


عدد المقالات 129
كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ استبدادية فظيعة وهائلة وكارثية في آن، تجسد الهدر المادي في الفساد والرشاوي وشراء الذمم وفشل التنمية بجميع مجالاتها وبالتالي انهيار الاقتصاد الوطني لكل دولة عربية، أما الهدر الزمني فتجسد بتضييع الأوقات الثمينة دون أي خطوات في مجال التعليم والتطوير والتنمية والتكنولوجيا، كان كل الوقت مخصصا لخطب وشعارات طنانة رنانة برمي إسرائيل بالبحر ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة دون أن يرتبط زخم الشعار بحركية الواقع، أما الهدر النفسي فتجسد في الإحباط والمرض النفسي الذي أصيب المواطن العربي جراء حرمانه من كل حقوقه الإنسانية بالعمل والتعليم والسفر، ظل المواطن يكابد شظف العيش ويعيش أحلام استعادة الأراضي العربية المحتلة وفلسطين لكن دون جدوى، استشرس الاستبداد وتحول إلى عدو جديد للشعوب العربية وتم نسيان إسرائيل التي صموا أذاننا بها في إذاعاتهم وصحفهم وفضائياتهم. فالحروب كانت خاسرة وكانت كارثية، بداية من حرب حزيران وانتهاء بحرب الخليج الثانية، وأُهدرت الحياة الاجتماعية والسياسية في بعض الدول العربية بمنع ممارسة الحريات العامة: الصحافة والمواطنة وحقوق الإنسان وقيم المجتمع المدني، ولعل أهم هدر هو الثلاثية: «الفكر والوعي والطاقات»، وهدر الفكر هو أهم ركن من الثلاثية المذكورة لأنه يصيب حيوية المجتمع ونماءه في الصميم، إذ يتركه مكشوفاً دون مناعة تجاه الضغوط الخارجية المتتالية، وتحرمه من فرص لعب دور بارز على ساحة المنافسة الإقليمية والدولية، وهذه الثلاثية تضرب المجتمع ضربة قوية وبخاصة من جانب فقدانه مناعته الذاتية، فتُحيله جثة هامدة، وبالتالي تنعدم القدرة لديه على مقاومة الاستبداد أو العصبيات، واستفحالهما في خلايا المجتمع المعني. كل هذا كان من شأنه أن تتحول البلدان العربية إلى أشبه ما تكون بعلب كرتون فارغة معلقة بسلك رفيع إلى سقف تحتاج لمن يقطعها فتسقط العلبة سريعاً على الأرض، وتجسد ذلك في ثورات الربيع العربي، إذ عندما هبت هذه الثورات سرعان ما انهارت تلك الأنظمة الأمنية . الآن نتائج الثورات العربية تبين حجم الإحكام الأمني الشرس الذي أطبق على المواطن العربي، وهذا الاستشراس الكبير للأنظمة العربية في الدفاع عن كرسي الحكم، وهذا اللجوء الاضطراري تحت ضربات الثوار إلى العصبية والطائفية والمذهبية، لقد خصصت من ميزانياتها وميزانيات الدول الداعمة لقمع الثورات العربية مليارات الدولارات بشراء الأسلحة المتطورة وحتى استعمال الكيماوي، ويمكن القول بأنه لو كانت قد خصصت جزءا يسيرا من هذه الأموال لتنمية المجتمعات العربية ( التي دفعها المواطن من جيبه وعرق جبينه ) لكانت مشكلة أساسية قد حلت وهي سد الحاجات المعيشية والصحية والتعليمية للمواطن أي الجذر الأساسي والعامل المؤثر في انطلاق الثورات العربية، وهنا يتبين للمراقب حجم الاستقتال على البقاء رغم الهدر الهائل وبخاصة في الأرواح قتلا سجنا فقدا تهجيرا وغرقا في بحار التشرد والضياع . إن الهدر سيكولوجية أنظمة الاستبداد العربي بامتياز، وسيظل هذا الهدر فاعلا ينزف من طاقات الشعوب العربية إلى حين الوصول إلى حالة الدولة الوطنية الديمقراطية التي تمنح المواطن حقوقه الكاملة وتقوم الدولة بواجباتها كما المواطن لخدمة الوطن والمواطن – دولة المواطنة – . بالتنسيق مع مشروع «منبر الحرية»
مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...
درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...
لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...
بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...
قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...
.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...
باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...
لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...
في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...
يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...
هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...
التفاعلات السياسية والأحداث التي رافقت إحياء الذكرى الثانية لبدء الثورة المصرية تؤكد أن الانتخابات في حد ذاتها ليست كفيلة بالانتقال للديمقراطية، فمصر في الأربعين سنة الماضية لم تعدم مثل هذه الانتخابات, ولا المعارضة, التي كان...