رئيس الخبراء الاقتصاديين بالبنك الدولي : 95% من القوى العاملة بالخليج في القطاع العام

لوسيل

حوار: شوقي مهدي

البنك الدولي يتبع حزمة إستراتيجيات من أجل سلام واستقرار الشرق الأوسط نمو الاقتصاد القطري جيد على المدى الطويل دول التعاون يجب أن تستثمر في الجيل القادم الإصلاحات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط ستجعل اقتصاد الخليج أكثر فاعلية

نحن في البنك الدولي نتبع حزمة إستراتيجيات لجلب السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال معالجة الأسباب الكامنة وراء العنف والصراعات وعدم الاستقرار ، هذا ما قاله شانتايانان ديفاراجان، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالبنك الدولي في حواره لـ لوسيل خلال الاجتماع السنوي لمنظمة اقتصاديي الشرق الأوسط بالدوحة.
ويري ديفاراجان أن التحدي الكبير أمام دول الخليج هو الاستثمار في تعليم الجيل القادم حتى تكون هذه الدول قادرة على تنويع اقتصادها بشكل جيد. وتحدث أيضاً عن النمو القطري وتأثير السياسات المالية والنقدية لدول الخليج على الاقتصاد، والآثار الإيجابية لانخفاض أسعار النفط.
هذه القضايا وغيرها ناقشتها لوسيل مع خبير البنك الدولي ديفاراجان في الحوار التالي:


** ما أثر السياسات المالية والنقدية لدول مجلس التعاون على الاقتصاد؟

على المدى القصير تواجه اقتصاديات دول مجلس التعاون ضغوطات مالية، بسبب اعتمادها على عائدات النفط الذي انخفضت أسعاره بشكل كبير، بالتالي انخفضت مصادر عائدات هذه الحكومات وتحتاج للقيام ببعض التعديلات وإلا ستواجه عجزاً كبيراً. وهنالك فقط طريقتان لتقليل العجز إما أن يكون بتقليل حجم الإنفاق أو زيادة الضرائب، في الواقع أغلب الدول تقوم بكلتيهما، تخفض الإنفاق وتزيد الضرائب.
فالإمارات والسعودية والكويت مثلا، خفضت دعم الوقود، وفي المقابل رفعت هذه الدول الضرائب بإضافة ضريبة القيمة المضافة وهي الطريقة الوحيدة لتخفيض الاعتماد على عائدات النفط.

** ما هي توقعاتكم لنمو الاقتصاد القطري؟

في 2015 كان نمو الاقتصاد القطري حوالي 3.7% و3.3% في 2016 ونتوقع أن يكون 3.7% في 2017، مؤخراً أصبح النمو القطري بطيئاً بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط، وعلى المدى الطويل حقق الاقتصاد القطري معدلات نمو جيدة، لقد كان في السابق حوالي 4% في الوقت الذي حققت فيه أسعار النفط والغاز مستويات عالية.

** حدثنا عن سياسة البنك الدولي في الشرق الأوسط؟

دشن البنك الدولي استراتيجية للشرق الأوسط وشمال افريقيا وهذا هو القطاع الذي أترأسه، وعودة لشهر أكتوبر هنالك تحول سلس في استراتيجيتنا، وليس سراً في ان المنطقة تمر باضطرابات. لدينا حروب أهلية في أربع دول مثل اليمن وليبيا وسوريا والعراق وانتشرت الهجمات الإرهابية الان في أوروبا. إضافة إلى اثر انخفاض اسعار النفط على الدول المصدرة.
كل هذه الأسباب جعلتنا نحول استراتيجيتنا في البنك الدولي لنرى ما يمكن القيام به لجلب السلام والاستقرار للمنطقة، لأن استقرار المنطقة سيكون جيداً للعالم ويساعد أوروبا وأمريكا. أما كيف يمكننا القيام بذلك، عن طريق العمل على الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار والعنف والصراعات في المنطقة. هذه الدول لديها ما تفعله مع سياسة الاقصاء، فعندما يتحكم عدد قليل من الافراد بالاقتصاد يشعر الآخرون بالإقصاء، بالتالي قد يلجأون إلى العنف. نحن نشجع السياسات التي تخلق فرصا وظيفية وتحسن من جودة الخدمات العامة مثل التعليم، عندها سيشعر الناس أنهم مشاركون في ادارة الاقتصاد.
الجانب الآخر من هذه الاستراتيجية ناقشناه خلال المؤتمر السنوي الخامس لعشر لمنظمة اقتصاديي الشرق الاوسط بالدوحة، وهو تشجيع التعاون الاقليمي. ولنكن صريحين؛ بعد الصراعات في المنطقة توجد هنالك حرب بالوكالة بين بعض الدول. واذا ما استطعنا تعزيز عمليات الوحدة والتكامل وتعاون الناس في التجارة والبنى التحتية والمياه، ربما تستطيع هذه الدول استعادة الثقة فيما بينها وهذا ما يجلب السلام. والفكرة بسيطة مثل الاتحاد الاوروبي الذي بدأ في 1952 بمجموعة الفحم والحديد والصلب، عندما وقعت فرنسا والمانيا أكبر قوتين متقابلتين اتفاقية تجارية في مجال الحديد والصلب والفحم فيما بينهما وهذا ما ساعد في بناء الثقة الذي نتج عنه لاحقاً الاتحاد الأوروبي.


** كيف يؤثر النمو العالمي في حجم التجارة بدول مجلس التعاون الخليجي؟
دول الخليج تتأثر بشكل كبير بالنمو العالمي. وأكثر من ذلك يتأثر حجم التجارة في دول الخليج بالنمو الصيني، بمعنى عندما يتراجع النمو الصيني فإن أسعار النفط تتراجع ايضاً، والعكس يحدث عندما يرتفع النمو الصيني ترتفع أسعار النفط، بالتالي التأثير كبير على حجم التجارة لانها مرتبطة ببعضها البعض.

** ما هو أثر سياسة تنويع الاقتصاد التي بدأتها دول الخليج؟

كما قلت في نقاشات سابقة، إن اقتصاد هذه الدول سيكون قائماً على الموارد النفطية لوقت طويل، ولديها احتياطي نفطي متبق يكفي لحوالي 30 إلى 40 عاماً، ناهيك عن احتياطات النقد الأجنبي الجيدة. بالتالي عندما نتحدث عن التنوع الاقتصادي يجب أن يكون حول كيف يمكنها تنويع اقتصادها بعد ثلاثين عاماً، ليس اليوم أو الغد. هذا سؤال صعب جداً، لأنك لا تستطيع أن تدرك كيف تكون قادراً على تنويع اقتصادك بعد ثلاثين عاماً من الآن، بمعنى آخر هذا لا يعني أنه عليك أن تخلق صناعة بتروكيماوية أو الكترونية اليوم، ولكن تحتاج إلى أن تؤهل شعبك من حيث التعليم. في الحقيقة يجب الاستثمار في تعليم الجيل القادم لانهم وحدهم من يستطيع أن يقرر كيف يمكنهم الاستثمار، نحن لا ندري ما هو المنتج الذي سيكون مهماً بعد 30 عاماً، ومثال على ذلك لم نكن نعلم أن الانترنت سيكون سلعة رئيسية قبل ثلاثين عاماً.
القطاع الخاص في دول الخليج يحتاج إلى تشجيع من حكومات الدول، فما زال صغيراً جداً والسبب أن القطاع العام الحكومي كبير جداً ويدفع أجوراً عالية، عليهم تشجيع الناس بالعمل في القطاع الخاص والطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي خفض حجم القطاع العام الاحصاءات تقول إن حوالي 95% من القوى العاملة بالقطاع العام وهذا يجعل نمو القطاع الخاص صعبا جداً. وكما ذكرت فإن هؤلاء 95% يحصلون على مرتبات عالية ومزايا كبيرة لا تتوفر في القطاع الخاص.

*** هل هنالك آثار إيجابية مترتبة على انخفاض أسعار النفط عالمياً؟

أعتقد أن الإيجابيات الواضحة هي أن هذه الدول بدأت في اصلاحات لم يكن من المتوقع القيام بها منذ وقت طويل مثل اصلاحات بدائل الطاقة، وهذه ميزة ستجعل الاقتصاد أكثر قوة وفاعلية وهو بيت القصيد. وعندما تستبدل الدول الوقود بالطريقة التي يعملون بها الآن حيث يوجد ازدحام مروري وتلوث هواء أكبر، وايضاً يمكنهم ايجاد بدائل للمياه بإيقاف استنزاف المياه لأن المنطقة ستفقد طاقتها من المياه.

** ما توقعاتك لنمو الاقتصاد العالمي؟

بلغت معدلات نمو الاقتصاد العالمي في يناير حوالي 2.9% وتراجعت لحوالي 2.4% ، وبمقارنة البيانات التي لدينا بالسابق محبطة والاقتصاد الغربي والأوروبي لا ينمو بشكل سريع، والاقتصاد الصيني يتباطأ بشكل سريع ودول الخليج مستقرة. وبشكل عام الاقتصاد العالمي ينمو بشكل بطيء جداً.