


عدد المقالات 604
من خلال شعارات المتظاهرين في العراق ولبنان، برزت إلى العيان مأساة لا تقل خطورة عن الشق المعيشي، وتتعلق بتركيبة السلطة، حيث كان الرفض واضحاً تماماً لفكرة الطائفية، ونظام المحاصصة في السلطة، وهي إحدى آفات النظام في لبنان تاريخياً، حيث رئاسة الجمهورية للمسيحيين الموارنة، والحكومة للمسلمين السنة، والبرلمان للشيعة، ويضاف إلى ذلك ظاهرة البيوتات السياسية، وهم بمثابة أمراء طوائف، ومنها بيت شمعون وفرنجية وجنبلاط والحريري وأرسلان وكرامي وسلام، والأمر قد يكون مستحدثاً في العراق منذ عام 2003، وكان الأمر للأسف الشديد برعاية أميركية رغم شعارات «دمقرطة» العراق التي رفعتها قوات الاحتلال الأميركي، حيث الرئيس كردي، ورئيس الحكومة شيعي، والبرلمان سني، وفي الحراك الجزائري تعاملت قوات الأمن والحكومة بعنف ملحوظ، عندما ظهرت شعارات أمازيغية، ناهيك عن وجود توترات مستمرة وقابلة للانفجار في دول أخرى، بها أقليات قومية مثل الأكراد والوضع في العراق وسوريا مؤخراً، أو دينية مثل المسيحيين. ولعل مثل هذا الوضع يدفعنا دفعاً إلى الاعتراف بأننا أمام أزمة وجود، إما أن نكون دولاً مثل دول العالم المتحضر أو تلك الساعية إلى اللحاق بالعصر أو لا نكون، ونظل خارج التاريخ، والأمر يحتاج إلى البحث في المسلّمات، وأولها فكرة القومية العربية، التي بدأت في أربعينيات القرن الماضي، مع بروز فكر البعث وترسخت مع التجربة الناصرية، والبعض يعتبرها أحد أسباب أزمة المنطقة، خاصة أن أياً من دول العالم لا يتعامل مع المنطقة سوى بمسميات مثل الشرق الأوسط والشرق الأدنى، فالقومية العربية رغم أنها كفكرة أو مشروع تم إجهاضه مع هزيمة يونيو 1967، فإنه همّش قوميات موجودة في المنطقة ولها دور تاريخي في النهوض بها، ثانياً علينا الإقرار بفكرة التنوع العرقي والمذهبي وإعلاء فكرة المواطنة التي يستظل بها الجميع، بعيداً عن شعور الأقليات الدينية والإثنية. ومن حيث الأقليات الإثنية، فالحقائق تتحدث عن وجود الأمازيغية، وهي أكبر أقلية قومية في الدول العربية، ينتشر الأمازيغ ما بين المحيط الأطلسي حتى مصر، ويبلغ عددهم حوالي 36 مليون أغلبهم في المغرب والجزائر، حسب بعض الإحصاءات، لكن بعض النشطاء الأمازيغ يؤكدون أنهم «أغلبية في المغرب والجزائر وليسوا أقلية».. وقامت بعض الدول بتعديلات دستورية في السنوات الأخيرة ضمنتها حقوقهم، وهناك الأكراد، ثاني أكبر أقلية قومية في الدول العربية، وهم يسكنون المناطق الجبلية الممتدة بين شمال العراق وشمال شرقي سوريا مع دول الجوار تركيا وإيران، ويبلغ عدد الأكراد في العراق وسوريا قرابة 6 ملايين، وهم يعانون من «التضييق» ومنع استخدامهم لغتهم وتدريسها وغيرها رغم محاولات الإصلاح في العراق، أما من حيث الطوائف، فهناك الشيعة وهم منتشرون في العديد من الدول العربية، وإن تفاوتت الأرقام حيث لا توجد إحصاءات رسمية تضع عدداً دقيقاً للشيعة في المنطقة، ومن حيث التنوع الديني، فهناك المسيحيون، فتشير التقديرات إلى أن عددهم ما بين 12 و16 مليوناً، وتحتل مصر المرتبة الأولى في عدد المسيحيين، بينما لبنان هي الأولى من حيث نسبتهم إلى السكان، وهم يتواجدون في كل الدول العربية بنسب مختلفة. نحن أمام لحظة الحقيقة، لحظة التوافق على تجاوز الأزمات، والبحث عن حلول جذرية بعيداً عن المسكّنات المؤقتة، تتوافق مع الحاضر وتخاطب المستقبل، بعيداً عن سياسات دفن الرؤوس في الرمال أو ترحيل الأزمات، وتصديرها إلى الأجيال القادمة، بعيداً عن المصالح الضيقة التي يبحث عنها قادة وسياسيون ونخب، نقرر ونرفع لواء المواطنة، وإنهاء التمترس وراء طائفة أو أغلبية أو انتماء ديني، فمن المهم الإقرار بالتنوع والاختلاف، ولكن تحت خيمة المواطنة والدولة الوطنية، التي تقبل أن يكون الرئيس مسيحياً، حتى لو في دولة أغلبيتها مسلمة، طالما جاء عبر صندوق الانتخابات، واختارته الجماهير، أو أن يكون رئيس الوزراء أمازيغياً، طالما كان نتاج حزب حصل على أغلبية برلمانية، فالكل هنا مواطنون، وليسوا رعايا، فلسنا استثناء بين دول العالم.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...