتصالات دبلوماسية، بعدما كان ضمّ شبه جزيرة القرم في مارس 2014 فرض عليها عُزلة وعقوبات غربية قاسية. ورغم أن موسكو افتقدت في البداية إلى استراتيجية واضحة للتدخّل، فإنها اكتشفت سريعاً أن فرصاً كثيرة فُتحت أمامها، وإنْ لم تتمكّن حتى الآن من استثمارها للتخلّص من العقوبات والتوصّل إلى تسوية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تقاسم النفوذ في أوكرانيا. لم تنتظر موسكو حلول الذكرى لإحصاء المكاسب، بل أشارت إليها طوال الأعوام الأربعة، لكن من دون أن تعترف بأن الوجه الآخر لهذا التدخّل كان بالغ الفظاعة؛ إذ جاء ليضاعف ما أقدم عليه نظام دمشق من جرائم ومجازر وانتهاكات. فالحصيلة المروّعة تشمل عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين ودماراً هائلاً واقتلاعاً للسكان من مواطنهم ومساهمة كبيرة في مأساة اللجوء والنزوح، وتغطيةً لاأخلاقية ولاإنسانية لاستخدام السلاح الكيماوي، فضلاً عن استعداء للشعب السوري ودعم طرف ضد آخر في صراع اتخذ في كثير من جوانبه منحى حرب أهلية. كان أول الأهداف المعلنة لروسيا إنقاذ النظام السوري من خطر السقوط بأيدي الفصائل المسلحة للمعارضة، وقد التقت في ذلك مع الولايات المتحدة وإسرائيل؛ فالمعلوم أن واشنطن تدخّلت أكثر من مرّة لدى أنقرة وغيرها من العواصم لتوقف هجمات المعارضة ومنعها من تشكيل خطر حقيقي على النظام. وقد ظهر هذا التوافق خصوصاً في توزّع الأدوار تحت عنوان «محاربة الإرهاب»، فبينما تولّى التحالف الدولي بقيادة أميركية ضرب تنظيم «الدولة» في شمال شرقي سوريا، انصرف الروس إلى تصفية المعارضة السورية وفصائلها المقاتلة للنظام. ومع أن الجانبين الأميركي والروسي تشاركا صوغ «حل سياسي» وُضِعت أسسه في القرار 2254، فإن روسيا استعادت العمل بنموذجها الشيشاني التدميري بهدف حسم عسكري أصبح مؤكداً أنه سيتحكّم بالحل السياسي شكلاً ومضموناً، تحديداً بعدما اختُصر بـ «اللجنة الدستورية». لذلك لا يبدو أن بقاء الأميركيين في شمال شرقي سوريا أو تعثّر الاتفاق مع تركيا في شأن إدلب يثيران قلق موسكو على «الحل السياسي»، فهي تحتاجه فقط لإلقاء عبء المرحلة التالية للأزمة السورية على الآخرين، سواء في ما يتعلّق بإعادة الإعمار أو إعادة تأهيل النظام، أما هل يعيد «الحل» السلام والاستقرار إلى سوريا، فهذا ما لا تستطيع موسكو ضمانه. كل ما يهمّها الآن أن حربها في سوريا وفّرت لها حقول تجارب لـ 300 سلاح جديد أنتجتها مصانعها، و»هذا مما لا يُقدّر بثمن»، بحسب فلاديمير بوتين؛ إذ غدت روسيا منافساً قوياً للولايات المتحدة وغيرها في أسواق السلاح. وإذ مكّنتها هذه الحرب من تعزيز «شراكة» بينها وبين إيران، رغم استياء الأخيرة من التنسيق الروسي - الإسرائيلي ضدّها، فقد كان الأهم أنها مكّنتها أيضاً من اجتذاب تركيا واختراق تحالفها مع الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، وهذا في حدّ ذاته إنجاز استراتيجي ضخم لروسيا في صراعها مع الغرب.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...