تميزت العلاقات بين دولة قطر وجمهورية البرازيل الاتحادية على الدوام بالثبات والنماء والاستقرار، مع حرص البلدين على تنميتها وتطويرها في مختلف المجالات، حيث تمثل زيارة فخامة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو للدوحة التي بدأت اليوم، خطوة جديدة، لتوطيد علاقات الصداقة والشراكات الفاعلة التي تخدم تطلعات وطموحات البلدين وشعبيهما الصديقين في مختلف المجالات، وخصوصاً السياسية والتجارية والاقتصادية والاستثمارية والرياضية وكل ما من شأنه أن يعود بالنفع والصالح المشترك للبلدين الصديقين.
ويبحث حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مع فخامة الرئيس البرازيلي العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها في مختلف مجالات التعاون، إضافة إلى مناقشة أبرز المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتتزامن زيارة فخامة الرئيس البرازيلي للدوحة مع قرب الاحتفال بمرور 47 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي تعود إلى الرابع من نوفمبر لعام 1974، وفي يناير 1997م تم افتتاح سفارة دولة قطر في العاصمة برازيليا، بينما جرى في شهر مايو 2005م، افتتاح السفارة البرازيلية رسمياً في الدوحة.
وتوجت العلاقات الدبلوماسية القوية التي يشهدها البلدان بالعديد من الزيارات الرسمية على أعلى المستويات والمستوى الوزاري، ففي مارس 2009، قام الرئيس البرازيلي السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا بزيارة الى الدوحة، للمشاركة في أعمال قمة الدول العربية وأمريكا اللاتينية التي عقدت بالدوحة، وشكلت تلك الزيارة بداية دفع وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ تبعتها زيارة رسمية للبرازيل قام بها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في يناير 2010، على رأس وفد كبير من الوزراء ورجال الأعمال وتم خلالها توقيع عدة اتفاقيات شملت العديد من مجالات التعاون بين البلدين.
وفي مايو 2010، قام فخامة الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا بزيارة رسمية إلى الدوحة على رأس وفد كبير من الوزراء ورجال الأعمال، وفي نوفمبر لعام 2014، قامت فخامة الرئيسة البرازيلية آنذاك ديلما روسيف بزيارة إلى الدوحة، وقد قرر البلدان خلالها تعزيز التعاون أكثر في مجال الطاقة والرياضة والتعليم والتجارة والاستثمار.
وفي عام 2019، شهد الجانبان القطري والبرازيلي التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وذلك خلال الزيارة الأولى لفخامة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو لدولة قطر، حيث جرى التوقيع على اتفاقية خدمات جوية ثنائية، واتفاقية بين حكومة دولة قطر وحكومة جمهورية البرازيل الاتحادية، بشأن الإعفاء المشترك من متطلبات تأشيرة الدخول لحاملي الجوازات العادية، وعدد من المذكرات منها: مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الصحة وأخرى للتعاون في الأحداث الدولية الكبرى، وكذلك مذكرة تفاهم في مجال التدريب الدبلوماسي.
وتزداد العلاقات القطرية البرازيلية قوة ومتانة عاماً بعد عام، وتنظمها مجموعة من الاتفاقيات التي تغطي التعاون بينهما في المجالات السياسية والثقافية والرياضية والطيران المدني، والإعفاء المتبادل من متطلبات تأشيرات الدخول لجوازات السفر الدبلوماسية والخاصة، والتعاون والتبادل الإخباري وتشكيل اللجنة الوزارية المشتركة، وتجنب الازدواج الضريبي على الدخل والأرباح عن النقل الجوي الدولي.
وشهدت العلاقات بين قطر والبرازيل على مدار السنوات الماضية تطورا متصاعداً أفسح المجال لقيام شراكات إستراتيجية واستثمارية في العديد من القطاعات، لاسيما وأن الاقتصاد البرازيلي اقتصاد قوي ويقدم الكثير من الفرص، كما أن البلدين يوفران بيئات مشجعة للاستثمار ومشاركة رأس المال الأجنبي.
وتعتبر قطر شريكاً رئيسياً وسوقا مهما للمنتجات البرازيلية، والبرازيل هي الشريك التجاري الثامن عشر لقطر على مستوى العالم، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2015، نحو 4 مليارات ريال، وسيشهد مزيدا من النماء مع المشروعات الكبرى التي تقيمها الدولة استعدادًا لاستضافة مونديال 2022 لكرة القدم، خاصة أن الشركات البرازيلية لديها خبرة كبيرة في مثل هذه المشروعات، حيث استضافت البرازيل النسخة الأخيرة من المونديال في العام 2014.
أما على صعيد مناخ الاستثمار، فإنه مشجع في كلا البلدين ويقدم الكثير من الحوافز والميزات للمستثمرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من الاستثمارات القطرية في البرازيل وخاصة في مجالات الطاقة، والبنوك، والعقارات، وقد فازت قطر للبترول مؤخراً ضمن تحالف مع شركة إكسون موبيل بحقوق الاستكشاف بمنطقة جديدة في المياه العميقة المقابلة للسواحل البرازيلية، في ثالث إنجاز مهم لها في البرازيل خلال أقل من عام.
وقام العديد من كبار المسؤولين البرازيليين خلال زياراتهم المتعددة للدوحة بالترويج لمناخ الأعمال والاستثمار في بلادهم وخاصة في مدينة ساو باولو، التي تمتلك إمكانات هائلة والفرص الاستثمارية الواعدة التي تزخر بها في كافة المجالات. ومدينة ساو باولو أكبر مدينة في أمريكا اللاتينية وتشارك بنسبة 18 بالمائة من الناتج المحلي البرازيلي، وهي وجهة استثمارية مميزة، تستقطب أصحاب الأعمال من كافة بلدان العالم، خاصة في مشاريع البنية التحتية والعقارات وغيرها.
وفي سبتمبر الماضي قام وفد برازيلي رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس النواب، رودريغو مايا، بزيارة منطقة راس بوفنطاس الحرة التابعة لهيئة المناطق الحرة في قطر، للتعرف عن قرب على الفرص الاستثمارية والمزايا التي توفرها تلك المناطق للمستثمرين الأجانب، واطلع الوفد على مشاريع وأنشطة المناطق الحرة والخدمات المتطورة التي توفرها، وتساهم في تعزيز مكانة الدولة على خريطة الاستثمار العالمي وجذب رؤوس الأموال المباشرة من مختلف بلدان العالم.
وتوفر المناطق الحرة العديد من الفرص والمزايا التنافسية للشركات التي تسعى إلى التوسع إقليمياً وعالمياً، بما في ذلك البنية التحتية الحديثة، والأيدي العاملة المدربة، والتملك الأجنبي بنسبة 100 بالمائة، بالإضافة إلى الاستفادة من صناديق الاستثمار والإعفاءات الضريبية وفرص الشراكة مع كبرى الشركات القطرية والقطاع الخاص.
وتسير الخطوط الجوية القطرية رحلات مباشرة من الدوحة إلى ساو باولو في البرازيل، ومنها إلى بوينس آيرس في الأرجنتين. وفي أغسطس لعام 2017، أبرمت القطرية اتفاقية الرمز المشترك أحادية الجانب مع لاتام البرازيلية، لتعزز من عدد الوجهات التي يمكن للناقلة القطرية الوصول إليها في البرازيل. علما بأن مجموعة خطوط لاتام الجوية تسير رحلاتها إلى 143 وجهة في 25 دولة حول العالم.
ويزيد عدد سكان البرازيل عن مائتي مليون نسمة، واقتصادها هو تاسع أكبر اقتصاد في العالم، وهي خامس أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، التي تزيد على ثمانية ملايين كيلو متر مربع أي ما يقارب نصف قارة أمريكا الجنوبية، وتشكل الجبال المنخفضة والهضاب الواسعة ثلثي هذه المساحة، ويتكون الجزء المتبقي من أراضٍ منخفضة تكسوها الغابات، ويخترق أراضيها ما يزيد على ألف نهر أكبرها الأمازون، وتسقط عليها الأمطار بغزارة، وقد ساعد مناخها الدافئ على جعلها واحدة من الدول الرائدة عالميا في إنتاج المحاصيل الزراعية.
وتعد البرازيل عملاقا زراعيا، يتميز بضخامة وتنوع الإنتاج الزراعي فهي تحتل المرتبة الأولى في إنتاج البن، والكاكاو، وقد تقدمت البرازيل خلال السنوات الأخيرة إلى المراكز الأولى عالمياً في إنتاج وتصدير المنتجات الزراعية، لأنها تمتلك أكبر مساحة من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم.
الجدير بالذكر أن البرازيل تضم مجموعة ضخمة من الصناعات المتطورة في كافة المجالات والأنشطة مثل: الإنشاءات والطاقة والصناعات الثقيلة والمتوسطة وصناعة الطائرات والألمونيوم والإسمنت وغيرها، وتمتاز البرازيل بالعديد من المجالات الاستثمارية كالمجال الفندقي حيث تفتقر جميع مدنها الرئيسية إلى بنية فندقية مناسبة بالإضافة إلى المجال الزراعي والمعادن.
وترتكز صادراتها على السيارات، والجرارات، وأوكسيد الألمونيوم، والحديد الخام، والدواجن، والمواشي الحية التي تمتلك منها أكثر من 500 مليون رأس، أما الواردات البرازيلية فهي تتمثل في الغاز الطبيعي المسال، واليوريا، والنفط.