تواصل قطر، تصدر العديد من المؤشرات العالمية البارزة، ومؤخراً تم الإعلان عن تصدر الدوحة لتصنيف المباني الذكية على مستوى الشرق الأوسط ، ضمن تصنيف شركة هانيويل البريطانية المتخصصة في مجال التكنولوجيا بالتعاون مع شركة الأبحاث العالمية نيلسن والشركة الاستشارية أرنست أند يونج ، والذي اظهر أن المعدل الوسطي لتصنيف المباني في الدوحة بلغ 70 نقطة، ما يعني تفوقها بواقع 20 نقطة أعلى من المعدل الوسطي لمدن المنطقة.
ويؤكد الخبراء أن تصدر الدوحة لهذا التصنيف هو انعكاس لسياسات الحكومة خلال السنوات العشر الأخيرة، من خلال الاشتراطات الإلزامية للمباني حول تبنيها أنظمة خضراء وصديقة للبيئة، وتوقعوا أن تعزز المشروعات الحديثة التي تتبناها الدولة وعلى رأسها مشروع مدينة لوسيل هذا التصنيف، وذلك لاعتماد جميع مبانيها وخدماتها على الأنظمة الذكية الصديقة للبيئة.
حصاد 10 سنوات
الخبير والمثمن العقاري خليفة المسلمانى يؤكد أن السنوات العشر الأخيرة شهدت تشديدا من قبل وزارة البلدية والبييئة على الاشتراطات الخاصة بإنشاء المباني، وإلزام المطورين العقاريين بأن تتبنى عقاراتهم آليات صديقة للبيئة سواء من ناحية المياه أو الكهرباء والصرف الصحي، وهو ما انعكس على طبيعة البنايات فى الدوحة .
وأضاف أنه لا يستغرب صدارة الدوحة لتلك التصنيفات الدولية المشرفة لأن هذا نتيجة جهد الدولة خلال السنوات الأخيرة، ويتوقع أن تستمر تلك الصدارة وتعززها المشروعات العملاقة مثل مدينة لوسيل التي ستكون مدينة كاملة من العقارات الذكية والصديقة للبيئة.
مميزات تسويقية
وأكد المسلماني أن الثقافة السائدة حاليا لدى المستهلكين هى البحث عن العقارات التي تحتوي على خدمات متطورة وذكية، وهو ما يضيف لتلك المباني ميزة تسويقية اضافية تساعد المطورين العقاريين بالتسويق لها .
وقال إن الفترة المقبلة ستشهد، مع استمرار عمليات الإحلال والتجديد، دخول نسبة كبيرة من المباني القديمة ببعض المناطق داخل الدوحة، فى إطار المباني الذكية وهو ما سيعزز مكانة الدوحة ضمن هذا التصنيف.
وخلال شهر فبراير من العام الماضي قامت الهيئة العامة القطرية للمواصفات والتقييس بإعداد كود البناء القطري ( مواصفات قطر للإنشاء 2014 QCS)، وتم تخصيص الفصل السابع من هذا الكود للمتطلبات الإلزامية للبناء الأخضر، كما تم إعداد مبادرة من شؤون المختبرات والتقييس بوزارة البلدية والبيئة، كمشروع مواصفة قياسية في إطار رؤية قطر الوطنية 2030 بعنوان مواصفات الاستدامة لإنشاءات قطر2030 وتشكيل لجنة لإعداد كود المباني الخضراء بالدولة، بمشاركة عدد من الجهات المعنية.
مواصفات جديدة في 2018
الهيئة تستعد لإطلاق النسخة السادسة من مواصفات قطر للإنشاء والتي سيتم تدشينها في عام 2018، لتكون النسخة الأخيرة التي تحتوي على آخر ما توصلت إليه قطر في مجال المواصفات القطرية.
وتشتمل النسخة السادسة على كافة المواصفات والمعايير ولتحقيق المواءمة والتكامل مع جميع التشريعات الوطنية والإقليمية والدولية في مجال استدامة البناء وجودة التشييد، بالإضافة إلى تعزيز البحث العلمي التطبيقي المبني على النتائج، بما يتماشى ورؤية قطر الوطنية 2030 والتنمية المستدامة التي تشهدها قطر في جميع المجالات.
مشروع المستقبل
وفي إطار رؤية 2030، تسعى قطر للتحول إلى نموذج المدن الذكية، وتطبق حالياً هذا النموذج على مدينة لوسيل، التي من المقرر أن تكون مركزاً للبنية التحتية المتكاملة والشبكات ووسائل النقل الذكية.
وقال عيسى كلداري الرئيس التنفيذي لمدينة لوسيل إن المدينة تعد أول مدينة ذكية في الشرق الأوسط بهذا الحجم، ويعملون حاليا مع جميع الجهات الحكومية لاستخدام شبكة الآلياف الضوئية للمدينة كاملة، مطالبا بتوحيد الجهود لتحقيق هذا الحلم، موضحاً أن مصطلح كلمة مدينة ذكية يعني أن كل الخدمات المقدمة بالمدينة يمكن التحكم بها عبر الجوال والكمبيوتر، كما تتمثل فلسفتها في تقليل الاعتماد على وسائل النقل التقليدية مثل السيارات والباصات والمحافظة على البيئة.
وتمتد مدينة لوسيل على مساحة 38 كيلو مترًا مربعًا ، وتضم أربع جزر استثنائية و19 منطقة سكنية متعددة الأغراض ومناطق متعددة الاستخدامات ومناطق ترفيهية وتجاريةـ تعتمد جميعها على أنظمة المباني الذكية والصديقة للبيئة، كما تتضمن مركز لوسيل للقيادة والتحكم الذي يعد خدمة متفردة، وستتمركز فيه عملية إدارة ورصد جميع الخدمات الذكية، مثل استخدام العدادات الذكية في استهلاك الطاقة.
دخل أعلى للاقتصاد
دراسة حديثة صادرة عن شركة هانيويل ، بالتعاون مع شركة أبحاث السوق نيلسن ، والشركة الاستشارية أرنست آند يونغ ، أكدت أن المباني الذكية تسهم في توليد دخل أعلى على مستوى الشركات والدولة، وزيادة القدرة التنافسية الاقتصادية، وتقليل شكاوى شاغلي المباني عبر توفير مكاتب للمساعدة . وتعتمد المدن الذكية على تطبيقات مفتوحة الهيكلية، وحلول التقنية المتقدمة والأمن والحوسبة السحابية، والتقنية الافتراضية والاتصالات المرئية. ولا يقتصر مفهوم المدن الذكية على تمكين قاطنيها من العثور على أفضل المطاعم الجديدة أو أقرب مواقف السيارات على سبيل المثال، وإنما تهدف إلى خفض التكلفة، والارتقاء بالأداء، وزيادة العوائد، وتقديم خدمات جديدة للمواطنين والقاطنين.
100 مليار دولار
وتوقعت الدراسة أن يوفر انتشار المباني الذكية على مستوى العالم قيمة تناهز 100 مليار دولار عن طريق الحد من الطاقة المستهلَكة عبر تكامل نظم التهوية والتدفئة والتكييف مع بقية النظم الذكية، وقيمة تناهز 69 مليار دولار من خلال خفض تكلفة قراءة عدادات الخدمات، و39 مليار دولار عبر ربط عدادات المياه المنزلية وفق شبكة بروتوكول الإنترنت لتوفير معلومات دقيقة عن بُعد عن الكمية المستهلكة.
وبالمثل، يمكن أن تحقق المواقف الذكية قرابة 41 مليار دولار من خلال توجيه السائقين نحو أقرب المواقف الشاغرة في أنحاء المدينة، فيما قد تحقق شبكات الطرق المدفوعة 18 مليار دولار على شكل إيرادات عبر تطبيق نظام التسديد المؤتمت عندما تدخل المركبات الأماكن الأكثر اكتظاظاً من المدن.
الدوحة تتفوق عالميا
واستخدمت الدراسة تصنيف هانيويل للمباني الذكية والذي يعد الأول من نوعه، ويمثل إطاراً عالمياً صمم خصيصاً لإتاحة التقييم الشامل والسهل للمباني ، وتم توظيفه في تقييم 620 بناءً في سبع من أهم مدن منطقة الشرق الأوسط، هي الدوحة وأبوظبي والدمام ودبي وجدة ومدينة الكويت والرياض.
الدراسة شملت مجموعات متنوعة من المباني، من بينها المطارات والفنادق والمستشفيات والمكاتب والأبراج السكنية، إلى جانب مباني المؤسسات التعليمية ومراكز التسوق. واعتمدت على تقييم 15 من الأصول التقنية الأساسية في المباني وفقاً لقدرات كل نظام ومدى تغطيته للمبنى، وفترات انقطاع الخدمة وذلك بهدف التركيز على التكنولوجيا المستخدمة في هذه المباني، وتصنيفها وفقاً لكونها صديقة للبيئة وآمنة وتدعم الإنتاجية، وهي المعايير الثلاثة الرئيسية التي تستخدم في اختيار المباني الذكية.
وتصدرت كل من الدوحة ودبي التقييم الإجمالي حسب المعايير الثلاثة جميعاً، حيث كشفت الدراسة عن أن المعدل الوسطي لتصنيفات المباني الذكية في الشرق الأوسط بلغ 48 من أصل 100 نقطة إجمالية، وبلغ المعدل الوسطي لتصنيف المباني في الدوحة 70 نقطة، ما يعني تفوقها بواقع 20 نقطة أعلى من المعدل الوسطي في المنطقة، في حين حققت دبي معدلاً وسطياً بلغ 65 من أصل 100 نقطة. أما أبوظبي، فقد جاءت في المرتبة الثالثة بمعدل 48 نقطة.