المملكة ترحب بالاستثمارات القطرية.. سفير السعودية لدى قطر لـ "بننسولا":

إرادة وحكمة القيادة في البلدين والعلاقات الاستثنائية دعمت المصالحة الخليجية

لوسيل

الدوحة - لوسيل

أجرت صحيفة البننسولا، لقاء مع سمو الأمير منصور بن خالد بن فرحان آل سعود سفير المملكة العربية السعودية لدى قطر، سلط خلاله الضوء على عدد من القضايا المتعقلة بعلاقة المملكة مع دولة قطر، وخصوصية علاقة البلدين، وآفاق التعاون الثنائي في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاستثمارات والدعم المتبادل في تنفيذ المشاريع التنموية، وحرص قيادة البلدين على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وغيرها من القضايا التي يمكن الاطلاع على تفاصيلها في الحوار التالي:

بعد قمة العلا وإعلان المصالحة الخليجية، شهدت العلاقات السعودية القطرية تطوراً سريعاً وملحوظاً، ما الذي ساعد على هذا؟

** ما ساعد على العودة السريعة للعلاقات القطرية السعودية أكثر من غيرها من المسارات الأخرى، هو سببان الأول، إرادة وحكمة القيادة في البلدين، ويعتبر هذا الأساس الصلب الذي نقف عليه.

الأمر الثاني هنالك خصوصية للعلاقات السعودية القطرية، ونعتبرها استثنائية، حيث تربطنا بالاخوة في دولة قطر علاقات تاريخية عميقة الجذور، وتربطنا بهم علاقات اجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية وثقافية، أي أن روابطنا لا تقتصر على جانب بعينه، بل تشمل جميع جوانب الحياة.

والبعد الأمني والاستراتيجي للبلدين لا يمكن إغفاله بحكم الجيرة والتداخل الاجتماعي والعائلي بين البلدين، وكذلك بحكم التفاهم القديم والمحبة القائمة بين الأسرتين الحاكمتين في كل من السعودية وقطر. وهذه الخصوصيات هي التي ساعدت على سرعة المصالحة وفتح آفاق جديدة لعلاقة البلدين على النحو الذي نراه الآن على أرض الواقع، ويشكل هذا التفاهم والانسجام نقطة انطلاق قوية للتعاون وتعزيز العلاقات في كافة المجالات.

حدثنا عن اللجنة السعودية القطرية المشتركة، وما أهم المهام المكلفة بها؟

** فيما يتعلق باللجان القطرية السعودية المشتركة، هناك لجنتان؛ واحدة قانونية والثانية لجنة متابعة، وتشكلت كلا اللجنتين بعد قمة العلا. وقد اجتمعت هذه اللجان المشتركة عدة مرات، كل شهر تقريبًا، حيث تعقد اجتماعاتها على التوالي في الدوحة والرياض. لذا فإن الاجتماع الأخير عقد هنا في الدوحة في نهاية سبتمبر، والاجتماع القادم سيكون في الرياض نهاية الشهر الجاري. وقد عقد أعضاء اللجنيتن حتى الآن ستة اجتماعات وناقشوا جميع الملفات والأمور المطروحة على الطاولة بعمق وشفافية، وتمكنوا من حل العديد من الأمور، والنقاشات تجري في أجواء بناءة وأخوية وودية وستصل في النهاية إلى الاتفاق الكامل الى كافة القضايا.

لم تعد الحركة التجارية بين البلدين إلى سابق عهدها، ما السبب؟ وهل هنالك معوقات تحول دون ذلك؟

** أود التأكيد بأنه لا توجد أي معوقات من الجانب السعودي. وتم بحث هذا الموضوع مع أشقائنا في الجانب القطري، وحسب ما هو معلوم فإن المعوقات تتلخص في أمور تتعلق بالإجراءات الاحترازية التي تطبقها المملكة ودولة قطر لمنع انتشار فيروس كورونا. هنالك اجتماعات تبحث موضوع التبادل التجاري وتيسير انسيابية حركة البضائع والأفراد بين البلدين، وسيتم الانتهاء منها قريبا وستحل بأسرع ما يمكن بدعم الحكومتين.

ما أهم الملفات التي تحظى بالأولوية في هذه المرحلة في علاقة دولة قطر والمملكة العربية السعودية؟

** بالنسبة لنا جميع الملفات والقضايا ذات أهمية وتحظى باهتمام كبير. لدينا ديناميكية جديدة في العلاقات المتطورة بين البلدين الشقيقين، ولهذا سيكون لمجلس التنسيق السعودي القطري القادم دور مهم ورئيسي لتعزيز العلاقات والتعاون بين البلدين في كافة المجالات، حيث تم توقيع بروتوكول هذا المجلس أثناء الزيارة الرسمية التي قام بها سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية إلى الرياض مؤخرا.

هنالك مشاريع سعودية قطرية مشتركة على المستوى الثنائي وأخرى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ما إمكانية إحيائها في المدى القريب؟

** المشاريع المشتركة موجودة، وهنالك اهتمام كبير في البلدين على تعزيز التعاون والعلاقات الاقتصادية والاستثمارية. وهنالك اجتماعات تعقدها الجهات المختصة في العديد من المجالات، وخاصة رجال الأعمال والمستثمرين لبحث تنفيذ مثل هذه المشاريع. وهنالك إرادة قوية بين الجانبين لتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ورفع مستواها وجعلها من الجوانب الأساسية في علاقات البلدين.

فعلى المستوى الخليجي، تولي المملكة وقطر أهمية كبيرة جدا لمشروع السكك الحديدية لربط البلدين برا. وهنالك لجان تضم ممثلين من وزارتي المواصلات في البلدين تعمل في هذا الجانب. وهنالك زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين لبحث هذه الأمور.

ودول مجلس التعاون مهتمة بهذا الربط وكل دولة تعمل على دراسته وتنفيذه ونتوقع أن تظهر نتائج هذه اللقاءات خلال فترة قريبة بشكل يعكس الحرص على أهمية شبكة السكك الحديدية التي ستربط دول الخليج لأنها تحقق مصالح شعوبها.

دولة قطر مقبلة على تنظيم كأس العرب بعد شهر والعام القادم ستنظم كأس العالم لكرة القدم، كيف ترون هذا التقدم؟

** بالتأكيد نحن سعداء جدًا وفي الواقع معجبون بكل الاستعدادات التي قام بها الأشقاء القطريون لاستضافة كأس العرب الشهر المقبل، ومونديال كأس العالم قطر 2022. إنهم يحققون إنجازات كبيرة، ونحن بالتأكيد ندعم هذه الإنجازات، وسعداء بما تحقق ونتمنى لهم المزيد من التقديم والازدهار. ونحن إذ نضع كل إمكاناتنا تحت تصرف أشقائنا في دولة قطر، وجاهزون للمساعدة بأي طريقة ممكنة لإنجاح هذين الحدثين الرياضيين الهامين. نجاحهم في هذا الصدد هو نجاح لجميع المنطقة بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

هل ترون إمكانية الاستفادة من التجربة القطرية في جعل السعودية نقطة مهمة وجاذبة في السياحة الرياضية؟

** لا شك أن دولة قطر اهتمت بالسياحة الرياضية منذ فترة طويلة، وحققت إنجازات هامة في هذا الصدد. وعلى أساس هذه الإنجازات حصلت على شرف استضافة كأس العالم 2022، وكأس العرب في ديسمبر 2021 وغيرها الكثير من الفعاليات الرياضية الإقليمية والعالمية في مختلف المجالات.

تجربة الإخوة في قطر تجربة ثرية، وتعتبر نموذجا ناجحا يحتذى فيه، وبالإمكان تبادل الخبرات والإمكانات للاستفادة من التجربة القطرية في هذا المجال.

في إطار رؤية 2030 التنموية الشاملة، تنفذ المملكة مشاريع تنموية عملاقة بينها مدينة نيوم الحديثة والعملاقة في منطقة تبوك، هل من دور للاستثمارات القطرية في هذا المشروع؟

** لا شك مشروع نيوم، يعتبر مشروعا عملاقا، وهنالك مشاريع عملاقة تنفذها المملكة الآن بناء على رؤية المملكة 2030، في مدينة نيوم وفي البحر الأحمر وفي العلا، والمناطق الأثرية ومناطق أخرى من المملكة. يأخذ الجانب السياحي الآن في المملكة اهتماما كبيرا لم يكن يحظى به في السابق. وأصبحت مثل هذه المنشآت تتمتع بأهمية كبيرة لتنويع مصادر الدخل الاقتصادي في المملكة. كما تكمن أهمية هذه المشاريع في أنها توفر فرص الاستثمار لأشقائنا في دول الخليج وخاصة دولة قطر، وكافة المستثمرين في العالم.

ونحن نحثهم ونشجعهم للاستثمار في هذه المشاريع بما في ذلك المشاريع العملاقة في منطقة نيوم، وفي كافة القطاعات الأخرى. ونحن نرحب بالاستثمارات القطرية والدولية في كل هذه المشاريع التنموية. ونتوقع بان تكون هنالك مشاركة فعالة للجانب القطري في العديد من المشاريع التي تنفذها المملكة.

كيف ترون دور الدبلوماسية القطرية في حلحلة بعض القضايا الإقليمية، وجعل المنطقة لاعبا أساسيا في السياسة الدولية؟

** لقد كانت الدبلوماسية القطرية ناجحة ودورها في أزمة أفغانستان واحد من الأدلة الهامة في هذا الصدد. لقد رأينا الشخصيات الدولية تتوافد إلى العاصمة القطرية الدوحة تقديرا لدورها المهم في تسوية الأزمة الأفغانية.

كما أننا ندرك حرص دولة قطر على تعزيز دور مجلس التعاون الخليجي بالمساعدة في تأكيد وحدته وتعزيز دوره في مجال التعاون الإقليمي والدولي. لأن الهدف الرئيسي لدول مجلس التعاون الخليجي وكل دولة في المنطقة بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر هو صنع السلام وضمان الأمن والاستقرار. لهذا يعتبر هذا أمرا مهما للغاية بالنسبة لنا جميعًا.

مع تخفيف الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا، متى سيسمح للمقيمين في دول قطر من السفر بسياراتهم لأداء فريضة الحج والعمرة؟

** الإجراءات الاحترازية التي فرضت لمكافحة انتشار فيروس كورونا لا تزال قائمة حاليا، ولكن المملكة بدأت الآن في تخفيف هذه الإجراءات. وبفضل من الله قلت الإصابات بشكل كبير، وزادت نسبة التطعيم التي غطت أعدادا كبيرة من السكان في المملكة، ولهذا تم تخفيف القيود الاحترازية التي كانت تطبق في البلاد. ولهذا نشهد الآن زيادة كبيرة في عدد المعتمرين، ولكن عملية تنظيم الحج والعمرة أصبحت تعتمد على النظام الالكتروني، وهو نظام مهم جدا لضمان سلامة كل المعتمرين والمقيمين في المملكة العربية السعودية. والإجراءات الوقائية الآن في طور التخفيف في ضوء ما نراه من تراجع في حالات الإصابة بوباء كورونا الذي نتمنى أن ينتهي وينحصر بشكل كلي وتعود الأمور الى طبيعتها كما كانت في السابق.