وزير التخطيط التنموي والإحصاء لـ لوسيل : سياستنا الشفافية والوضوح في نشر البيانات الواقعية

لوسيل

حوار: حسن أبو عرفات – محمد السقا

سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت، وزير التخطيط التنموي والإحصاء، أحد أبرز المفكرين الاقتصاديين، بالإضافة إلى توليه الحقيبة الوزارية منذ يونيو 2013، كان له دور بارز في تطوير رؤية قطر الوطنية 2030، وإستراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016، وفي ظل الوضع الخاص الذي يمر به الاقتصاد الدولي من تباطؤ النمو وانخفاض أسعار النفط، وإعادة العديد من الدول والمؤسسات الدولية حساباتها الاقتصادية وإعادة الهيكلة، التقت لوسيل بسعادته للتعرف على مرئياته وتقييمه لأداء الاقتصاد القطري خلال السنوات الماضية، ومدى قدرة القطاعات غير النفطية على تعويض تأثيرات تراجع أسعار النفط.

وأكد سعادته أن الاستعدادات تتواصل بقوة لإصدار إستراتيجية التنمية الوطنية 2017-2022، مضيفاً أن قطاعات البناء والخدمات تعد أبرز القطاعات غير النفطية التي ستشهد معدلات نمو مرتفعة خلال الفترة المقبلة، متوقعاً أن يحقق القطاع غير النفطي معدلات نمو في حدود 10.1% خلال 2015، في إطار سياسات تنويع الاقتصاد الوطني وتحريك عجلة القطاعات غير الهيدروكربونية.
وقال سعادته: إن القطاع الخاص يعد قاطرة النمو المستدام في الفترة القادمة وخاصة في مجال الاستثمار في الأنشطة الصناعية والزراعية والسياحية التي توفر عوائد مرتفعة على المدى البعيد، مؤكداً أن سياسة وزارة التخطيط التنموي والإحصاء هي الشفافية والوضوح في نشر البيانات، كما هي في الواقع.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:

- ما تقييمكم لأداء الاقتصاد القطري في الفترة الماضية؟

حقق الاقتصاد القطري معدلات نمو مرتفعة بالأسعار الجارية والثابتة خلال الفترة الماضية، حيث تضاعف مستوى الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر خلال عشرة أعوام.
ويمكن تلخيص أهم خصائصه، في استمرار نمو صادرات الغاز الطبيعي، والأداء الاقتصادي القوي، ممثلا في الفائض في ميزان الحساب الجاري وفي الميزان التجاري وفي تدني نسبة البطالة وارتفاع فائض الموازنة العامة وفي ميزان المدفوعات، وكفاءة الإدارة المالية.
بالإضافة إلى ارتفاع مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي منذ خمس سنوات، مدفوعا بزيادة الاستثمار، مما يدل على تقدم في عملية التنويع الاقتصادي، واستمرار تطوير البنية التحتية في إطار برنامج طموح، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

- ما هو معدل نمو القطاعات غير النفطية خلال 2015، وتوقعات النمو خلال 2016 و2017؟
من المتوقع معرفة النتائج النهائية في أوائل شهر أبريل القادم عند نشر أرقام الربع الأخير من عام 2015.
وقد أوردت نشرة الآفاق الاقتصادية لدولة قطر تحديثاً لتوقعاتنا حول نمو القطاع غير النفطي في عام 2015 بنسبة 10.1٪، ونتوقع أن تكون النتيجة قريبة جداً من هذا الرقم.
أما خلال عامي 2016 و2017، فنتوقع أن يتراجع الرقم قليلاً، مع تراجع النمو إلى حوالي 8٪.

- ما هي أبرز القطاعات غير النفطية التي تتوقعون أن تعوض - ولو جزئيا - تأثير انخفاض أسعار النفط على معدلات النمو بوجه عام؟

بالنظر إلى أرقام النمو الأساسي، نجد أن قطاع البناء هو الأسرع نمواً، حيث توسع نشاطه بنسبة 13٪ عن المستويات التي شهدها العام 2014.
أما من حيث المساهمة العامة في الاقتصاد ولتجميع معدل النمو في القطاع غير النفطي، فإننا نلاحظ أن نشاط الخدمات هو الرائد في هذا المجال، حيث إن العديد من أنشطة الخدمات تتوسع بوتيرة متزايدة، الأمر الذي يسهم في تعزيز مشاريع البنية التحتية، والتطوير العقاري، إضافة إلى النمو المتزايد في قطاع النقل والاتصالات.
وبالنسبة لعام 2016 وما بعده، فمن المتوقع أن تحافظ هذه الأنشطة على زخمها على الرغم من أن معدل النمو قد يتراجع بعض الشيء.

- رؤية قطر الوطنية لعام 2030 بمثابة خارطة طريق لقطر المستقبل وترتكز على أربعة محاور التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية ماذا تحقق منذ إطلاق الرؤية وحتى الآن؟

انطلقت رؤية قطر الوطنية 2030 في يوليو 2008 لتحدد الاتجاهات العامة للمستقبل، فهي إطار عام يتم من خلاله إعداد الإستراتيجيات والخطط التنفيذية الأكثر تفصيلاً، وتهدف الرؤية إلى تحويل قطر بحلول العام 2030 إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، وعلى تأمين العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل، أعقبها صدور إستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011-2016 في سنة 2011 والتي تمثل الآلية التي ستنقل الرؤية الوطنية من تطلعات سامية إلى واقع ملموس.
وتشكل إستراتيجية التنمية الوطنية 2011- 2016، الإستراتيجية المرحلية الأولى في هذا الاتجاه، تليها إستراتيجيات مرحلية متعاقبة، وفي هذا الإطار يجري الإعداد حالياً لإستراتيجية التنمية الوطنية 2017- 2022.
ومن خلال نظرة شاملة على ما حققته إستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011 -2016 في منتصف المدة، فتلك المحاور نلخصها في النقاط التالية:
1- ساهم تنفيذ إستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر (2011-2016) في اتخاذ الوزارات والجهات الحكومية خطوات عملية لتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، وزيادة الوعي بضرورة اتباع نهج التخطيط الإستراتيجي وإدارة النتائج ورصد الأداء.
وهناك اتفاق بين الوزارات والأجهزة الحكومية على برنامج عمل التنمية وتحديد الأوليات المشتركة بدعم من القطاع الخاص والمجتمع المدني.
2- بَيَّنَت الإستراتيجية التحديات الأوسع التي تتوجب معالجتها، ولاسيما النمو السكاني السريع والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ومتطلبات الانتقال إلى مسار التنمية المستدامة.
3- زاد الوعي بضرورة التنسيق على مستوى عال بين القطاعات للمضي قدماً في تحقيق أهداف الإستراتيجية والرؤية الوطنية.
4- الاتفاق على ضرورة تحسين رصد البرامج والمشاريع وتقييمها لدى الجهات المنفذة ومن ثم تحديد العقبات ومعالجتها وخاصة عوائق القدرات المؤسسية.
5- زيادة الجهود لتحسين الدمج بين التخطيط والموازنة وإزالة التضارب وسد الفجوات.
6- تم تحقيق تقدم جيد في تنفيذ الإستراتيجية وبطبيعة الحال فإن التقدم في تحقيق بعض الأهداف الإستراتيجية في بعض القطاعات أفضل منه في قطاعات أخرى.
7- إن الوزارات والأجهزة الحكومية والجهات التي قامت ببناء قواعد بيانات ومعلومات ودراسات والتي لديها خطط تنفيذية متسقة مع إستراتيجية التنمية الوطنية تتمتع بملكية أكبر للمشاريع والبرامج بشكل جعلها تتقدم أكثر في تنفيذها.

- ما هو تقييمكم في تفاعل وتجاوب القطاع الحكومي مع مستخرجات البيانات والإحصائيات؟ وهل تصدر الوزارة تصورات ومقترحات لكيفية تحقيق أهداف الرؤية والتنسيق مع الوزارات المعنية في كيفية معالجة معوقات تحقيق توجهاتها؟
تعتبر قواعد البيانات والمعلومات والنماذج الاقتصادية والبيانات التي توفرها المسوح الميدانية، من الأدوات الفنية للتخطيط وإعداد الإستراتيجيات والخطط التنموية وما تطلبه من توقعات مستقبلية لغالبية المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا الإطار تقوم وزارة التخطيط التنموي والإحصاء بتطوير قواعد البيانات بالتعاون والتجاوب مع القطاع الحكومي من أجل متابعة تنفيذ أهداف الإستراتيجية وبرامجها.
والعمل على تحسين جودة البيانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفق التصنيفات والأدلة الدولية اللازمة لعملية التخطيط ومتابعتها، وإشراك فرق العمل الحكومية (الوزارات والجهات الحكومية) والقطاع الخاص والبنك الدولي في عرض الإنجازات التي تحققت من الأهداف وبرامج الإستراتيجية وبيان المعوقات وكيفية التغلب عليها وذلك في إطار مراجعة منتصف المدة لإستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011 2016.
كما تتم مراجعة الإستراتيجيات المؤسسية للوزارات وتقديم مدخلات هامة لها لضمان اتساقها مع رؤية قطر الوطنية 2030 وإستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011-2016، هذا بالإضافة إلى عقد ورش عمل حول رصد إستراتيجية التنمية الوطنية وتقييمها، بالإضافة إلى المشاركة في نشاطات وطنية وإقليمية ودولية حول رؤية قطر الوطنية 2030 وإستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر (2011-2016) والموضوعات ذات الصلة، وإجراء تحسينات على الإطار الاقتصادي متوسط المدى وإشراك الجهات الحكومية المعنية في التوقعات السكانية، وإصدار عدد من الدراسات والتقارير التنموية والإحصائية.

- في تصريح سابق قلتم إن القطاع الخاص هو المستقبل.. ما هي مرئياتكم التي بني عليها هذا الاستنتاج؟ وكيف يمكن للدولة توجيه جهود القطاع الخاص نحو المزيد من المشاركة في عملية التنمية وهل هو بحاجة إلى آليات وحوافز لجعله أكثر استجابة وكفاءة؟

يتفهم القطاع الخاص دوره الحيوي في تنفيذ إستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر (2011-2016) ورؤية قطر الوطنية 2030 ومسؤوليته الاجتماعية، وهو يتعاون مع القطاع الحكومي في تنفيذها من خلال اشتراكه في فرق العمل واللجان الحكومية ذات العلاقة بتنفيذ إستراتيجية التنمية ومشاريعها، سواء كانت تلك التي تكونها وزارة التخطيط التنموي والإحصاء أو الجهات الحكومية الأخرى، كما يتم إشراك القطاع الخاص في الندوات وورش العمل التي تعقدها الوزارة والمتعلقة بالتوجهات التنموية البشرية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية وتعزيز المشاركة في تنفيذها.
ويشكل القطاع الخاص قاطرة النمو المستدام في الفترة القادمة في دولة قطر، وخاصة الاستثمار في الأنشطة الصناعية والزراعية والسياحية التي توفر عوائد مرتفعة على المدى البعيد.
ولهذا فإنه ينبغي التركيز على القدرات الكامنة للاقتصاد القطري في ظل تراجع أسعار النفط، والتي توفر فرصة لاستغلال طاقات وإمكانات هذا القطاع الحيوي لكي يساهم في تحقيق نسب أكبر في الاقتصاد القطري، خاصة أن الدولة تقوم بعدد من المشاريع في مختلف الأنشطة الاقتصادية.
وللتدليل على دور القطاع الخاص تمكن الإشارة إلى النقاط التالية:
-
قيام القطاع الخاص بضخ استثمارات قدرها حوالي (30) مليار ريال قطري في مختلف المشروعات التي طرحتها الدولة خلال عام 2015.
-
تشغيل القطاع الخاص لنحو (1275) عاملا عام 2014 أي نحو (76%) من مجمل العاملين في الدولة، ويتوزع الباقي إلى (9%) في القطاع المنزلي و(3%) في القطاع المختلط، (12%) في القطاع الحكومي (الإدارة الحكومية والشركات الحكومية).
وقد شجعت الدولة القطاع الخاص على المشاركة بفاعلية في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي، فعلى سبيل المثال، وضعت دولة قطر برنامجا طموحا لتحفيز القطاع الخاص ودعم البنية التحتية للتجارة، يتكون من (19) مشروعاً ومبادرة لدعم تنافسية ممارسة الأعمال.
بالإضافة إلى تشجيع الحكومة ومؤسساتها على تعهيد الخدمات والعمليات المساندة للشركات الخاصة.

- أجريتم مع المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD استطلاعاً حول تأثيرات الأداء الاقتصادي والكفاءة الحكومية وكفاءة قطاع الأعمال والبنية التحتية على تنافسية قطر مقارنة بالدول الأخرى.. ما هي أهم النتائج والمخرجات؟

بداية لابد من الإشارة إلى مفهوم تنافسية الدولة والذي يتمثل في قدرتها على تحقيق الرفاه لأفرادها وزيادة معدل النمو الاقتصادي وتقديم الخدمات الاجتماعية المتميزة وزيادة الإنتاجية.
وتشارك دولة قطر في الكتاب السنوي للتنافسية الصادر عن معهد التنمية الإدارية في سويسرا IMD منذ عام 2009، (حيث تعتبر وزارة التخطيط التنموي والإحصاء هي الشريك القطري في مركز التنافسية). ويعتمد ترتيب دولة قطر في هذا الكتاب السنوي للتنافسية على نوعين مختلفين من البيانات هما: المعلومات الكمية والنوعية.
أما المعلومات الكمية فهي البيانات والمؤشرات الإحصائية لسلسلة زمنية قدرها (10) سنوات يتم الحصول عليها من النشرات الإحصائية المحلية والدولية المنشورة والمؤسسات الخاصة وشبكة المعهد المحلية، وتشتمل هذه المعلومات على نحو (135) معيارا تستخدم في الترتيب العام للدول، وتشكل هذه المعلومات ثلثي الوزن الكلي لترتيب الدول المشاركة.
أما النوع الثاني، فهو المعلومات النوعية وهي البيانات والمؤشرات التي يتم الحصول عليها من خلال المسح الميداني ومقابلة رجال الأعمال والمسؤولين في الشركات وتشتمل على (118) معياراً لقياس بعض الظواهر والقضايا.
وتستحوذ المعلومات النوعية على ثلث الوزن الكلي للترتيب العام التنافسي للدول (الاقتصاديات) المشاركة.
ويرتكز ترتيب تنافسية الدول على أربعة عوامل تتضمن (20) مؤشرا فرعيا، (342) معياراً، وهي: الأداء الاقتصادي (84 مؤشراً/ معياراً)، الكفاءة الحكومية (71 مؤشراً/ معياراً)، كفاءة قطاع الأعمال (71 مؤشراً/ معياراً)، والبنية التحتية (116 مؤشراً/ معياراً).
أما أهم النتائج والمخرجات عام 2015 فتتمثل في حصول دولة قطر على الترتيب (13) عام 2015 من بين (61) دولة غالبيتها من الدول المتقدمة وهو ترتيب متقدم يدل على أداء قوي للاقتصاد القطري.
كما جاء ترتيبها دوليا في المحاور الأربعة كالتالي: الأداء الاقتصادي (2)، الكفاءة الحكومية (4)، كفاءة قطاع الأعمال (11)، والبنية التحتية (47).
وقد جاء ترتيبها الأول دوليا في المؤشرات التالية: تدني معدل البطالة، وفي ارتفاع (نسبة ميزان الحساب الجاري/ الناتج المحلي الإجمالي)، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع (نسبة فائض الميزانية العامة من الناتج المحلي الإجمالي)، وتدني معدل الضرائب على الأرباح، وفي ارتفاع الإنتاجية الكلية ومعدل المشاركة الاقتصادية للقوى العامة، وفي تدني تعرفة التلفون الثابت.

- الموازنة الجديدة لعام 2016 ركَّزَت على تنفيذ المشاريع التنموية الرئيسية بمخصصات تقدر بـ (90.8) مليار ريال، مع عجز متوقع يبلغ 46.5 مليار ريال..
ما تأثيرات ذلك على البرامج والمشاريع التنموية التي تضمنتها إستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر ورؤية قطر الوطنية 2030؟

ركزت الموازنة الجديدة لعام 2016 على المشاريع التنموية في القطاعات الرئيسية، الصحة، التعليم والبنية التحتية، وهي الاستثمارات المرتبطة بالتنمية البشرية وبالبنية التحتية ذات العوائد بعيدة المدى، والتي قدرت بنحو (91.9) مليار ريال قطري، وهو ما يمثل نحو (45.4%) من إجمالي المصروفات في موازنة 2016.
ونظراً لتراجع أسعار النفط، فإنه من المتوقع أن تنخفض الإيرادات العامة والنمو الاقتصادي إلى (3.7%) خلال عام 2015، متراجعاً عن نسبة (4.1%) التي سجلها العام الماضي، وهذا ما توقعه تقرير الآفاق الاقتصادية لدولة قطر 2015 -2017.
وإذا ما استمر ذلك التدني في أسعار النفط، فإنه يتوقع أن يهبط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى (3.9%) عام 2017، مما يؤثر ذلك في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للاقتصاد القطري.
ولن يتأثر تنفيذ الأهداف والبرامج التي تضمنتها إستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر (2011-2016) بشكل مباشر، حيث سبق وأن دخلت الدولة في التزامات بشأن أغلب المشاريع التنموية الرئيسية ذات الأولوية.
ومع ذلك فإن الجهود المتعلقة بتوثيق الربط بين أولويات التنمية والموازنة العامة للدولة، وإدارة الموارد المالية المتاحة بشكل أكثر كفاءة وفقاً للأولويات الوطنية، ستدعم تنفيذ الإستراتيجيات التنموية القادمة وبالأخص تنفيذ إستراتيجية التنمية الوطنية 2017 2022 والجاري الإعداد لها حالياً.
يرافقه استشراف للمستقبل الاقتصادي للدولة والذي يتضمن توقعات متحفظة فيما يتعلق بالإيرادات الناتجة عن قطاع النفط والغاز، وتوقعات أكثر تفاؤلا فيما يتعلق بمساهمة القطاع غير النفطي.

- حض صندوق النقد الدولي ، الشهر الماضي، الدول الخليجية على اعتماد إجراءات تقشفية استناداً إلى توقع الصندوق بقاء أسعار النفط منخفضة لسنوات طويلة.. كيف ترون انعكاس ذلك على مستوى معيشة المواطنين؟

أشار صندوق النقد الدولي، في تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي الصادر في مايو 2014، إلى أنه من المرجح أن يكون تأثير تراجع أسعار النفط على التضخم ضعيفاً خلال العامين القادمين في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نظراً لكون معظم البلدان تستخدم أسعارا موجهة لمنتجات الوقود ، بالإضافة إلى احتفاظ غالبية تلك الدول باحتياطات من النقد الأجنبي للمحافظة على الاستقرار المالي ومواجهة انخفاض الإيرادات النفطية، وهذا ما ينطبق على دولة قطر.
وإذا ما استمر بقاء أسعار النفط منخفضاً لسنوات طويلة، فإن ذلك قد يصاحبه ظهور عجز في الموازنة العامة وتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي وتناقص الفوائض المالية في الموازنة العامة وفي الحساب الجاري وفي ميزان المدفوعات، ومع ذلك فإن خطط الدولة الاستباقية المتمثلة في اتجاه الحكومة إلى تنويع القاعدة الاقتصادية من خلال تشجيع الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال في قطاعات النقل والسياحة والصناعة التحويلية والبنية التحتية والتعليم وتنمية وتدريب الموارد البشرية، وتنويع المحفظة الاستثمارية للأصول السيادية، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تجعل ذلك مستبعداً، باعتبارها كلها من العوامل التي أخذت في الاعتبار لضمان استدامة التنمية والمحافظة على مستوى معيشة شعبها، وهو ما يمثل جوهر مضمون رؤية قطر 2030.

- بَيَّنَ تقرير الوزارة للرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر نوفمبر الماضي (2015) ومقارنته بالشهر المماثل من العام 2014، أن ارتفاعات مجموعة التعليم كانت بنسبة 18%، علماً بأن وزارة التعليم منعت أي زيادات في رسوم التعليم خلال العام 2015؟

تعكس بيانات الرقم القياسي لأسعار المستهلك ردود الأسر القطرية والوافدة ومبالغ إنفاقها على مختلف السلع والخدمات، ومنها خدمة التعليم في مختلف المراحل التعليمية، من الحضانة حتى التعليم الجامعي، لأبنائها في دور التعليم الخاصة، داخل الدولة وخارجها.
إن زيادة الرسوم السنوية في المدارس الخاصة تخضع لدراسة دقيقة في المجلس الأعلى للتعليم (سابقاً)، وكذلك ما جاء في المادة (24) من قانون تنظيم المدارس الخاصة الصادر في 15/11/2015، من أنه لا تجوز زيادة الرسوم المدرسية إلا بموافقة المجلس.
كما أن هيئة التعليم بالمجلس الأعلى للتعليم (سابقاً) قد أسندت مهام النظر في طلبات زيادة الرسوم لشركة مالية متخصصة.
وفي هذا الإطار فقد تمت زيادة رسوم (4) مدارس عام 2015، وزيادة رسوم (60) مدرسة تعرضت للخسائر بنسبة (2%) عام 2015، بالإضافة إلى حالات نقل الطلبة القطريين من المدارس المستقلة إلى المدارس الأجنبية والتي يتقاضى غالبيتها رسوما دراسية مرتفعة، وكذلك ارتفاع رسوم بعض الجامعات في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
وبالتالي فإن رسوم بعض الحضانات والمدارس الخاصة وكافة مراحل التعليم وخاصة رسوم المدارس والجامعات الأجنبية، تستنزف جزءاً من نفقات الأسر القطرية والوافدة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات في مجموعة خدمة التعليم في الرقم القياسي لأسعار المستهلك في شهر نوفمبر 2015.
ولاشك أن ارتفاع هذا الرقم يدل على زيادة الإنفاق على هذا القطاع بشكل عام ومن غير الواضح نسبة مشاركة الرسوم الدراسية في الارتفاع، ما تمثله الزيادة في الإنفاق على الخدمات التعليمية الأخرى ذات العلاقة في هذه الزيادة.