لماذا يا مرسي؟!

أثار الإعلان «الدستوري» الذي أصدره د. محمد مرسي رئيس «جمهورية» مصر العربية الكثير من اللغط في المنطقة؛ لأن مصر هي مصر... المتباكون في مصر ودول الخليج العربي وغيرها على ما فعله رئيسها «المنتخب» يؤكدون على أن ما فعله يقوض الدولة الديمقراطية.. بعد أن رقصوا فرحاً بحل «المجلس العسكري» لمجلس الشعب الذي انتخبه الشعب الثائر، فعلى من يضحكون؟ وهل يعتقدون أن ذاكرة الناس قصيرة إلى هذه الدرجة؟ كلنا نعرف أن السلطة القضائية أكدت مراراً وتكراراً على وجوب احترام الإعلانات «الدستورية» التي يصدرها مجلس العسكر، والذي لم تكن له صفة دستورية أو ثورية، ولم يكن منتخباً من الشعب، فلماذا قبلت السلطة القضائية أن يكون رئيس مصر منقوص الصلاحيات، رغم أنه أول رئيس منتخب من الشعب وبنزاهة؟ ليس من المعقول قيام السلطة القضائية في مصر بحل مجلس الشعب بإيعاز... ثم تريد منع رئيس مصر «المنتخب» من ممارسة التشريع في ظل تغييب السلطة التشريعية، لتحقيق أهداف الثورة، ثم أليس هذا ما كان يمارسه «العسكري» غير المنتخب؟ دعونا نرجع للوراء قليلاً.. من حاول إعادة السلطة التشريعية لتقوم بدورها وتم رفض ذلك؟ ولماذا؟ ولماذا يمارس «مدعو الليبرالية» التدليس في الإعلام المقروء والمرئي والمسموع؟ متغافلين عن تطبيلهم لحل السلطة التشريعية لأن غالبيتها من «الإسلاميين»؟ من المُريب أن تجد رئيس تحرير سابقاً ويدير حالياً محطة من المحطات «العربية» يكتب مستنكراً عزل د. محمد مرسي قادة في جيش مصر والمخابرات.. ليوحي لك بأنه يجمع بين السلطة التنفيذية و»العسكرية» وكأنها سلطة أخرى إلى جانب القضائية والتشريعية، في حين أن كل رؤساء وملوك وحكام العالم بما فيهم أوباما وكاميرون يرأسون جيوش دولهم، لكنه لم يستنكر حل السلطة التشريعية. الأغرب يا سادة هو «استقواء» د. محمد البرادعي بالخارج، وأعني بالخارج هنا الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ليتدخلوا ويدينوا ما فعله د. محمد مرسي واصفاً إياه بـ «الفرعون»، لا سيما أن الكثيرين يصفون البرادعي برجل «البراشوت» المحب للأشياء الجاهزة، بعد أن كان دوره مثيراً للجدل في مسألة أسلحة الدمار الشامل في العراق، وبعد تهديده بالاستقالة -ضمناً- إن تم ضرب برنامج إيران النووي، عندما كان يرأس وكالة الطاقة الذرية. وبما أننا نتحدث عن البرادعي يجب أن نستدعي حمدين صباحي الذي يزعم بأنه «ناصري»، وإعادة العلاقات مع إيران كانت من ضمن برنامجه الانتخابي بحجة أن قطعها كان مؤامرة «أميركية».. هل قلت أميركية؟.. بما أننا نتحدث عن أميركا.. هل يحق لنا أن نسأل كيف تحالف المهزوم صباحي في الانتخابات مع البرادعي الذي يستقوي بأميركا والغرب ضد رئيس مصر المنتخب من الشعب؟ وكيف يقول البرادعي إنه يتوقع تدخل الجيش إذا خرج الأمر عن السيطرة؟ أهي دعوة للانقلاب؟ أم سيقود أحمد شفيق الثورة المضادة من الخارج، بعد أن أكد في حديث تلفزيوني قبل أيام أن الثورة لم تكن مصرية ولكن بالتنسيق مع حماس؟ ولماذا يعتقد المهزومون في الانتخابات أن الأصوات التي حصلوا عليها في السابق تعطيهم شرعية الوصول لسدة الحكم في مصر؟ لماذا لم يتعلموا من هزيمة رومني عندما أقر بها وقال لأوباما قُد أميركا على الرغم من أنه حصل على أصوات تفوق ما حصل عليه المهزومون مجتمعين؟ إذا كان الخاسرون يعتقدون أن ما يفعله د. محمد مرسي غير صحيح وأنهم يستطيعون رئاسة مصر فلا بأس وهذا من حقهم.. ولكن بعد أن ينهي الرئيس المنتخب من الشعب ولايته وبطرق بعيدة عن الانقلابات، أو من خلال الترشح في مجلس الشعب، ليلعبوا دور المعارضة، وهي مهمة جداً لتقدم الدول. إنني أظن أن ما فعله د. محمد مرسي -وهو أعلى شخص لديه شرعية استمدها من الشعب- أمرٌ في محله.. لأنه لا يمكن أن يتم إنجاز دستور أو محاكمة قتلة الثوار دون أن تصل الثورة إلى القضاء، ولا يمكن أن ينجز الرئيس «المنتخب» برنامجه كاملاً أو جله وهو محاصر بمؤسسات «المخلوع» مبارك ورجاله، أم كانوا يريدون إبطال رئاسته كما فعلوا بمجلس الشعب، ليقولوا «كل سنة وأنت طيب» يا مرسي؟ أريد أن أكرر: «حين تنهض مصر سوف تنهض معها الأمة».. والدليل دحر عدوان المحتل على غزة.. شكراً مصر. والله من وراء القصد،،