


عدد المقالات 604
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة لأطراف الأزمة، أو تلك التي يهمها استقرار المنطقة، وقد شهدت الفترة الأخيرة دخول الأزمة المرحلة الرابعة لها، وقد تكون الأخيرة، فعلى عكس ما يتصور كثيرون، فإنها مستمرة منذ العام 2011، وتحديداً مع وضع حجر الأساس للسد، والذي توافق مع أشهر ما بعد ثورة يناير من العام نفسه، يومها اتفق رئيسا وزراء البلدين المصري الدكتور عصام شرف والإثيوبي وميليس زيناوي في سبتمبر من العام نفسه، على تشكيل لجنة دولية لدراسة آثار بناء السد، على المستويات كافة، دون أن يتم تحقيق أي إنجاز في هذا الإطار، واستمر الحال على ما هو عليه في ظل حالة عدم الاستقرار في مصر، لتبدأ «مرحلة ثانية» منذ أكثر من خمس سنوات، وتحديداً في مارس من عام 2015، حيث أشاع توقيع قادة الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة إعلان المبادئ، جواً من التفاؤل العام، خاصة وأنه بمثابة خارطة طريق للوصول إلى توافق بين الدول الثلاث، الاتفاق وفقاً للرؤية المصرية اعتمد مبدأ مهماً، وهو «لا ضرر ولا ضرار» فهي لا تمانع على الإطلاق في بناء السد، كحق أصيل لإثيوبيا في التنمية، مع ضمان مقوّمات الحياة للشعب المصري، الذي ارتبط وجوده عبر التاريخ بمياه نهر النيل، وشهدت تلك المرحلة اجتماعات ماراثونية على أعلى المستويات، من القادة حتى وزراء الري واللجان الفنية، ودخلت الأزمة «مرحلتها الثالثة» في نوفمبر من العام الماضي، بالقبول بواشنطن وسيطاً، بالتعاون مع البنك الدولي، الذي توصل إلى اتفاق إطاري وقّعت عليه مصر، وغابت إثيوبيا عن اجتماع التوقيع. ومع استمرار التعقيد والتأزيم من قبل إثيوبيا، أصبح المشهد وفقاً لمعادلة تقول، إن مصر تقبل «بأقل الأضرار»، وهذا واضح من تصريحات رسمية، جاءت على لسان كبار المسؤولين، ومنهم وزير الخارجية سامح شكري، في مقابل إصرار إثيوبي على فرض أمر واقع، واتباع سياسة شراء الوقت، والحوار حول الأزمة دون حلها، لحين بدء مرحلة الملء التي سيتم الإعلان عنها رسمياً خلال شهر يوليو المقبل، مع التهرب من أي التزامات سابقة، لتبدأ مرحلة «التدويل» من تبادل المذكرات بين الطرفين إلى مجلس الأمن، حيث عبّرت رسالة وزير الخارجية المصري سامح شكري، عن عدم قدرة مصر على تحمل الأضرار الجسيمة لمصالحها وحقوقها من ملء السد، دون التوصل إلى اتفاق أو التشاور مع دولتي المصبّ، باعتبار الأمر يمثل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في المنطقة، وإضراراً بحياة 100 مليون مواطن مصري يعتمدون كلية على نهر النيل، إثيوبيا تعاملت مع الأمر باستهانة وفقاً لتصريحات مسؤوليها، باعتبار الرسالة لن تغير من الأمر شيئاً، مع التأكيد على إصرارها على ملء السد في منتصف يوليو المقبل، ولا ترى أي ضرورة لإبلاغ البلدين، مما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى التأكيد على ضرورة التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث، وفقاً لإعلان المبادئ الموقّع في 2015. الأسابيع المقبلة حاسمة، والوقت يمرّ بسرعة البرق، والخيارات محدودة وفي مقدمتها التدخل الدولي من خلال الدول الفاعلة، والتي تسعى إلى استقرار تلك المنطقة ذات القيمة الاستراتيجية، والتي لا تحتمل مزيداً من التوتر أو الاشتعال، للعودة من جديد إلى المسار التفاوضي لمباحثات واشنطن، خاصة وأن أغلبية القضايا متفق عليها، وهناك اتفاق جاهز للتوقيع، وإدخال تعديلات بسيطة عليه لن يمثل مشكلة، وقد دخل السودان على هذا الخط، رغم أنه طرف في الأزمة، حيث وعد عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السوداني، بالسعي إلى إقناع قادة إثيوبيا بالعودة إلى مسار واشنطن، خلال الاجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرنس، والذي جمعه مع نظيره المصري مع وزراء الخارجية والري ورئيسي مخابرات البلدين منذ أيام قليلة، أما الحديث عن خيار المواجهة العسكرية فهو مستبعد، ولا يتمناه أحد، فالحروب ليست نزهة، كما أنها قرار صعب، يحتاج إلى دراسة متأنية، والتجارب السابقة علمتنا أن نهايتها قد لا تكون بقرار من أطرافها، ناهيك عن الخسائر التي لن يتحملها أطرافها أو المتضررون منها وهم كثر، وتداعياتها كارثية.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...
تطورات أزمة سد النهضة متلاحقة، ويبدو من سرعاتها أنها لم تتأثّر بحالة الجمود السائد في العديد من الملفات السياسية في الإقليم والعالم. وخلال الأيام الماضية يمكن رصد الزيارة السريعة التي قام بها وزير الري المصري...