alsharq

منبر الحرية

عدد المقالات 129

د. هدى النعيمي 26 أكتوبر 2025
صدى روايات خالد حسيني.. تردده الأجيال
مريم ياسين الحمادي 25 أكتوبر 2025
توجيهات القيادة
هند المهندي 26 أكتوبر 2025
ريادة قطرية في دبلوماسية السلام

العرب والدولة الدينية: الثوابت والمتغيرات

12 فبراير 2012 , 12:00ص

بات الحديث عن الإسلام وثقافة التأسلم من الأمور التي تتطلب جدية في البحث، على اعتبار أن هذا المكون أصبح رافدا أساسيا في تشكيل عقلية وتصرفات الأفراد داخل المجتمع، والذي ظهر بشكل واضح في نسبة التصويت الكبيرة التي أدت إلى حصول الأحزاب الإسلامية على الأغلبية في انتخابات ما بعد الثورة في كل من تونس ومصر والمغرب. والخطورة هنا لا تكمن في الدين الإسلامي كمكون لثقافة المجتمع، فهو أحد الأديان التي جاءت وارتقت بإنسانية البشر، وإنما تكمن في أنه تباينت بشأنه عملية التفسيرات وهيمنة فيه التأويلات المرتبطة بالماضي، بصرف النظر عن مدى صحة مضمونها، وندرت فيه التفسيرات العصرية المدركة لسنن التطور للمجتمع البشري. والقرآن الكريم نفسه في آيات كثيرة أسس لهذا المبدأ، وهو مبدأ التعلم من تداول الأيام واستخلاص السنن والعبر والأحكام.. وبالتالي احتكار الدين وتوقيف الزمن وتوقيف عقل المجتمع على فترة زمنية ترجع إلى السلف في تفسيراتهم وفي رؤيتهم للحياة والواقع يتنافى مع المبادئ العامة والقيم التي جاء بها. وتتبدى عملية توقيف عقل البشر على مرحلة معينة من التاريخ في قضايا كثيرة، لعل أبرزها قضايا خلط الدين وإقحامه في أمور تحتاج إلى استخدام العقل وليس الاتكال على تفسيرات كانت محكومة بظروف العصر التي ظهرت فيه، وفي هذا الإطار يجب التمييز بين المبادئ والقيم التي جاءت بها الأديان، ومنها الدين الإسلامي، وبين الأفكار البشرية وما يستجد فيها من تطورات وتغييرات، حيث في الحالة الأولى الأفكار والقيم أمور ترتبط بالأساس بالفطرة البشرية، وبالتالي فالقيمة نفسها المرتبطة بفطرة الإنسان قد لا تختلف في مضمونها في الماضي عنها عما هو موجود الآن.. فمثلا قيمة العدل أو قيمة كالحرية كلها قيم مرتبطة بالفطرة، قد تكون تعرضت للانتكاسة في مراحل زمنية إلا أن الإنسانية دوما تسعى للتمحور حولها مهما كان الابتعاد لظروف مرتبطة بالاستبداد وسيادة الظلم. ومن هنا فتاريخ القيم الإنسانية ليس لها جنسية واحدة تحتكرها، فهي ملك لكل البشر، وقد ساهمت في إثرائها ليس فقط الديانات السماوية وإنما غير السماوية أيضا، وتجارب الحضارات الإنسانية التي تعاقبت على مدار آلاف السنين، بما فيها الحضارات التي سبقت ظهور الديانات السماوية الثلاث (اليهودية، المسيحية، الإسلام). فالسنن الكونية ليست مرتبطة في التصاقها بعملية التدافع والتفاعل في المجتمعات بنزول الديانات وإنما جاء ارتباطها بشكل أساسي مع بداية الخلق، ولذلك كانت السنن الكونية متحققة منذ تلك اللحظة وإلى الآن ونافذة سواء كان ذلك متوافقا مع التفسيرات الدينية أو متعارضا معها، مع التسليم أنه ليس بالضرورة أن كل ما هو تفسير ديني يكون مرتبطا بالحقيقة، فمسألة الرزق على سبيل المثال بمنطق الدين، لا تقتصر على فئة تدين بدين دون أخرى، ولا تقتصر على أصحاب الديانات السماوية دون الديانات الأرضية، ولا على المؤمنين دون غيرهم الذين لا يعرفون الخالق، فهذه السمة تعم الكل. فهي ترتبط بقوانين الحياة كالأخذ بالأسباب عند طلبه، بأن يكون هناك سعي وبذل جهد للحصول عليه. وهذا منطق طبيعي لأنه إذا كانت هناك وحدة في الخلق، على سبيل المثال، للجنس البشري من حيث التكوين العضوي والشكل، فذلك يستتبع أن توجد سنن كونية حاكمة غير سنن وقوانين البشر لا تستثني فئة عن أخرى فيما يتعلق بوجود هذا الإنسان. ومن هنا فهذه الوحدة في السنن الكونية الحاكمة على الكل تدحض احتكار أي فئة للدين، وتجعل من كل الديانات بمثابة رسائل إرشادية في مسائل جاءت في فترات زمنية معينة لإرشاد البشر إلى اكتشاف حقيقة جوهرهم، ولعل أول شيء كانت تؤكد عليه هذه الديانات هي الحرية، ليس فقط من الاستبداد والقهر، وإنما حرية العقل بمعنى أن يؤمن المؤمن بالخالق عن طريق العقل والاقتناع وليس عن طريق الاتباع.. إلا أن الخطورة كمنت في أن عملية التدين تحولت إلى عادة واتباع، أصبح الدين بهذا الشكل، مع مرور الأيام ومع كثرة التفسيرات وتفشي الجهل والفقر، أداة لسلب عقل وإرادة البشر وتحويلهم إلى خاضعين ومستسلمين، ليس فقط أمام تفسيرات الدين بصرف النظر عن الصحيح منها والمشوه، وإنما أيضا أمام الأسطورة التي تقترن أحيانا به.. وأصبح الإنسان البسيط في ظل هذه الظروف ضعيفا وملجأه هو الدين. وبناء على ذلك تعاظمت وقويت سلطة كل من تكلم باسميهما أمام هؤلاء الضعفاء من البشر. هكذا أخذ نمو السلطة الدينية أشكالا مختلفة سواء داخل المؤسسة الدينية الرسمية أو خارجها عن طريق تفشي ظاهرة الإسلام السياسي في شكل جماعات وفرق تبني شرعيتها على نفس النهج المرتبط باحتكار الدين وبتفسيراته الماضوية، مستغلة في ذلك ضعف البشر الناتج عن الفقر والجهل وقمع السلطة السياسية لنشر فكرها، الذي لم تجد صعوبة في نشره، مما أدى إلى أن أصبح الدين وكل ما يرتبط به من ممارسات بمثابة أداة تعبوية وحشد لأصحاب السلطة الدينية. فتاريخ الأفكار يؤكد أن الصالح منها يجد طريقه التلقائي للتطبيق على أرض الواقع بدون فرض أو إجبار في دعوتها. ولعل أبرز الدعوات التي تحملها هذه الجماعات سواء المعتدل منها أو المتطرف هي الدعوة لعودة الخلافة الإسلامية. وتحت هذا المسمى أفكار كثيرة فضفاضة لا تمت بصلة للواقع الذي تنادى برفضه. فعند النظر إلى فلسفة الحكم في الوقت الحاضر في النظم السياسية الغربية نجد أنها تميز بين معنيين: الأول مرتبط بمضمون وجوهر عملية الحكم وتسيير شؤون المجتمع. والثاني مرتبط بشكل هذا النوع من الحكم، حيث في المعنى الأول نجد أنه حدث ما يشبه بمأسسة القيم الإنسانية الصالحة كالعدل والحرية، على سبيل المثال، في سلوكيات وثقافة المجتمع، الأمر الذي جعل من هذه الثقافة وهذه المؤسسات التي تترجم فيها، بمثابة القيّم على شكل عملية الحكم، وبالتالي الفرد الحاكم ما هو إلا تابع لهذا النظام الثقافي يتحرك وفقا له وليس هو المحرك له، ويتضح ذلك على سبيل المثال في نمط اختيار رئيس دولة عن طريق الانتخابات لفترة محددة ثم بعد ذلك يترك الحكم لرئيس جديد يأتي بانتخابات، وأيضا ظاهرة محاسبة هذا الحاكم وفقا لنمط مأسسة القيم والثقافة في المجتمع في حالة ما إذا ارتكب خطأ. وهذا يقترب أكثر بالمعنى الثاني المرتبط بشكل الحكم والذي يبدو ضعيفا جدا أمام المعنى الأول المرتبط بمأسسة القيم داخل مؤسسات وثقافة المجتمع تترجم كسلوك. ومن خلال التحليل السابق يمكن تسكين المطالبين بالسلطة الدينية أو الدولة الإسلامية في إطار المعنى الأول ولكن بشكل معاكس، بمعنى أنه ليس من المهم مأسسة المجتمع وثقافته بقيم كالعدالة والحرية، وإنما المهم هو تسكين الشكل سواء في سلطة دينية تستلب هوية الأفراد، سواء تم ذلك في شكل خلافة إسلامية أو أي نوع آخر لشكل الحكم يهتم بالشكل على حساب المضمون وبالفرد على حساب المجموع وبالرأي على حساب الآراء وبالتفسير الواحد للدين على غيره من التفسيرات.. ومن هنا يتأكد جوهر أن كل هذه المصطلحات الفضفاضة كالخلافة الإسلامية ما هي إلا خدعة كبيرة قد لا تحقق العدل والحرية بقدر ما تكون إطارا تسلب فيه إرادة وحقوق البشر تحت مسمى الدين. ينشر بالتعاون مع مشروع منبر الحرية www.minbaralhurriyya.org

مشروع فلسطيني جديد يواجه المشروع الصهيوني

مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...

سيكولوجية الهدر عربياً

كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...

سوريا إلى أين؟ بين إنكار السلطة الديكتاتورية.. وفشل المعارضة السورية (1/2)

درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...

أي مجتمع مدني في ظل الحراك العربي؟

لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...

روحاني والسياسات الإيرانية القادمة

بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...

مبادرة النيروز: درس تركي جديد للعرب

قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (3/3)

.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (2)

باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...

سوريا الحرية ستنهض من جديد(1)

لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...

موقع المثقف العربي من «الربيع»

في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...

التجربة الثورية العربية الجديدة (1/2)

يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...

التحول الديمقراطي التركي رؤية من الداخل

هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...