أفادت صحيفة الغارديان البريطانية، استنادًا إلى نتائج مسح أجرته شركة كي بي إم جي ، بأن المستهلكين في المملكة المتحدة يقلصون إنفاقهم على السلع اليومية، في ظل تراجع الثقة في الاقتصاد البريطاني.
ويأتي ذلك بالتزامن مع استعداد وزيرة المالية البريطانية، ريتشل ريفز، لتقديم بيان الربيع الحاسم اليوم، وسط توقعات بأن يشمل الإعلان تخفيضات بمليارات الجنيهات الإسترلينية في مختلف الإدارات الحكومية، في خطوة تهدف إلى معالجة التحديات الاقتصادية الراهنة.
وبيان الربيع هو تصريح رسمي يصدره وزير المالية في المملكة المتحدة في الربيع من كل عام، عادة في مارس. ويعتبر هذا البيان جزءا من الإجراءات المالية السنوية للحكومة البريطانية، وهو يعرض تحديثا للوضع الاقتصادي في البلاد ويقدم خططا مالية ومقترحات للحكومة.
وأظهر استطلاع للرأي شمل 3000 مستهلك في المملكة المتحدة أن 58 بالمئة شعروا بأن الاقتصاد البريطاني تدهور في الأشهر الثلاثة حتى نهاية فبراير، وهي زيادة قدرها 15 نقطة مئوية عن الأشهر الثلاثة حتى نهاية نوفمبر، وفقا للصحيفة.
وعلى الرغم من أن معظم الناس أفادوا بأنهم يشعرون بالأمان المالي، إلا أن التصور الاقتصادي السلبي المتزايد دفع المزيد من المستهلكين إلى الاستجابة من خلال خفض إنفاقهم وتغيير عاداتهم الشرائية.
وقال ما يصل إلى 43 بالمئة من المستهلكين إنهم يقللون إنفاقهم على السلع اليومية، في حين أفاد أكثر من ثلثهم أنهم يوفرون المزيد تحسبا للمستقبل، وقال 29 بالمئة إنهم يؤجلون شراء السلع المكلفة.
وأفادت الوزيرة في تصريحات لشبكة بي بي سي في وقت سابق أنه بحلول نهاية هذا البرلمان سنلتزم بخفض تكاليف إدارة الحكومة بنسبة 15بالمئة . ولفتت الشبكة بأن هذا الهدف سيترجم إلى توفير سنوي قدره 2.2 مليار جنيه إسترليني (2.8 مليار دولار) في القطاع العام البريطاني الذي يوظف أكثر من 500 ألف شخص. وأضافت ريفز أن تحديد عدد الموظفين المدنيين الذين سيفقدون وظائفهم يعود لكل إدارة على حدة، لكنها أضافت أنه يمكن خفض عددهم بمقدار 10 آلاف موظف.
وذكرت المسؤولة البريطانية، في تصريحات صحيفة أخرى، أفضل أن يعمل الناس في الخطوط الأمامية في مدارسنا ومستشفياتنا وفي الشرطة بدلا من العمل في المكاتب الخلفية ، مؤكدة أنها ستلتزم بقواعدها المالية الخاصة عند تقديم تحديثها المالي اليوم. وتنص هذه القواعد على عدم الاقتراض لتمويل الإنفاق اليومي وخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عامي 2029-2030.
وأظهرت بيانات رسمية نشرت مؤخرا أن صافي اقتراض القطاع العام، أي الفرق بين الإنفاق وإيرادات الضرائب، ارتفع الشهر الماضي ما لا يترك مجالا كافيا أمام ريتشل ريفز للالتزام بقواعدها. ووضعت هذه القيود لضمان حفاظ خطط الإنفاق الحكومية على مصداقيتها في الأسواق المالية.
وذكرت الغارديان أن الاقتصاد البريطاني شهد ركودا خلال النصف الأول من العام الماضي، وسط تراجع حاد في ثقة الشركات والمستهلكين. وإلى جانب غموض التوقعات العالمية في ظل الحروب التجارية، حذر خبراء من أن خطاب حزب العمال وتركيزه على زيادات الضرائب وخفض الإنفاق قد أثر سلبا على الاقتصاد.
وزادت أن الأرقام الرسمية أظهرت انكماشا غير متوقع للاقتصاد بنسبة 0.1 بالمئة في يناير، في انتكاسة لتوقعات ريفز قبل بيان الربيع. ومن المتوقع أن يخفض مكتب مسؤولية الميزانية، وهو هيئة مستقلة للرقابة على الخزانة، توقعاته لنمو بريطانيا لعام 2025 إلى النصف عند نشر تقديراته المحدثة اليوم.
ووفقا لاستطلاع كي بي ام جي ، ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان بشأن شؤونهم المالية الشخصية من 21 بالمئة إلى 24 بالمئة.
وأشارت الصحيفة البريطانية أن الحكومة سلطت الضوء على القوة الأخيرة في نمو الأجور الحقيقية، مما ساعد الأسر على التعافي من الأضرار التي لحقت بمواردها المالية نتيجة للتضخم المرتفع، فضلا عن خفض بنك إنجلترا لأسعار الفائدة ثلاث مرات منذ الصيف.
ونقلت الصحيفة عن ليندا إليت، رئيسة قسم المستهلك والتجزئة والترفيه في شركة كي بي ام جي في المملكة المتحدة، إن التوتر المتزايد بشأن الاقتصاد دفع بعض الأسر إلى خفض إنفاقها حتى لو كانت في وضع مالي آمن حاليا.