alsharq

منبر الحرية

عدد المقالات 129

في تشجيع الحرية الاقتصادية بالبلدان العربية

06 أكتوبر 2011 , 12:00ص

فتيل الثورات العربية أشعله شاب تونسي قدم للنار نفسه قربانا، بعد أن استكثرت عليه السلطة رخصة إدارية ببيع الفواكه والخضر على بساط فوق الأرض. لكأن الأمر تحصيل حاصل: إن عجز الشباب عن الاندماج في الدورة الاقتصادية بمجتمعاتهم، بسبب غياب فرص الاستثمار والشغل، قد غذى شعورهم بالضياع، فانتفضوا. ومع ذلك، فليس غياب هذا الاندماج الاقتصادي عند الشباب رغم تطلعاتهم إلى عالم الأعمال إلا واحدا من أعراض غياب الحرية الاقتصادية في البلدان العربية. كيف يكون علاج ذلك؟ إن فحص خريطة الحرية الاقتصادية من خلال مؤشر الحرية الاقتصادية لمعهد فريزر (2010) تبين أن معظم البلدان العربية في شمال إفريقيا أو في الشرق الأوسط تبلغ شأواً عاليا في القمع الاقتصادي الذي يترجَم فسادا وتضخما، وهيمنة للأسواق السوداء ولكل ما ليس رسميا، ويترجَم حمائية وتدخلا من قبل الدولة ليس له ما يبرره. هكذا يتبين أن العالم العربي شديد التخلف إذا قورن بالبلدان الأكثر تطورا على مستوى مظاهر الحرية الاقتصادية الخمسة: حجم الدولة، الهيكل القانوني وحقوق الملكية، والسياسة النقدية، وحرية التجارة الدولية، وتنظيم الأسواق (الائتمان والعمالة) وعالم الأعمال. تمثل هذه المعايير الخمسة ثلاثة أوجه للحرية الاقتصادية: أولا، حرية الاختيار الفردي التي يحد منها جهاز الدولة المفرط في استهلاكه كما في استثماره، وهو ما لا يكاد يفسح في المجال أمام المبادرة الخاصة، فينتهي الأمر إلى تسييس القرارات الاقتصادية وجعلها بيروقراطية. ثم إن حرية حقوق الملكية يعوقها غياب المؤهلات وعدم استقلالية الجهاز القضائي على الخصوص، مما يفت في عضد المبادرة الخاصة، إذ يخشى الواحد أن تنتزع منه ممتلكاته وثمار عمله. وأخيرا، فإن حرية التجارة والمنافسة يخنقها تضييق وضوابط تحد من تداول السلع والخدمات ورؤوس الأموال، ويخنقها كذلك التنظيم المفرط لأسواق الائتمان والعمل، كما يخنقها التضخم الإجرائي الذي يقف عائقا أمام قيام المشاريع. إن أفضل استراتيجية ممكنة لتعزيز مختلف مظاهر الحرية الاقتصادية هذه، هي اتخاذ التجارة معبرا، إن تحرير التجارة العربية البينية لن يسمح -في الواقع- بحركة الناس والسلع والخدمات فحسب، ولكنه سيحث على إصلاحات مواتية للحرية الاقتصادية. كيف؟ هذا يمر عبر تشغيل آليتين اثنتين: التعاون والمنافسة. إن إقامة منطقة تجارة حرة موسعة بين الدول العربية ستسمح برفع الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي تقف في وجه المبادلات، ما سيزيد من حجم السوق المتاحة لكل بلد مشجع لذلك الاستثمار الذي كان يعاني من ضيق الأسواق الصغيرة. ومن خلال التعاون على فتح الحدود أمام المبادلات التجارية، سيصبح الاقتصاد العربي أكثر تنافسية بفضل أثر وفورات الحجم (زيادة مردودية المقاولات) وزيادة تقسيم العمل في الاقتصاد الناتج عن توسيع الأسواق. لا شك أن البلاد العربية عندما تذوق طعم ثمار النمو والعمالة، ستندفع في المضي قدما على طريق الحرية الاقتصادية من خلال إعادة الاعتبار للاستثمار الخاص بوصفه الاتجاه الحقيقي لخلق الثروة بعدما كان لفترة طويلة منبوذا من قبل الاستثمار العام. وسينجم أيضا عن إقامة منطقة للتجارة الحرة تنافس بين الاقتصادات العربية. إن فتح الحدود -في الواقع- سيجعل السلع والأشخاص ورؤوس الأموال تذهب إلى حيث تجد أنها أعلى قيمة. وسيجد كل اقتصاد عربي نفسه مدفوعا إلى مضاعفة جهوده لجلب رؤوس الأموال وقوة العمل المؤهلة. ذلك يفرض عليهم إجراء إصلاحات في اتجاه تعزيز الحرية الاقتصادية. وهكذا، فحتى لا تغادر المقاولات أرضها إلى البلدان المجاورة الأكثر جاذبية، سيكون كل بلد مدفوعا إلى إجراء إصلاحات هيكلية باتجاه تشجيع أوجه الحرية الاقتصادية الثلاثة: - حرية الاختيار الفردي: تخفيف من وطأة جهاز الدولة على الاقتصاد. - حرية حقوق الملكية: تعزيز الكفاية واستقلال الجهاز القضائي وتحسين سياسة التضخم النقدية. - حرية التجارة والمنافسة: عن طريق عقلنة التنظيمات والحد من القيود التي تكبل أسواق عوامل الإنتاج وبيئة الأعمال. بتنسيق آليتي التعاون والتنافس هاتين، فإن تأثير التقليد سيتكفل بالبقية بمجرد أن يرى كل بلد في العالم العربي جاره يجني ثمار الحرية الاقتصادية، لاسيما حين يكون النمو قويا وأكثر استقرارا وتكون العمالة كريمة ومجزية. هناك طبعا كتل وليدة لتحرير التجارة بين البلدان العربية (مجلس التعاون الخليجي، واتفاقات التجارة الحرة بين المغرب والأردن ومصر وتونس)، ولكنه سيكون أنسب أن تتسع هذه المناطق إلى سوق كبرى وثقل اقتصادي أبلغ تأثيرا. إن إنشاء منطقة كهذه الآن تحول دونه اعتبارات سياسية، وهذا ما يجعل الذكاء يتطلب مقاربة جديدة «من تحت» (من أسفل إلى أعلى) يكون فيها للمقاولات والمجتمع المدني دورهما. عندما ينسج هذان الكيانان، شبكات في مختلف البلدان العربية، سيكون بإمكانهما الضغط على القادة العرب لتجاوز الانقسامات السياسية والشخصية، من خلال إظهار الأرباح المحتملة لاتحاد من هذا القبيل، ومن جهة أخرى، بالتأثير على الرأي العام. بتعبير آخر، من خلال تكثيف المبادلات الاقتصادية والفكرية والثقافية بين مختلف البلدان العربية، وسيصبح الترابط بين مختلف البلدان من التداخل بحيث تصبح السياسات أمام الأمر الواقع، الحاجة إلى تكتل اقتصادي عربي متكامل. ويقود ذلك إلى تشجيع انتشار أفكار الحرية الاقتصادية، وبالتالي تسهيل التكامل الاقتصادي بين الشباب بتمكينهم مما يكفي من فرص الاستثمار والعمل. هذه بالتأكيد أفضل وسيلة للبناء على مكتسبات الربيع العربي. ? ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

مشروع فلسطيني جديد يواجه المشروع الصهيوني

مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...

سيكولوجية الهدر عربياً

كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...

سوريا إلى أين؟ بين إنكار السلطة الديكتاتورية.. وفشل المعارضة السورية (1/2)

درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...

أي مجتمع مدني في ظل الحراك العربي؟

لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...

روحاني والسياسات الإيرانية القادمة

بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...

مبادرة النيروز: درس تركي جديد للعرب

قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (3/3)

.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (2)

باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...

سوريا الحرية ستنهض من جديد(1)

لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...

موقع المثقف العربي من «الربيع»

في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...

التجربة الثورية العربية الجديدة (1/2)

يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...

التحول الديمقراطي التركي رؤية من الداخل

هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...