كشفت وزارة المالية عن توقعات بأن يحقق الناتج المحلي بالأسعار الثابتة نمواً بنسبة تصل إلى 2.2% خلال العام الجاري، مدفوعا بعدة عوامل رئيسية وحيوية، لعل في مقدمتها تواصل تنفيذ برنامج التطعيم الوطني لمواجهة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 ، بالإضافة إلى زيادة الطلب على النفط وارتفاع أسعاره خلال العام الجاري، مشددة في ذات الإطار توقعاتها بأن يتعافى الاقتصاد الوطني من آثار جائحة فيروس كورونا، بالإضافة إلى تخفيف القيود نتيجة مجابهة هذا الوباء، مشيرة إلى أنه من غير المتوقع أن تحتاج وزارة المالية أي تمويل لموازنة الدولة خلال العام 2021، وذلك وفقا للبيانات المالية الصادرة عنها مساء أمس والمتضمنة بيانات عن إيرادات ومصروفات الموازنة العامة للدولة والخاصة بالربع الأول من العام الجاري، والتي أسفرت عن تحقيق فائض مالي خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري بنحو 200 مليون ريال، بعد أن بلغ متوسط سعر برميل النفط نحو 61.3 دولار للبرميل الواحد.
كما أعلنت وزارة المالية أنها تعتزم خلال العام الجاري سداد مبالغ من الدين العام المستحقة ومنه الخارجي. ويقدر المبلغ المستحق خلال العام الجاري بنحو 7.4 مليار دولار أمريكي في شكل دين عام، يعادل منه الدين الخارجي نحو 4.2 مليار دولار أمريكي، حيث سيكون سداد المبلغ بالكامل بهدف خفض مستويات الدين الخارجي.
وأشارت وزارة المالية في ذات السياق إلى أن الموازنة العامة للدولة واصلت التزامها بالإنفاق على المشاريع الرئيسية بشكل سخي مع المحافظة على الكفاءة في الإنفاق بل وتعزيزها بشكل كبير خلال العام الجاري، حيث بلغ إجمالي قيمة المصروفات على المشاريع الرئيسية خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 15 مليار ريال بما نسبته تقريبا نحو 20.8% من إجمالي قيمة المصروفات المتوقع إنفاقها خلال العام الجاري على المشروعات الرئيسية والتي يقدر أن تصل إلى نحو 72.1 مليار ريال، في حين شكلت النفقات على المشروعات الرئيسية ما نسبته 32.6% من إجمالي المصروفات التي بلغت نحو 45 مليار ريال خلال الربع الأول من العام الجاري.
إلى ذلك، فقد أشارت البيانات الصادرة عن وزارة المالية والمتضنة البيان المالي العام، إلى مواصلة دعم القطاع الخاص من خلال مواصلة ترسية العديد من المشروعات والعقود الجديدة، حيث بلغت قيمة المشروعات الجديدة التي تمت ترسيتها نحو 4.62 مليار ريال، موزعة إلى نحو 2.943 مليار ريال مشروعات جديدة في البنية التحتية والطرق والمنتزهات، ونحو 0.574 مليار ريال مشروعات جديدة في الصرف الصحي، ونحو 0.248 مليار ريال مشروعات جديدة تشمل أعمال البنية التحتية والتوريد والتركيب لمعدات شحن الحافلات الكهربائية، في حين تمت ترسية مجموعة من المشروعات الجديدة الأخرى بقيمة 0.854 مليار ريال.
كما شددت البيانات على حزمة المشاريع التي يتم العمل بخطى حثيثة خلال العام الجاري وعلى رأسها المشروعات الكبرى المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي ومشروعات قطار النقل الخفيف بمدينة لوسيل وتطوير ميناء الدوحة القديم ومشروع محور صباح الأحمد، بالإضافة إلى الملاعب الخاصة باستضافة منافسات كأس العالم قطر 2022، حيث يتم العمل على استكمال إستاد لوسيل وإستاد الثمامة وإستاد رأس أبوعبود.
وفيما يتعلق بإجمالي إيرادات الربع الأول من العام الجاري، فقد قدرت الإيرادات خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 45.2 مليار ريال مدعوماً بانتعاش أسعار النفط وهو ما يقدر تقريبا بنحو 28.2% من إجمالي الإيرادات المتوقعة خلال العام الجاري والتي تقدر بنحو 160.1 مليار ريال، مشكلة بذلك زيادة بنسبة 14.7% مقارنة بالربع السابع، حيث تحققت هذه الزيادة بدعم من ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ شهر نوفمبر من العام الماضي. كما قال البيان المالي إن إجمالي الإيرادات الخاصة بالربع الأول من العام الجاري فاقت إجمالي التقديرات التي تم وضعها في الموازنة العامة للدولة بنهاية العام الماضي، حيث كان هذا مدفوعا بشكل أساسي بالانتعاش السريع في أسعار النفط وحقيقة أن تقدير إيرادات قطاع النفط للعام الجاري استند إلى سعر نفط متحفظ عند مستوى 40 دولارا للبرميل الواحد. كما أشار البيان إلى أن زيادة كفاءة الإنفاق والتي تزامنت مع تعزيز تحصيل الإيرادات إلى تحويل رصيد الموازنة من عجز متوقع إلى فائض يبلغ حوالي 200 مليون ريال.
ونوهت البيانات المالية الخاصة بالموازنة العامة للدولة للربع الأول من العام الجاري إلى تحقيق إيرادات نفطية بقيمة 39.7 مليار ريال بما يشكل نحو 32.7% من إجمالي الإيرادات النفطية المتوقعة للعام الجاري والمقدرة بنحو 121.6 مليار ريال، في حين بلغت الإيرادات غير النفطية نحو 5.5 مليار ريال بما يشكل نحو 14.2% من إجمالي الإيرادات غير النفطية المتوقعة خلال هذا العام والتي تقدر بنحو 38.5 مليار ريال، حيث أشار البيان المالي عن الموازنة العامة للدولة والخاصة بالربع الأول من العام الجاري إلى أنه من المتوقع أن يصل متوسط الإيرادات غير النفطية إلى نحو لا يقل عن 18 مليار ريال خلال الربع الأول والربع الثالث والربع الرابع من العام الجاري بمتوسط لا يقل عن 6 مليارات ريال، في وقت يتوقع فيه أن يتم تحصيل النسبة الأكبر من الإيرادات غير النفطية خلال الربع الثاني تزامنا مع موعد استحقاق ضرائب الشركات.
أما فيما يتعلق بإجمالي المصروفات المسجلة خلال الربع الأول من العام الجاري فقد بلغت نحو 45 مليار ريال بما يشكل نحو 23.1% من إجمالي المصروفات المتوقعة ضمن الموازنة العامة الكلية للدولة للعام الجاري والتي تقدر بنحو 194.7 مليار ريال، متضمنة أربعة أبواب رئيسية وهي باب الرواتب والأجور، والباب الثاني المصروفات الجارية، والباب الثالث باب المصروفات الرأسمالية، أما الباب الرابع فهو باب المشروعات الرئيسية.
وقد بلغت قيمة المصروفات المتعلقة بالرواتب والأجور خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 14.4 مليار ريال بما يمثل تقريبا نحو 24.9% من إجمالي المصروفات المتعلقة بالرواتب والأجور المقدرة في العام الجاري والتي تبلغ نحو 57.9 مليار ريال، في حين بلغت قيمة المصروفات الجارية نحو 14.7 مليار ريال خلال الربع الأول من العام الجاري بما يقدر بنحو 24.2 بالمائة من إجمالي المصروفات الجارية المتوقعة خلال العام الجاري والتي تقدر بنحو 60.7 مليار ريال، في حين بلغت قيمة المصروفات الرأسمالية نحو 0.9 مليار ريال بما يمثل تقريبا نحو 22.8 بالمائة من إجمالي المصروفات الرأسمالية المتوقعة خلال العام الجاري والتي تصل إلى نحو 4%. أما الباب الرابع فيتعلق بالمشروعات الرئيسية فقد بلغ نحو 15 مليار ريال خلال الربع الأول من العام الجاري بما يمثل تقريبا نحو 20.8 بالمائة من إجمالي المشروعات الرئيسية. إلى ذلك، فقد استحوذ باب الرواتب والأجور على ما نسبته 32% من إجمالي المصروفات المسجلة خلال الربع الأول من العام الجاري، في حين بلغت حصة المصروفات الجارية من إجمالي قيمة المصروفات ما نسبته 32.6% في حين بلغت حصة المصروفات الرأسمالية نحو 2% من إجمالي المصروفات المسجلة خلال الربع الأول من العام الجاري. في المقابل فقد استحوذت المشروعات الرئيسية على النصيب الأوفر من المصروفات، حيث استحوذت على الحصة الأكبر من إجمالي المصروفات المسجلة خلال الربع الأول من العام الجاري والتي تقدر بنحو 33.4%.
وأشار البيان المالي للموازنة العامة للدولة عن الربع الأول من العام الجاري إلى أن إجمالي الدين العام بقي ثابتا خلال هذا الربع بذات المستوى والتوزيع في نهاية العام الماضي، والمقدر بنحو 381.9 مليار ريال، مع الإشارة إلى تسجيل انخفاض في إجمالي الدين العام بنسبة 1.9% على الرغم من إصدار سندات سيادية خلال العام الماضي بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي، حيث قامت وزارة المالية بتخفيض إجمالي الدين العام على أساس سنوي من خلال مجموعة من عمليات السداد المستحقة والسداد المبكر خلال الربع الثالث والربع الرابع من العام الماضي، حيث قامت الوزارة بعملية سداد مبكر لسندات داخلية بقيمة تجاوزت مستوى 13.1 مليار ريال وذلك خلال الربع الرابع من العام الماضي. كما تمت الإشارة إلى أن إجمالي الدين العام الداخلي بلغ بنهاية شهر مارس من العام الجاري ما قدره 152.9 مليار ريال وهو ما يمثل تقريبا 40% من إجمالي الدين العام، مع التنويه إلى أن الدين الداخلي يتكون من سندات وقروض محلية، أما على مستوى الدين الخارجي فقد بلغ بنهاية الربع الأول من العام الجاري نحو 229 مليار ريال وهو ما يمثل 60% من إجمالي الدين العام، مع الإشارة إلى أن الدين الخارجي يتكون من سندات سيادية وقروض خارجية.
وكان صندوق النقد الدولي توقع في وقت سابق من الشهر الجاري أن يحقق الاقتصاد القطري خلال العام الجاري نموا يقدر بنحو 2.4% على أن يرتفع خلال العام المقبل إلى مستوى 3.6%، وذلك ضمن تقريره عن الاقتصاد العالمي والخاص بشهر أبريل، والمتزامن مع انعقاد اجتماعات الربيع التي ينظمها صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي.
كما توقع صندوق النقد الدولي أن يحقق ميزان المدفوعات القطري خلال العام الجاري نموا بنسبة 7.1%، على أن يرتفع خلال العام المقبل إلى مستوى 7.9%، أما في ما يتعلق بأسعار المستهلك، فأشارت توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن يحقق نسبة نمو خلال العام الجاري بنحو 2.4% ونحو 2.9% خلال العام المقبل.
وتعكس توقعات صندوق النقد الدولي لدولة قطر، مدى قدرة الاقتصاد القطري على مواجهة كافة التحديات والتقلبات التي شهدها العالم خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا كوفيد 19 ، حيث تمكن الاقتصاد القطري بفضل الأسس المتينة والمرونة التي يتمتع بها من مواجهة كافة التقلبات الناشئة عن جائحة فيروس كورونا والتي أثرت على سلاسل الإنتاج والإمداد على الصعيد العالمي، أو في ما يتعلق بأزمة انخفاض أسعار النفط والطاقة إلى مستويات سالبة وهي أدنى مستويات تاريخية سجلت طيلة العقود الماضية. كما توقعت العديد من المؤسسات المالية والنقدية وعلى رأسها وكالات التصنيف الائتماني العالمية على غرار وكالة ستاندر آند بورز ووكالة موديز ووكالة فيتش أن تحقق الموازين المالية وعلى رأسها الموازنة العامة للدولة خلال العام الجاري فائضا بفضل العديد من الأسس المتينة وفي مقدمتها الاستقرار المالي الذي تتمتع به الدولة وقوة الاحتياطيات الدولية.