


عدد المقالات 301
سألني خالي -الذي هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية منذ نحو 45 عاماً- عن حالي، سائلاً إياي لماذا لم أتواصل معه منذ فترة؟ فأجبتُه بلا تردُّد: «أخاف يا خالي أن يتهموني بالتعامل مع أميركا»، وكذلك قاطعتُ عمّتي من كندا حتى إشعار آخر، وأحاول أن أُقلّص التفاعل مع الأصدقاء في الدول العربية؛ خصوصاً بعد الخطابات التي أتحفنا بها بعض السياسيين في لبنان عن مزاعم الدعم الخارجي الذي يُقدَّم للمتظاهرين. هذا الدعم الذي استنتجه «فطاحل» الساسة عند رؤية «منقوشة الزعتر» وقارورة المياه التي يجري تداولها بين الطلاب والشباب والأطفال والشيوخ الذين انتفضوا ضدّ الفساد. اتهام المتظاهرين بتلقّي الدعم الخارجي من سفارات عربية أو أجنبية لأنهم يأكلون «المناقيش»، ويعتصمون في خيم صغيرة، ويرتدون الأزياء المعاصرة؛ يجعلنا نتساءل عن الصورة التي ترانا فيها الطبقة الحاكمة في لبنان.. فهل فعلاً كانوا يظنون أننا شعب يستحق الجوع؟! وأننا شعب مقامه النفايات؟! وأنهم مصدومون من تحضّر التظاهرات ولو تخلّلتها شتائم ورقص، وحاولوا التبخيس فيها؟! الصورة التي يروننا فيها نحن اللبنانيين تحزّ في نفوسنا، وتكسر خاطرنا؛ إذ لم يستوعب أهل الحكم في بلادنا بعدُ أن شرارة الانتفاضة في لبنان لم تنطلق بسبب الفساد في ملفات عدّة مثل الكهرباء، والضمان الاجتماعي، والأملاك العامة، والنفايات، وإيرادات الدولة وغيرها الكثير. بل إن الشرارة التي دفعت اللبناني إلى الانتفاض هي أسلوب تعاطي السلطة مع الشعب، وهو ذلك الاستهتار بالعقول، والعجرفة، وسوء الخطاب السياسي. لقد اندلعت هذه الاحتجاجات بعد أيام قليلة من توجّه أحد الوزراء السابقين في الحكومة المستقيلة إلى اللبنانيين في مؤتمر صحافي قائلاً: «اللي ما بدّه يفرز النفايات ما يسمّعني صوته.. ما بدّي اسمع صوته»؛ فكان الردّ في التظاهرات بتقديم الشباب اللبناني مشهداً متحضراً في الاستدامة والبيئة لم يتخيله هذا الوزير يوماً، ما يُترجم بُعد أهل السلطة عن الواقع وعن عقلية الشباب. الوزير نفسه أدلى بتصريح يقول فيه أيضاً: «واجبكم دفع الضرائب.. سواء أكانت ستُسرق أم لا، فهذا ليس من شأنكم»! وتأججت شرارة هذه الاحتجاجات أكثر عندما خرج الأمين العام لأحد الأحزاب الجماهيرية، متهماً الكثير من المتظاهرين بالارتهان للخارج، والحصول على دعم من السفارات، فيما هو نفسه اعترف وأبدى فخره بالحصول على دعم واضح من إحدى الدول الإقليمية؛ فبدت للبنانيين المقاربة بأن «الدعم له حلال ولغيره حرام»، فرفضوا التشكيك بهم وشعروا بإصرار أهل الحكم تكريس «الدونية» في الخطاب السياسي. ثم توسعت دائرة الاحتجاجات مع تصريحات بعض الشخصيات المصرفية عن وضع الليرة مقابل الدولار، دون التطرّق إلى مشاعر الناس ومطالبهم -ولو بإشارة بسيطة- وهذا ما فهمه اللبنانيون على أنه «تطنيش» لهم. وعقب انتشار تصريحات أخرى وصفت المتظاهرين بـأنهم «كم شلعوط» -وهي كلمة شعبية تُستخدم لتحقير مجموعة معينة من الأفراد- هبّ المزيد من اللبنانيين للتظاهر. الخطاب السياسي علمٌ بحدّ ذاته، وخصوصاً عند الأزمات الوطنية. وللأسف لم يرتقِ الخطاب السياسي في لبنان إلى مستوى وجع الناس ومطالبهم، ولم يحاكِ عقلية اللبناني، الذي يتبع شعار «كبرنا بالعتمة... وما شايفين حدا». اللبناني بطبعه معتدّ بنفسه، هذه عقليته التي نتفق معها أم لا، وبالتالي العنجهية والعجرفة والغرور السياسي في التوجه إلى اللبنانيين لا يلقى آذاناً صاغية!
من يتحكم بالتكنولوجيا يتحكم بنا، أحببنا هذه الحقيقة أم كرهناها. التكنولوجيا مفروضة علينا من كل حدب وصوب، فأصبحنا أرقامًا ضمن أنظمة رقمية سواء في أماكن عملنا عبر أرقامنا الوظيفية أو بطاقتنا الشخصية والائتمانية، وحتى صورنا...
ماذا سنكتب بعد عن لبنان؟ هل سنكتب عن انتحار الشباب أو هجرتهم؟ أم عن المافيات السياسية التي نهبت أموال المودعين؟ أو ربّما سنكتبُ عن خباثة الأحزاب وانتمائها للخارج على حساب الداخل. هل سنكتبُ عن انهيار...
من المقرر أن يُصدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تقرير المخدرات العالمي لعام 2020، وذلك قبل نحو 24 ساعة من إحياء الأمم المتحدة ما يُعرف بـ «اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير...
العالم يعيش اليوم في سباق على الابتكار والاختراع، وفيما تسعى الدول الكبرى إلى تكريس مكانتها في مجال التقدّم العلمي والاقتصادي والاجتماعي، تحاول الدول النامية استقطاب الباحثين والعلماء أو ما يعرف بـ «الأدمغة» في شتى المجالات....
218 مليون طفل حول العالم لا يذهبون إلى المدرسة، وليس لديهم وقت للعب، لماذا؟ لأنهم يعملون بدوام كامل. منهم من يعمل بالسّخرة دون أجر، ومنهم المجبر، مجبر على العمل قسراً بأنشطة غير مشروعة كالبغاء والمخدرات،...
بجوار بيتنا مدرسة، جرسها مزعج، يقرع بقوّة إيذاناً ببدء يوم جديد.. النغمة نفسها التي تعيدك أعواماً إلى الوراء؛ لكنه توقّف عن الرنّ. سبب توقّف الجرس هذا العام لم يكن لانتهاء العام الأكاديمي كالعادة، وإنما بسبب...
تحتفي الأمم المتحدة في 29 مايو بـ «اليوم العالمي لحفظة السلام»، هذا اليوم الذي شهد للمرة الأولى بزوغ قوات حفظ السلام، وكان ذلك في الشرق الأوسط، من أجل مراقبة اتفاقية الهدنة بين القوات الإسرائيلية والقوات...
هذا العنوان قد يبدو صديقاً للجميع، وقابلاً للنشر، ربما باستثناء من لديهم حساسية الجلوتين، أو من يدّعون ذلك، لا سيما وأنها أصبحت موضة أكثر منها عارضاً صحياً، ومقاطعي اللحوم، وهم محبّو الخسّ والجرجير إلى الأبد،...
الأسرة تعني الحماية والطمأنينة والعطاء، تعني أن تهبّ إلى نجدة أختك أو أخيك قبل أن يحتاجك، تعني ألّا تقاطع من ظلمك منهم ولو كان الظلم الذي وقع عليك كبيراً، تعني أن تلجأ إليهم عند الضعف...
منذ 75 عاماً قُتل 85 مليون إنسان. كيف؟ في الحرب العالمية الثانية. لماذا نتذكّرهم اليوم؟ لأن الأمم المتحدة تُخصّص لهم يومي 8 و9 مايو من كلّ عام مناسبةً لكي يتمهّل العالم قليلاً إجلالاً لمن ذهبوا...
وضعوا أيديهم على أموال المودعين من أجل «مصلحة البلد»، تم تشريع سمّ الحشيشة لمصلحة البلد، وقّعوا على قرض إضافي من البنك الدولي لتأجيل الانهيار الاقتصادي والإفلاس بسبب الجشع والفساد، حتى يتمكّنوا من شدّ بأسهم تحت...
يسمّونهم قلوب أو «ملائكة الرحمة»، وهم حقاً كذلك، هم الأقرب إلينا عند الشدة والمرض، بعد الله سبحانه وتعالى، الطبيب.. دوره عظيم يشخّص، يقوم بمهامه الآنية سواء من جراحة أم من منظار، ويصف الدواء، لكن مهنة...