


عدد المقالات 129
هنالك عوامل ومعرقلات عدة أمام نهوض ثقافي عربي حقيقي رغم هذا الربيع العربي الذي أشعلته الطبقات والفئات المهمشة من المجتمع ولحقت به معظم الفئات الأخرى، هذا الربيع العربي الذي فتح ثغرة لا بل بابا كبيرا في جدار إسمنتي لحالة الاستبداد العربي المقيم، إن المعرقلات والعوامل التي نتحدث عنها تكمن في جذر أساسي في التربة البنيوية والذهنية العربية، هذا الجذر هو استمرار ثقافة الفرد المستبد بطريقة «ستالينية» أو عشائرية أو طائفية سواء كان هذا الفرد منتميا لحزب سياسي أو رئيسا لدولة أو زعيما لطائفة، هذه الفردية الزعاماتية الطاغية على ثقافة العامة ما زلنا نتلمس نتائجها وانعكاساتها في استعصاء الثورات العربية التي لم تكتمل دائرة نجاحها ولم تينع أزهارها بعد إلا في حالة تونس التي نسبيا تجاوز معرقلات تقليدية واضحة تعانيها باقي الدول العربية سواء من اشتعلت فيها ثورات الربيع العربي أو من تنتظر. هنالك نمط سائد من الاستجابة السلبية والانصياع والطاعة العمياء لشخص أو لجماعة أو لطائفة أو لقائد. الحقيقة أن من كرس هذه الثقافة وأبقاها في حالتها الركودية دون الوصول إلى عنق الزجاجة هو نظام الاستبداد والفساد المنتشرة على طول وعرض العالم العربي، إضافة إلى انتشار الأمية والتخلف العقلي المريع بين الناس، وتنتشر ثقافة المادة الاستهلاكية، وبسبب ثقافة الفساد والإفساد نمت طبقة من التجار والحرفيين الأميين أو شبه الأميين الذين تشكلت لديهم مبالغ ضخمة والذين يشمتون بالفئة المثقفة التي همشت وحجمت إلى أضيق الحدود، بينما المتعلمون والفنيون وخريجو الجامعات إما أنهم عاطلون عن العمل أو يعملون بأجور زهيدة جدا، وهذه الحالة كرستها أنظمة الاستبداد والإفساد للعمل على منع تبلور طبقة وسطى، أو تشويهها أو تخفيض حجمها وحجم تأثيرها على إمكانية إحداث أي تغيير ثوري ملموس في الواقع العربي وبالتالي تغيير أنظمة الحكم الفاسدة فساهمت في خنق فئة المثقفين والمتعلمين والتكنوقراط سواء ماديا بتخفيض أجورهم ومرتباتهم أو الإقلال من فرص العمل لهم أو الإضرار بهم معنويا بأنهم دون مستوى التحصيل المادي التي تمتلكه باقي فئات الشعب وبخاصة فئة الموظفين الذين تحولوا إلى مليونويرية (بورجوازية مشوهة التكوين والنشأة) من وراء استغلال الوظيفة للأغراض الشخصية، وهذا أثر على العملية الإنتاجية والتنموية إذ لم تنتشر ثقافة التنمية والتطور في المجتمعات العربية، بقيت مجتمعات متخلفة عن الركب الحضاري العالمي، فرغم أدوات الحداثة المادية كالتلفاز والحاسوب والإنترنت والموبايل وغيرها من أدوات الحداثة والتكنولوجيا فإن الذهنية بقيت ذهنية تقليدية، ولعل هذا هو السبب الأساسي في استعصاء عملية التغيير ناهيك عن تبعية هذه الذهنية إلى هذه الأقلية أو تلك الطائفة أو تلك العشيرة. ورغم ادعاء الأنظمة التسلطية العربية أنها تجاوزت ثقافة ما قبل الوطنية (العشائرية والطائفية والعرقية والمذهبية) فإنها في حقيقتها نومتها تحت سطح إسمنت القمع، فما أن وجدت الفرصة سانحة رفعت برأسها بكل وضوح، وهذا ما نتلمسه في التحولات الدراماتيكية أثناء الحرب العراقية الأخيرة وثورات الربيع العربي، ولعل هذا هو السبب الأساسي في استعصاء عملية التغيير بسبب الغياب الكبير لثقافتها وهنا كان المثقف العربي مقصرا جدا، ناهيك عن تبعية الذهنية العربية التقليدية إلى هذه الأقلية أو الطائفة أو العشيرة أو المذهب. كما أن ثقافة القمع أضحت ثقافة شعبوية، فخلال العقود الخمسة الماضية استجابت الشعوب العربية للقمع السلطوي سجون، تشرد، قمع، ملاحقات، أو التجأت إلى الانكفاء العزلوي في المنازل وتمثل ذلك في ترديد العامة لأمثال تكرس الرضوخ لثقافة القمع (امشي من حيط لحيط وقول سترك يا رب) و (ابعد عن الشر وغنيلو) هذه الثقافة شجعت أنظمة الاستبداد على الإجهاز على المجتمع فأفرغته من السياسة وتحول المجتمع إلى شبه «قطيع» تابع للراعي،الذي هو رئيس الدولة (مع الاحترام الكامل لآدمية الإنسان وكرامته اضطررنا لاستخدام لفظ القطيع لغاية التحليل فقط) يأمر ما يشاء ويقتل ما يشاء ويسجن ما يشاء ويهجر أو يشرد ما يشاء، حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن من حالة صراعية مؤلمة وهو مخاض ثوري ما لم تدركه الشعوب العربية عبر تلقي إعلام جديد يختلف عن الإعلام القديم الذي كان يروج لثقافة الممنوع، والمحظور، والخط الأحمر، وهي في المحصلة تروج لثقافة الاستبداد والتقليد، فإنها ستخسر معركة الحداثة التي قد تستغرق عشرات السنوات. إذن نحن أمام ثقافة استبداد، ويخطئ من يظن أن الاستبداد حالة فردية، نعم إنه الفرد الزعاماتي الذي يستبد لكن منبعه هو الواقع هو المجتمع هو الذهنية التقليدية بالاستجابة السلبية الخنوعية الرضوخية لحالة الاستبداد، وبالتالي خضوعه لآثار هذا الاستبداد على جميع قطاعات الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية وحتى العسكرية، والمطلوب الآن وبخاصة من الجهات الثقافية والبحثية والإعلامية التركيز على تجاوز قيم وعادات وتقاليد ثقافة الاستبداد والبحث عن سبل الخلاص منها للانطلاق إلى ثقافة التجديد والحداثة والديمقراطية، لأنه لا خيار للتقدم والتطور إلا بها. • بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...
كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...
درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...
لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...
بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...
قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...
.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...
باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...
لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...
في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...
يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...
هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...