


عدد المقالات 604
توقّفنا في مقال الأسبوع الماضي عند الأزمة الجزائرية والسيناريوهات المتوقعة لها، فمن الآن وحتى موعد الانتخابات القادمة في الجزائر في منتصف ديسمبر المقبل -إذا تمت- فإن الخيارات متعددة ومتباينة في الوقت نفسه، خاصة كما ذكرنا في وجود أزمة ثقة وفجوة بين رؤى القوتين الأهم: المؤسسة العسكرية من ناحية، والشارع الجزائري ويمثله الحراك.. فمجرد نظرة على ما جرى منذ 22 فبراير الماضي بحسم الصراع لصالح رئيس الأركان قايد صالح، بعد رحيل الرئيس بوتفليقة ورجاله، تغيّرت قوى صنع القرار في البلاد، مرّ موقف المؤسسة العسكرية بمرحلتين خلال الأشهر الماضية: الأولى، فبعد أسبوعين من الحراك الشعبي، تبنّت المؤسسة العسكرية خطاباً تطمينياً لشباب ولقادة الحراك؛ حيث ركز خطابها على عدة عناصر، أهمها أن الرابطة بين الجيش والشعب قوية وعفوية، وأن الجزائر محظوظة بشعبها، والجيش محظوظ بشعبه، واستمرّ خطاب قيادة الأركان بالاتجاه نفسه وعلى مدار أشهر. أما المرحلة الثانية والمستمرة حتى الآن، فقد شهدت تغييراً درامياً في موقفها، والذي شهد مواجهات بين قوى الأمن والمواطنين، وتوسيع دائرة الاعتقال بين قادة الحراك والمشاركين فيه، آخرها في مظاهرات الثلاثاء الماضي، ووصل الأمر إلى عدم تنفيذ وعود الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح، أمام أعضاء الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، باتخاذ «إجراءات تهدئة» على رأسها «إطلاق سراح كل الأشخاص الذين اعتُقلوا» خلال التظاهرات، وتخفيف الإجراءات الأمنية، التي كانت تمنع كثيرين من الجزائريين من الوصول إلى العاصمة، للمشاركة في التظاهرات الأسبوعية. والأخطر في هذه المرحلة الأخيرة، محاولة فرض رؤية الحل الأحادي للأزمة، بالتزام مسار الانتخابات الرئاسية، على خلفية رؤية قد تبدو قاصرة، بأن مطالب الحراك قد تحققت، ويبقى أمام الرئيس القادم الشرعي بعد فوزه أن يستكمل بقية مطالبه، رغم قناعة الكثيرين من أن الانتخابات إذا تمت على الأرضية القانونية السابقة نفسها، فسوف تمثّل عرقلة للديمقراطية الحقيقة التي ينشدها الجزائريون، خاصة أنها لا تترافق مع عملية انتقال حقيقية. وهم على قناعة بأن صندوق الاقتراع في هذه الحالة ضد الديمقراطية ويهدف إلى إطالة عمر نظام سياسي لا ديمقراطي، ناهيك عن وجود صعوبات تواجه خيار الانتخابات، في مقدمته المعارضة الواسعة للدستور الحالي، ومطالبة الحراك بالسعي إلى دستور جديد للبلاد، والتي التفّت عليه المؤسسة بفكرة إجراء إصلاحات شكلية، ومنها مصادقة كلّ من الحكومة والبرلمان بتخفيض عدد التوقيعات التي يتعين على كل راغب في الترشّح الحصول عليها، من 60 ألف توقيع إلى 50 ألفاً، ومنها أيضاً غياب أية رؤية أمام تطور الظروف الأمنية خلال الفترة حتى الانتخابات القادمة، في ظل عدم وجود أية مؤشرات عن تراجع المؤسسة عن إجراءاتها الأمنية، والتي تدفع باتجاه إنهاء الحراك الشعبي، وهناك أيضاً رفض العديد من المحافظين والقضاة تنظيم الانتخابات في مقاطعاتهم، والغريب في الأمر هنا هو الدعم المفاجئ لرئيس الوزراء الجزائري نورالدين بدوي وحكومته من رئيس الأركان، وقال عنها إنها «تحقق الكثير من الإنجازات الميدانية»، وذلك بعد الأنباء التي ترددت عن قرب تقديم استقالته، لتسهيل الوصول إلى الانتخابات المرتقبة، رغم رفض الحراك لاستمراره والمطالبة بإقالته، وهذا يعني أنها قد تكون هي الحكومة التي ستدير بصورة أو بأخرى عملية الانتخابات، حتى لو عبر توفير المستلزمات اللوجستية لإجرائها على الأقل المستوى الأمني. وإذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، ونجحت المؤسسة في فرض خيار الانتخابات، دون أن تعطي نفسها فرصة دراسة فكرة مرحلة انتقالية تمثّل مساحة من الوقت أمام جميع القوى السياسية الجديدة والقديمة للإعداد للانتخابات، فإن هناك شكوكاً كبيرة في القبول بنتائج تلك الانتخابات، مما يضع الجزائر على سكة أزمة جديدة، تتناول هذه المرة شرعية الرئيس القادم، وهنا مكمن الخطورة ووصفة للتأزيم، خاصة مع استمرار زخم الاحتجاجات الأسبوعية؛ مما يعني عدم التعويل على إنهاء الحراك، أو انصراف الشعب عنه، مع توقعات تنحاز إلى فكرة استمرار التناقض بين الأطروحات القائمة، مما يرشح الأزمة للتفاقم، وقد تصل إلى ذروتها في المدى القريب.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...