إقبال جماهيري على المتحف البحري في درب الساعي

لوسيل

الدوحة - لوسيل

يصور المتحف البحري الموجود ضمن فعالية البدع بدرب الساعي الموروث الشعبي البحري في قطر بدءاً من إعداد المحامل التقليدية للصيد والأدوات المستخدمة فيه وحتى أنواع الصيد القديمة والغوص على اللؤلؤ.

وقد حظي المتحف بإقبال جماهيري كبير للتعرف على أسرار هذه الحياة وما فيها من مشاق وتحديات واجهها الآباء والأجداد.

ويقدم المتحف البحري تعريفات واضحة للمصطلحات القديمة المتعلقة بالموروث البحري، فضلاً عن تقديم نماذج مجسمة ومصورة لهذا الموروث بما يقدم معلومات وافية عن تراثنا البحري.

فالمتحف يُعرّف الغيص مع تصوير له بأنه الشخص الذي يغوص في قاع البحر لجمع المحار وهو البحار الأساسي في رحلة الغوص، وينبغي أن يكون الغيص في حالة صحية جيدة ولديه نسم طويل ويملك شجاعة وقوة قلب لمواجهة الأسماء المفترسة التي تواجه المغاصة في بعض الأحيان وهم يلتقطون المحار، حيث تعتبر رحلة الغوص من أخطر الرحلات ولذلك فإن الغيص يحصل على ثلاثة أسهم من المحصول خلاف باقي المهن في الغوص.

وتُظهر الصور الأدوات التي يستخدمها الغيص مثل الحبل والديين الذي يجمع فيه المحار والحجر الذي يساعده في النزول سريعاً إلى القاع.

كما يُظهر المتحف البحري مهنة السيب بالصورة كذلك مهنة السيب وهو البحار الذي يقوم بمسك حبل الغيص أثناء نزوله على الهير، ويُشترط فيه أن يكون نبيهاً وقوي التركيز وألا يغفل لحظة عن متابعة ما يجري على الغيص ممسكاً الحبل إلى أن يسحب الغيص من على الهير ونصيب السيب يكون سهمين فقط.

ومن المهن المهمة على ظهر سفينة الغوص مهنة السكوني وهو البحار المكلف بشؤون دفة السفينة وتعتبر وظيفته في غاية الأهمية وعليه أن يتميز باليقظة التامة حفاظاً على السفينة والبحارة، ومن واجباته أن يكون على اتصال مباشر بالنوخذة وإطلاعه على ما يجري أثناء السير وأن يكون على معرفة تامة بالاتجاهات وعلم النجوم والطرق التي يسلكها أثناء السير تجنباً لأي عارض قد تصطدم به السفينة، كما يجب أن يكون لديه خبرة باتجاهات الريح لكي يضبط توازن الشراع أثناء السير والمواقع التي يمر بها تجنباً لأي حادث طارئ.

وتأتي مهنة القلاف كواحدة من المهن التي يُظهرها المتحف البحري وأهميتها وأدواتها، فالقلاف هو صانع السفن الخشبية التقليدية التي كانت تستخدم في مراحل الغوص على اللؤلؤ، وتمارس مهنة القلافة من عدة أشخاص هم الأستاذ وهو الذي يدير عملية تصنيع السفينة ووضع قياسات المحمل والإشراف على صناعة السفينة حفاظاً على توازنها حسب نوع المحمل، ثم القلاليف وهم مجموعة تعمل تحت إشراف الأستاذ في تصنيع السفن دائماً ما يكون قريباً من الساحل لسهولة إنزال السفينة إلى البحر.

ومن الأدوات المهمة التي يظهرها المتحف البحري البِلد و البلاد ، والبلد هي قطعة من الرصاص توضع في أسفل الحبل لقياس الأعماق ومن يقوم بهذه المهنة يكون على دراية كبيرة فهو يعرف نوع التربة في القاع أو الطين في القاع، ويقاس العمق عن طريق الحبل الممتد من البلد إلى البلاد بوحدة تُسمى الباع، والذي يساوي 6 أقدام أو 180 سم، و البلاد هو البحار المتمكن من القياس ويكون على دراية بحركة المد والجزر واتجاه التيارات.

كما يستعرض المتحف الطرق التقليدية في صيد السمك ومن أبرزها الياروف المصدق وهو عبارة عن وسيلة صيد للأسماك مصنوعة من خيوط الغزل (شباك) ولا يتجاوز طول الغزل 90 متراً وتنصب قريبة من الشاطئ باتجاه عكس التيار وتثبت بالمعاشي وهي على شكل صندوق باتجاه الشاطئ بشرط أن ينصب الياروف عندما يكون البحر في حالة الجزر، فعندما يكون البحر في حالة جزر يذهب الصياد إلى بارة الياروف ويفك المحصول من الأسماك ويقوم بتنظيف الغزل من الطحالب البحرية العالقة في الشباك ثم يذهب مرة أخرى للبارة التالية وهكذا حتى ينتهي من نصب الياروف.

أما القرقور فهو وسيلة صيد أخرى للأسماك ويكون على شكل نصف دائرة يُصنع من سعف الخيل الجريد بعد تشريحه طولياً لعدة أجزاء ليكون سهل الانثناء ويجب أن يكون رطباً لسهولة التصنيع، ثم يصنع الجزء الثاني وهو قاع القرقور على شكل دائري مع حجم القرقور ثم يربط بحبال آلياف النخيل وتثبيته، ثم ينقل بعد التجهيز إلى البحر ويوضع في أماكن صخرية لقرب هذه الأماكن من مراعي الأسماك وتكون طريقة وضع القرقور عكس اتجاه حركة الموج.

ويُظهر المتحف البحري واحدة من الطرق التي استخدمت قديماً في الصيد وهي الحظرة وهي عبارة عن وسيلة لصيد الأسماك بمختلف أنواعها بالقرب من المياه الضحلة وتُصنع من جريد النخل وتوضع في مكان قريب من الشاطئ وترتبط مع المد والجزر لسهولة تردد الصياد عليها في جميع أوقات الجزر ( الثبر ).

6 حفلات موسيقية تجمع بين الآلات الشرقية وآلات الأوركسترا

تشهد الفعاليات الموسيقية بدرب الساعي إقبالاً كبيراً من الجمهور، حيث استقطبت ثلاثية العود جمهوراً متنوعاً تفاعل مع المزيج المميز من الموسيقى الشرقية والغربية في أمسيات ينظمها مركز شؤون الموسيقى التابع لوزارة الثقافة ضمن فعاليات اليوم الوطني للدولة، بالمقر الجديد والدائم لدرب الساعي.

وتتضمن الأمسيات، التي تُقدم للمرة الأولى في درب الساعي، مجموعة من المعزوفات الموسيقية الشهيرة، من بينها السيمفونية الخامسة لبيتهوفن، والتي تُعزَف بمزيج من الآلات الشرقية وآلات الأوركسترا، كما تتضمن عزف مقطوعات عربية معروفة مثل موسيقى أغنية ليلة لو باقي ليلة، وموسيقى أغنية يا قطر أنت الحياة للموسيقار الراحل عبد العزيز ناصر، بجانب مقطوعة اللونجا لرياض السنباطي ومقطوعات أخرى.

وأشار خالد السالم، رئيس مركز شؤون الموسيقى، إلى إشادة الجمهور بالأمسيات الموسيقية وإعجابهم بالمزيج الفريد من الآلات الشرقية وآلات الأوركسترا، مطالبين المركز بتنفيذ مقطوعات أخرى بنفس الطريقة.

وقال السالم : إن العود أضاف روحاً وطابعاً عربياً للمعزوفات الكلاسيكية العالمية التي نفذناها، ما يجعلها أكثر ألفة للمستمع العربي الذي يمثل العود جزءا من وجدانه الموسيقي، وفي نفس الوقت يجد فيها المستمع الأجنبي روحا جديدة وطابعا مختلفا ، مضيفاً فكرت في البدء بالسيمفونية الخامسة لبيتهوفن لأنها أكثر معزوفة غربية يعرفها الوطن العربي كله، ما يجعلها مألوفة لأذن المتلقي كما أنها من أجمل مقطوعات بيتهوفن .

وأوضح رئيس مركز شؤون الموسيقى أنه تم عزف مقطوعة بيتهوفن لأول مرة في وقت سابق في حفلة على مسرح قطر، بعد أن قام بتوزيعها جيوفاني باسيني، عضو أوركسترا قطر الفلهارمونية ومايسترو أمسيات ثلاثية العود ، ومن ثم بدأ مركز شؤون الموسيقى في العمل مع المايسترو لتوزيع معزوفات عربية وغربية أخرى.

من جانبه أكد باسيني، أن ثلاثية العود مشروع فريد من نوعه وهو ينفذ في قطر لأول مرة، موضحاً أن العود يشبه الجيتار، وبالتالي فإن الطريقة التي يمكنه بها إطالة الصوت من خلال تكرار النغمات بسرعة كبيرة، يعطيني إمكانية الاحتفاظ بنوتة موسيقية لفترة طويلة وهكذا يمكننا تنفيذ القطع الكلاسيكية الغربية .

وقال مايسترو ثلاثية العود إن تحضير هذا العمل لم يكن سهلاً، إذ كان عليه أن يتعلم أوتار العود، ثم يستمع إلى السيمفونية الخامسة عدة مرات محاولاً تخيل كيفية تطبيق المشروع حتى أصبح جاهزاً بالصورة التي شهدها الجمهور، مضيفا : بعد تنفيذ السيمفونية الخامسة بنجاح أصبح الأمر أسهل وننوي تكرار التجربة في المستقبل مع قطع موسيقية غربية أخرى .

يشارك في الأمسيات ثلاثة عازفين قطريين على العود هم: عبد العزيز صالح، محمد الخزاعي، علي الخلوصي، وقال الأخير: القطعة التي سأعزفها اليوم هي قطعة غربية لباخ تُعزف على العود للمرة الأولى ، مشيراً إلى سهولة التفاعل مع العازفين الأجانب المصاحبين له في الأوركسترا قائلا ميزة الموسيقى أنك لا تشعر باختلاف الجنسيات، حيث تصبح الموسيقى لغتنا المشتركة .

ويتميز درب الساعي هذا العام بعدد كبير من الفعاليات الموسيقية، تماشياً مع الأجواء الاستثنائية التي تشهدها الدولة باستضافة كأس العالم ٢٠٢٢. وتشمل الفعاليات الأخرى حفلة تحت عنوان نغم.. من درب الساعي ، بتاريخ 11 ديسمبر، ويشارك فيها كل من هاشم اليافعي وهو الفائز بالمركز الأول في مسابقة نغم بنسختها الأولى التي يقيمها المركز كل عام، ويسرا محمد الفائزة بالمركز الأول في النسخة الثانية، حيث يقدمان خلال الحفل ما يقارب من 10 من أشهر الأغاني الوطنية إلى جانب دويتو غنائي مشترك يجمع بينهما، وواحدة من أشهر الأغاني الوطنية.

كما يستضيف المسرح الرئيسي بدرب الساعي عدداً من الندوات الموسيقية المميزة التي تجمع بين الحوارات الفنية والعزف والغناء.

درب الساعي يستحضر مسيرة عميد الأغنية القطرية عبدالعزيز ناصر

شهد المسرح الرئيسي لدرب الساعي إقامة ندوة جديدة، ضمن فعاليات اليوم الوطني للدولة 2022، وجاءت تحت عنوان عبدالعزيز ناصر.. عميد الأغنية القطرية .

وشارك في الندوة كل من إبراهيم المطوع، باحث وإعلامي، ويسرى محمد، مطربة، وأدارها الإعلامي عادل عبدالله.

وجاءت الندوة استحضاراً لمسيرة الموسيقار الراحل عبدالعزيز ناصر، وإبراز دوره في تأسيس الأغنية القطرية، منذ تأسيسه لفرقة الأضواء، ودوره بعد ذلك في انتشار الأغنية القطرية خارج حدود الوطن.

ومن جانبه، أكد السيد إبراهيم المطوع، أن حياة الموسيقار الراحل عبدالعزيز ناصر الفنية امتدت لنحو 50 عاماً، فهو الشرارة الأولى التي أطلقت فرقة الأضواء، كما أن أول لحن له كان لفلسطين، وكان مفروضاً أن يظهر بصوته، لولا نكسة 1967، حالت دون ذلك .

ولفت إلى أن الجمهور عرف الموسيقار الراحل من خلال التراث القطري، والذي وظفه في أعماله، مؤكداً أنه لحن لعدد كبير من رواد الأغنية القطرية، من أمثال فرج عبدالكريم وعلي عبدالستار وناصر صالح وغيرهم.

وقال: إنه ربط بين دراسته الأكاديمية في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة، وبين موهبته الفنية، الأمر الذي أفرز أعمالاً رائدة، كما أن اختلاطه بالموسيقيين العرب في القاهرة، ساهم في تلحينه مجموعة كبيرة من الأعمال الغنائية.

ولفت السيد إبراهيم المطوع إلى أن عبقرية الموسيقار الراحل عبدالعزيز ناصر تكمن في تحويله الأغنية من إيقاع نمطي إلى أغنية يدخل فيها أكثر من كوبليه ، ما أعطى للأغنية طابع الفرح ونوعا من النفس الطويل، الذي يستطيع الفنان أن يقدمه إلى أي بقعة عربية، وليست قطرية فقط.

وقال: إنه لذلك فإن أغنية الله يا عمري قطر مازالت أغنية خالدة، يتغنى بها كل قطري وعربي، وهكذا أعماله التي اتسمت بالرشاقة والجرأة، والتمرد على النمط التقليدي للأغنية القطرية.

وأكد أن اختلاطه بالملحنين العرب في القاهرة، ساهم في تجديده للأغنية القطرية، ووضع أسس لها، من حيث المفردة واللحن، حيث كان يختلط بأساطين الموسيقيين العرب في القاهرة، ما جعله يقدم الأغنية بروح جديدة.

وقال: إن أعمال الموسيقار الراحل عبدالعزيز ناصر حافظت على روح الأصالة، مع انفتاحه على العصر، ما جعل أعماله تصل إلى الجميع داخل وخارج قطر، وذلك لاستخدامه إيقاع المقسوم، فضلاً عن توظيفه فن الصوت، كما ظهر في تقديمه للأغنية الوطنية، علاوة على استخدامه للنهمة والعرضة، ما عكس حرصه على توظيفه لمفردات التراث، كما ظهر في أغانيه الوطنية. مؤكداً أن تمكنه من توظيف التراث القطري والخليجي، جعله يصل إلى أكبر رقعة جغرافية، إذ استخدم إيقاع لفجيري واستطاع تقديمه للمستمع العربي، ما يعني أنه لم يتنكر للتراث القطري وقدمه للمتلقي العربي.

وتابع: إن الموسيقار الراحل كان متأثراً بالمفردة الشعرية، الأمر الذي جعله متأثراً بها، كما كان معروفاً عنه أنه إنسان مثابر ومجتهد ويتنقل بين أكثر من جهة ليأخذ المفردات المتشابهة.

وتخلل الندوة، غناء الفنانة يسرى محمد لعدد من أعمال الموسيقار الراحل عبدالعزيز ناصر، وفي مقدمتها أغاني الله يا عمري قطر، أحبك يا قدس، ولهان ومسير ، إلى غير ذلك من أعمال غنائية. كما تخلل الندوة إذاعة أغنية أم الحنايا مسجلة.

صناعة الخوص حرفة الأجداد وتتوارثها الأجيال

تضم منطقة السوق في درب الساعي الكثير من المحلات التي تبيع أشياء مصنعة يدوياً من حرف تراثية قديمة، وذلك لنقل الصورة للزائرين عن حياة الأجداد وكيف كانوا يعتمدون على أشياء بسيطة جدا في تلبية متطلبات حياتهم، ومن يتجول في منطقة السوق يعود به الزمن إلى الوراء ويتعايش مع الأجواء القديمة، ومن تلك المحلات الموجودة في منطقة السوق، محل بيع الخوص ، حيث يعيش زوار درب الساعي أوقاتا ممتعة في التعرف على تلك الحرفة القديمة وهي حرفة صناعة الخوص والتي كانت تدخل في كثير من الأشياء المستخدمة في البيوت قديماً وتعتمد في الأساس على المواد المستخرجة من أشجار النخيل.

وهنا تقول لطيفة الدوسري صاحبة محل لصناعة وبيع الخوص في درب الساعي إن حرفة صناعة الخوص هي من الحرف القديمة التي توارثتها عن أجدادها، حيث كان اعتمادهم كثيراً على الخوص في تصنيع الأشياء المستخدمة في البيوت ومنها على سبيل المثال الـ القفة والتي كانت تستخدم في حفظ الأغراض المنزلية إلى جانب سفرة الطعام و المهفة وكثير من الأشكال المستخدمة في البيوت.

وأوضحت الدوسري أن الخوص يُصنع من مواد النخيل لأن شجرة النخيل هي شجرة مباركة وكل ما فيها يستخدمه الإنسان، موضحة أنها تقوم بتنقية وتنظيف الجزء المستخدم في صناعة الخوص ثم تضعه في الماء وتجففه من خلال تعريضه للشمس، وقد يتم إضافة ألوان له.

وأوضحت أن حرفة صناعة الخوص جميعها عمل يدوي ومن المهم تعريف الأجيال الجديدة بهذه الحرفة باعتبارها حرفة الأجداد.

وقالت إن وجودها في درب الساعي من خلال محلها لبيع الخوص له عدة أهداف أولها تعريف الزائرين والزوار بهذا التراث لأن الأجيال الجديدة قد لا يعرفون شيئاً عن هذه الحرفة وبعضهم قد لا يعلم ما هي فوائد النخيل والأشياء المستخدمة منه، خاصة أن بعضهم لا يعلم شيئاً عن النخيل سوى أنها تعطينا الرطب.