


عدد المقالات 283
لا يتوقف الناس بما يكفي عند الانفجار المدوي الذي حدث في محيطهم، فأخرجهم من حال إلى حال، لا يعلمون على وجه الدقة أيهما أفضل.. قديم الحال أم جديده.. أتحدث عن الثورة المعلوماتية، وما يمكن تسميته بـ «الصحافة الجديدة» التي ينتجها الناس للناس، ويضعون منتجها على قارعة الطريق بلا حسيب ولا رقيب، فيتشكل الرأي العام بفعل تلك البضاعة السهلة، أحياناً بالسلب وأخرى بالإيجاب.. إلا أن التشكل السلبي يظل غالباً في المجتمعات العربية، التي ما زالت تعاني من الصدمة الحضارية، ولم تتسلح بما يضمن لها التمييز بين الغث والسمين.. فالآن، لا يحتاج المواطن العربي إلى قائد ملهم، أو إلى صانع رأي متنور، لكي يقتدي بـ «توجيهاته السديدة»، أو لكي يعلم منه أخباراً خافية، يكفي الولوج إلى «الفضاء الأزرق» من «تويتر» و»فيس بوك» وأخواتهما، لكي تجد الأخبار التي أهملتها أقسام الأخبار... مشفوعة بتحاليل وبـ «إضاءات» لم يخضع أصحابها لمقياس التخصص، عدا أن كثيراً من تلك الأخبار السائبة، لم تخضع للتدقيق وللتحري المطلوبين -قديماً- قبل بثها بين الناس.. هكذا أصبح الجميع متخصصين في الذرة، وفي علوم التربية، وفي التحليل السياسي والاقتصادي، وملمين بكل شيء.. ووجد عامة الناس فضاءات، يبثون عبرها مشاعر حبهم وكرههم وجهلهم وعلمهم، وحتى إحساسهم بألم وخزة إبرة الطبيب، أو ألم فراق حبيب بصورة «سيلفي والميت خلفي»! ملخص الأمر، ما وصفه أحدهم من أن الذين كانوا يرتادون المقاهي والحانات لتجاذب أطراف الحديث، حتى مع الغرباء، أصبحوا يعربدون على المباشر، وبإمكان مئات الآلاف أن يسمعوا عربدتهم، وحتى أن يعجبوا بها... إذاً في الملخص، فإن كثيراً من العربدة ومن الغوغائية قد خرجت من «البارات» الضيقة إلى العالم الفسيح... وما زاد الأمر استفحالاً أن كثيرين من نخبة القوم انجروا إلى ذات الطريق المزدحمة بالفضوليين، وبجوعى المعلومة أياً كان شأنها .. فللسياسيين حسابات «تويتر» و»فيس بوك»، وحتى «إنستجرام» يستخدمونها لترغيب العامة فيهم، ويمارسون عليها عبر تلك الحسابات أنواع الشعوذة والاستبلاه والشعبوية.. كما انفض سامر الإعلاميين، وسائر من كانوا يسمون بـ «صناع الرأي العام»، فاتجهوا إلى نفس المنحدر، يحاولون جاهدين مسايرته في طريقة طرح المواضيع الخطيرة، حتى لا يفقدوا آخر مستمع أو قارئ لديهم... ولأنه ليس للرداءة حدود، فإن قاع اللامحدود يجذب إليه الجميع كأنه مغناطيس مهلك... ربما كان «مارك زوكربيرج» ورفاقه يعتقدون أنهم فعلوا خيراً بالناس، وهم يطلقون اختراعاتهم ويعممونها، لكنهم يقيناً لا يعلمون شيئاً عن مقولة نزار قباني في العرب: «ساق في الجاهلية وساق في الكونكورد».. تماماً مثلما كان «ألفريد نوبل» يجهل ما سيفعله «الديناميت» في العالم المتفجر في وجه بعضه، قبل أن يضع اختراعه بين أيدي البشر... لكن «نوبل» عندما وقف ورثته على هول صنيعه، قرروا التكفير عن «الذنب» بجائزة تشحذ السلام... أما «مارك زوكربيرج» فقد يكون ارتكب ذنباً أخطر باختراع «الديناميت الأزرق»، وهو أفدح من أن ترممه جائزة قبل أن يجد له لقاحاً من سم الأفعى ذاتها.
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...