


عدد المقالات 604
تطورات أزمة سد النهضة متلاحقة، ويبدو من سرعاتها أنها لم تتأثّر بحالة الجمود السائد في العديد من الملفات السياسية في الإقليم والعالم. وخلال الأيام الماضية يمكن رصد الزيارة السريعة التي قام بها وزير الري المصري محمد عبدالعاطي، يرافقه مدير المخابرات المصرية عباس كامل، ولقائهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، والذي تمخّض عن موقف مهم، وهو تمسّك البلدين بمرجعية مسار واشنطن الخاص بقواعد الملء والتشغيل لسد النهضة، وما تم التوافق عليه في هذا المسار وإعلان المبادئ الموقّع بين الدول الثلاث في عام 2015، وهو موقف جديد ومهم. أما الموقف الآخر، فهو تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على خلفية الذكرى التاسعة لبدء بناء سد النهضة، والذي أكد فيها أن بلاده ستبدأ في ملء السد في موسم الأمطار المقبل، وأشاد بإظهار الإثيوبيين قدرتهم في تمويل السد بمواردهم الخاصة، وهم يولون مكانة خاصة للمشروع لأنه رمز للسيادة والوحدة، في مخالفة صريحة للمادة الخامسة من اتفاق إعلان المبادئ، الذي يفرض على أديس أبابا ضرورة الاتفاق على قواعد الملء وتشغيل السد قبل البدء في عملية الملء ذاتها. ونتوقّف عند حقيقة الموقف السوداني، الذي يتسم -للأسف الشديد- بالمراوغة والغموض ويفتقد لوجود ثوابت تحكمه، وفي مقدمتها المصالح العليا للسودان، باعتباره طرفاً في الأزمة وليس متفرجاً على مسارها، باعتباره دولة عبور تتوسط إثيوبيا (بلد المنبع) ومصر (بلد المصب). وحقيقة الأمر أن التباين في الموقف السوداني ليس وليد المرحلة الانتقالية التي يعيشها السودان، ولكن بدأ منذ انطلاق أشغال بناء السد في عام 2011؛ فقد كان في العامين الأولين مسانداً للموقف المصري، وحتى عام 2013، وتحديداً في مايو عندما بدأت إثيوبيا في تغيير مجري النيل الأزرق؛ حيث أدرك أنه قد يستفيد من البناء، أو أنه كما أعلن لن يتضرّر منه؛ حيث تحوّل إلى مساندة الموقف الإثيوبي، ولكنه عاد إلى الالتزام بالحياد والوقوف على مسافة متساوية منذ السنوات الثلاث الأخيرة، والتي شهدت جولات المباحثات الماراثونية بين الأطراف الثلاثة، وعلى مستويات مختلفة سياسية وأمنية وتقنية، وأحياناً في الجمع بين المستويات الثلاثة. وظهر التناقض السوداني في ثلاث مناسبات في الأشهر الأربعة الماضية، وكانت البداية عندما تم التوصل في فبراير الماضي -برعاية ووساطة أميركية بمشاركة البنك الدولي- إلى وثيقة اتفاق؛ حيث تحفّظ عليها السودان، ورفضت إثيوبيا التوقيع. أما الموقف الثاني فعندما تحفّظ السودان على القرار الداعم لمصر وله، من وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في الرابع من مارس الماضي، وطلب حذف اسمه من مشروع القرار، الذي أكد على الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل، ورفض أي إجراءات إثيوبية أحادية الجانب، ومع الاستجابة لطلبه تحفّظ على التوقيع. ونتوقّف عند الموقف الأخير، والخاص بحقيقة وساطة السودان بين القاهرة وأديس أبابا؛ حيث جاءت أول مرة على لسان نائب رئيس المجلس الانتقالي محمد حمدان دقلو «حميدتي» أثناء زيارته للقاهرة في منتصف الشهر الماضي، عندما كشف -بعد لقائه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي- عن أن الخرطوم ستكون وسيطاً بين البلدين؛ للوصول إلى اتفاق حول أزمة السد، وهو ما أكده عبدالله حمدوك. وجاءت تصريحات وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، منذ أيام قليلة، لتربك الموقف من جديد، نافيا أن تقوم الخرطوم بدور الوساطة؛ لكون السودان طرفاً أصيلاً في المفاوضات، ويسعى من خلال تلك المشاركة للحفاظ على مصالحه، مما أثار تساؤلات حول حقيقة الموقف السوداني، خاصة بعد تزايد مواقف مجموعة من خبراء الري السودانيين، الذين حذّروا من خطورة السد، وإمكانيات انهياره، باعتبار أن ذلك كفيل بتدمير السودان بالكامل، وأشاروا إلى افتقاره إلى الدراسات الجادة. الأمر في النهاية يستوجب على السودان تحديد موقفه، خاصة أن الأيام المقبلة حاسمة، سواء امتدت جائحة «كورونا» أم انتهت، والطريق الأسلم لحل أزمة سد النهضة هو العودة إلى مسار التفاوض على ضوء مسار واشنطن، بناء على قاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، الإقرار بحق إثيوبيا في التنمية، وتوفير مقومات الحياة للمصريين، وضمانات الأمان من السد للسودان.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...