


عدد المقالات 283
آخر الأخبار السيئة في تونس أعلن عنها المعهد الوطني للإحصاء يوم الجمعة الماضي، ومفادها ارتفاع العجز التجاري بـ 23.5 % في الأشهر العشرة الأولى، واصفاً هذا العجز بأنه «بلغ مستوى قياسياً، وصل إلى 13.210 مليار دينار (5.28 مليار دولار)».. وقبله كان محافظ المصرف المركزي التونسي يصف نفس المؤشر بأنه «تاريخي» من ناحية سوئه طبعاً.. لكن يبدو أن السياسيين في تونس لا يهمهم أمر غرق البلاد في ديون تاريخية، ولا أمر «العجز التاريخي»، ولا جيب المواطن المخروم.. وهم يمضون في صراع وجدل لا ينتهيان، وآخر مظاهره الإعلان عن «جبهة برلمانية وسطية وحداثية وتقدمية» جديدة أخذت من كل حزب بطرف، وجمعت 43 نائباً حتى الآن «لإعادة التوازن إلى الحياة السياسية»، كما أعلن أصحاب المبادرة.. هذا الإعلان فجع سياسيين آخرين، فهبوا للصياح والولولة بأنها ليست سوى «جبهة انقلابية» على منظومة حكم حزبي «النهضة» و «نداء تونس»، ولمزيد توريط أصحابها قالوا إن ما يحدث «هو انقلاب على سياسة رئيس الدولة الباجي قائد السبسي»، بما أن المبادرة تقوم على «سرقة» نواب من «النداء» وآخرين من كتل برلمانية مختلفة ستفضي في الأخير إلى مزيد من شرذمة المشرذم وتجزيء المجزأ.. في الأمر بعض الصحة، باعتبار أن حركة «النهضة» غير معنية بهذا التسرب النيابي من كتلتها البرلمانية، لأن من وراء «الجبهة البرلمانية» الجديدة لا يعتبرونها وسطية ولا حداثية ولا تقدمية، وبالتالي فإنها ستحافظ على ريادة الحكم في البرلمان فيما سيتناقص عدد كتلة نواب «نداء تونس» الذي يبدو الخاسر الأكبر من هذه العملية، إلا أنه من المغالاة الحديث عن «انقلاب» على رؤية الرئيس الباجي قائد السبسي للحكم.. وحتى وإن سلمنا بذلك جدلاً، فإنه سيكون «انقلاباً ديمقراطياً»، وهو أمر مسموح به في نظام يفاخر بأنه أرسى الديمقراطية في المنطقة! إذاً لا بد من البحث عن سبب آخر لهذه الهبة والهبة المضادة.. وليس هناك أقرب من فرضية الصراع على الكراسي التي تحتد أكثر كلما اقترب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي لسنة 2019، في حين أن أحداً من الضفتين المتقابلتين لا يستطيع أن يضمن وصول تونس إلى ذلك التاريخ الذي يرونه قريباً، ويراه الشعب بعيداً لما ينوء به ظهره وظهر البلاد من أحمال قد تؤجج الموقف الاجتماعي في أية لحظة، وتحرم المتسابقين من لذة الفوز بالكعكة التي لن يكون هناك وجود لأثرها أصلاً بعد ذلك. في القرن الخامس عشر الميلادي، وعندما حاصر السلطان العثماني محمد الثاني (محمد الفاتح) القسطنطينية، وبينما كان مصير الإمبراطورية بأكملها على المحك، كان مجلس شيوخ المدينة مشغولاً بمناقشة أمور فقهية ولاهوتية لا طائل من ورائها، مثل جنس الملائكة (أهم من الذكور أم من الإناث؟)، وحجم إبليس (هل هو كبير بحيث لا يسعه أي مكان، أم صغير بحيث يمكنه العبور من ثقب إبرة؟)، وبينما كان الجدل محتدماً في قاعة مجلس الشيوخ، كان القتال يدور في شوارع بيزنطة، بعد أن تمكن جنود محمد الثاني من اقتحام أسوارها.. واستطاع العثمانيون السيطرة على المدينة، فقضى الإمبراطور قسطنطين الحادي عشر نحبه على أسوارها، ولقب السلطان العثماني بالفاتح! وكل حديث عن تشابه بين وقائع التاريخ وما قد يحدث في الحاضر هو «جدل بيزنطي» غير حقيق بالنظر إليه.
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...