alsharq

منبر الحرية

عدد المقالات 129

سوريا: عقلية الحل الأمني

21 أكتوبر 2011 , 12:00ص

ما يظهر للعيان أنّ السلطة السورية (على الأقل حتى هذه اللحظة) لم تغيّر من آليتها القمعية ضد المتظاهرين منذ انطلاق الانتفاضة في (15 مارس)، وما زالت محافظة على هذا الخيار ظناً منها أنّه يمكن استثمار حالة الخوف القابعة في النفوس لمرحلة طويلة لكبح مسيرة الحرية التي ينشدها أبناء سوريا الذين تحرروا من الخوف الذي كان يكبّلهم ولا القمع الذي كان يسد طريقهم في تحقيق تطلعاتهم في الحرية ودولة القانون. ولا نستغرب، رغم معطيات وتغييرات وأشياء كثيرة طرأت على أرض الأحداث، أنّ السلطة لم تحدث أي تغيير في آليّة تعاملها مع هذه الأحداث. فقد تركت العملية السياسيّة والديمقراطية في خانة الهامش بينما كانت وما زالت المعالجة الأمنية هي المتن. مع أنّ المعالجة الأمنية هي جزء من المعضلة وهي العقبة الكبرى أمام انخراط المعارضة الوطنيّة في الحوار الوطني مع النظام. ثمّة من يرى أنّ النظام السوري بدا عاجزاً (حتى على) الإمساك باللاءات الثلاثة (لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي)، التي طرحها مؤتمر المعارضة الوطنية الديمقراطية في حلبون (ريف دمشق) قبل أسبوعين، وتوظيفها لأجل إنقاذ البلاد من حالات العنف التي ما فتئت وصارت عبئاً على المرحلة الحراكية. كان يمكن أن يستغل النظام هذه اللاءات الثلاثة واعتبارها جزءا من بادرة حسن النيّة من قبل المعارضة، وذلك لنقل البلاد من حالة الحل العسكري والأمني إلى حالة الحراك السياسي والديمقراطي والذي تحتاج إليه سوريا أكثر من أي وقت مضى. فلو كانت السلطات تودُّ الحراك السلمي والسياسي لتخلت عن القمع الذي تمارسه ضد المطالبين بالحرية وبالشراكة السياسية واتفقت مع المعارضة على الخط البياني للمرحلة الانتقالية وإيجاد سبل كفيلة بالانتقال الآمن من مرحلة الاستبداد إلى مرحلة الديمقراطية. فـ «المقدمة الخاطئة تعطي نتيجة خاطئة»، فالمشكلة في بدايتها مشكلة سياسية لذلك يحتاج السوريون إلى آليات سياسية وإلى فعل سياسي، أما العامل الأمني في المعادلة السورية هو العامل الذي كرّس الاستبداد وسد الطريق أمام بناء دولة التعددية السياسية، وحافظ على بقاء حزب البعث الوحيد في السلطة وترك المجال أمامه لاحتكار السلطة والمال العام والحياة السياسية، مما أدى في النهاية إلى تدهور الوضع خصوصاً بعد أن اتسعت دائرة حركة الاحتجاجات في المدن والبلدات والقرى السورية، ولعل ما يفسر ذلك أنّ العامل الأمني هو الجزء الأهم من المشكلة (كما ذكرنا سابقاً)، ولعل تمسك السلطة -بهذا الشكل المبالغ فيه- بالخيار أصبح مثيراً للسخرية، ولعل السبب أنّه كلما تتمسك السلطة بالخيار الأمني تغرق في أوحال الأزمة الوطنية وتغلق الباب أمام إجراء حوار وطني عام في البلاد. ولذلك فإن مسألة الحوار الوطني، كما تكرسها السلطة وتسميها «الحوار تحت سقف الوطن» سوف لن يلقى صداه في ظل عناد السلطة وسد آذانها عن جميع الصيحات التي تنادي بها المعارضة الوطنية وغيرها. ولو عدنا إلى بداية الاحتجاجات لرأينا كيف أن النظام أخطأ في قراءته للحالة، فمثلاً، في الوقت الذي أراد الشارع فيه أن تلغى المادة الثامنة من الدستور والتي مفادها «حزب البعث قائد الدولة والمجتمع»، خرجت السيدة بثينة شعبان لتتلو قرارات القيادة القطرية، الأمر الذي استفز السوريين وسرعان ما نزلوا إلى الشارع ورفضوا إجراءات شعبان عبر التظاهرات الليلية والنهارية. وما إن قال الرئيس السوري في كلمته إنه يمكن إزالة المادة الثامنة والمواد المتعلقة بها في الدستور حتى أطلّ علينا محمد سعيد بخيتان وأعلن رفضه لإزالة هذه المادة، وفيما بعد أدلى رئيس اتحاد الشبيبة الثورة بدلوه وهدد كل من يرغب بالحديث عن استئصال السلطة من البعث. ومن جهة أخرى، وما إن طالب المتظاهرون بسحب القوى الأمنية المتدخلة في أدق تفاصيل الناس والسياسة حتى التجأت السلطة إلى اتخاذ الخيار الأمني كأنجع الخيارات، في الوقت الذي طالب فيه الناس بالعفو العام والشامل حوّلت السلطة المدارس والملاعب ملجأ للاعتقالات، وفي الحين الذي طالبت فيه المعارضة بشراكة سياسية تجاهلت السلطة المعارضة وبدأت باللجوء إلى بعض الوجهاء في الحيّز الاجتماعي، على حين طالبت المعارضة بالحياة المدنية المنسجمة والمتواكبة مع التطورات فبدأ الإعلام السوري بنشر مواقف الجماعات العشائرية التي تقدم الولاء للسلطة. ولعل سلسلة من الأسئلة تراود الأذهان، ماذا قدمت السلطة للناس؟ أخفضت من سعر المازوت؟ بالمقابل طرحت نوعا آخر من المازوت (الأخضر) بنفس السعر القديم، وتركت المتسيبين يعيشون أحراراً، فهناك من عمل البسطة ليس على الرصيف فحسب إنّما في الشارع وهناك من اقتنص الفرصة، وبنى البيوت في مناطق المخالفات، وهناك من بدأ بالسرقة، حيث ازداد عدد قطاع الطرق. فإذا كانت السلطة في نيتها أن تقنع الناس بحقيقة مفادها أنّ غياب الأمن هو الذي أدى إلى هذه العواقب من التسيب والفوضى لكن ما لا تدركه السلطة هو أنّ الناس دخلوا في مرحلة عدم الاعتبار للسلطة أو الخوف منها. على المستوى الكردي، أرادت السلطة منح الهوية الكردية بظنّها أنّ الهوية هي المعضلة الوحيدة لكن غابت عنها الحقيقة وهي أنّ الهوية جزء من معضلة المواطنة وليست حلاً للمشكلة القومية المزمنة، فالأحزاب الكردية ولدت قبل سحب الهوية (الإحصاء) وكان ظهورها بسبب التهميش ومحاولة إخفاء الكرد من الساحة السياسيّة. بقي القول إنّه لو أرادت السلطة منذ بداية الانتفاضة أن تتنازل وتواكب تطلعات الناس لأمسكت بيد المعارضة الوطنية الديمقراطية التي يمكن النظر إليها كعامل الوسيط بين حركة الشارع وبين السلطة، وكان بإمكان السلطة استغلال هذه الحالة واستثمارها لأجل الاستقرار. لكن شتان ما بين النية الصادقة وما بين سحب البساط من تحت حركة الشارع التي ما فتئت تطالب بسقوط النظام متجاوزاً ما تنشده السلطة السورية من الحوار تحت السقف الوطني، والإصلاح الإداري والسياسي، والسؤال الذي يفرض نفسه، ترى إلى متى يدرك النظام أن الحل الأمني يغرق البلاد والعباد في أوحال أزمتنا الوطنيّة، ألَم يحن الوقت، ويبادر النظام ويغيّر من آليته للحلول، وينقل البلاد من حالة نزيف الدم إلى حالة تفعيل المشهد السياسيّ والحراك الديمقراطي؟!! • كاتب سوري ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

مشروع فلسطيني جديد يواجه المشروع الصهيوني

مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...

سيكولوجية الهدر عربياً

كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...

سوريا إلى أين؟ بين إنكار السلطة الديكتاتورية.. وفشل المعارضة السورية (1/2)

درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...

أي مجتمع مدني في ظل الحراك العربي؟

لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...

روحاني والسياسات الإيرانية القادمة

بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...

مبادرة النيروز: درس تركي جديد للعرب

قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (3/3)

.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (2)

باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...

سوريا الحرية ستنهض من جديد(1)

لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...

موقع المثقف العربي من «الربيع»

في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...

التجربة الثورية العربية الجديدة (1/2)

يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...

التحول الديمقراطي التركي رؤية من الداخل

هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...