لم يكن يدور في خلد رجل الأعمال القطري علي بن أحمد بن سعد منصور الكعبي مالك المزرعة العالمية أن زيارته لمزرعة كويتية سينتج عنها توطين وإنتاج نوع من السماد الزراعي العضوي ذي الأصول الأوروبية في دولة قطر، وكانت تلك المزرعة الكويتية أول من أدخل تلك التقنية الزراعية إلى منطقة الخليج، أعجب الكعبي بالفكرة وعلى الفور قرأ نظيره المضيف صاحب المزرعة الكويتية ما يفكر فيه، ألا وهو نقل تلك التقنية إلى قطر، وبالفعل لم يتأخر صاحب المزرعة الكويتية وأمد الكعبي بتقنيات تصنيع وإنتاج السماد الدودي في المزرعة العالمية في قطر.
أرسل رجل الأعمال الكويتي مع الكعبي فنيين لمساعدته في إنتاج هذا النوع من السماد، وبسرعة فائقة بدأت التجارب التي استمرت عاما وحققت نتائج مبهرة، وأكدت معامل تحليل فوائد كبيرة لهذا النوع من السماد، والذي تم عرضه في جناح العالمية بالمعرض الزراعي الدولي الأخير، ولقي استحسانا من قبل الخبراء والمسؤولين، والآن بدأ الكعبي المرحلة الأولى من الإنتاج التجاري لهذا النوع من السماد بمعدل 15 طنا سنوياً، وباتت قطر هي الثانية بعد الكويت إنتاجا لهذا النوع من السماد، وفي ظل إقبال متزايد من قبل أصحاب المزارع على شراء المنتج تباع العبوة زنة 5 كجم منه بـ 115 ريالا.
إقبال متزايد من أصحاب المزارع على شراء المنتج
وفي المزرعة العالمية بمنطقة أم صلال أكد علي الكعبي لـ لوسيل : قبيل تصنيع السماد الدودي أجرينا تجارب في مقر المزرعة استغرقت 12 شهرا في محاولة منا لدراسة أثر البيئة على إنتاجه، وتوصلنا إلى أنه ينتج في درجة حرارة تصل إلى 26 درجة على مدار العام، وحصلنا على تقرير من أبرز المعامل وهو مختبر الخليج، حيث حللنا 3 عينات، وأفادت نتيجة التحليل عدم وجود أي أضرار للسماد على البيئة أو النبات وأنه مفيد جدا كسماد عضوي، ويساهم في إعادة تدوير المخلفات النباتية والحيوانية، ويوفر عملية استدامة في إنتاج السماد، وهو منتج عضوي صديق للبيئة . وحول تفاصيل تجربة تصنيع المزرعة العالمية للسماد الدودي يستطرد علي الكعبي قائلاً: استوردت الديدان التي تستخدم في إنتاجه من تركيا وسويسرا . ويضيف الآن اكتسبنا المزيد من الخبرات التي مكنتنا كمنتجين للسماد الدودي من أن نوطن تقنيات إنتاجه بنسبة 100%، بعد أن أصبحنا ننتج تلك الديدان المستخدمة في التصنيع بقطر، ونقوم بكافة عمليات الإنتاج . وفي إطار تلك التقنيات تمكنا من ابتكار فرازة يتم من خلالها فرز السماد بعد انتهاء فترة تحلله ليخرج منها سماد بلا أي نوع من الروائح جاهز للاستخدام إلى جانب المتبقيات مع دودها وبيض الدود، حيث تتم إعادة المخلفات لأحواض الإنتاج لتستخدم من جديد في عمليات التحليل.
ويؤكد علي الكعبي أن السماد الدودي يرفع معدلات وجودة الإنتاج في المزارع، ويلقى الآن رواجاً لاسيما في المزارع الخاصة بالمنازل والفيلات. وحول طبيعة هذا النوع من السماد يقول الكعبي: ينتج عن تحلل بعض أنواع المخلفات النباتية إلى جانب المخلفات الحيوانية عبر الاستعانة بأنواع معينة من الديدان التي تحولها إلى سماد عضوي غني بالبكتيريا والإنزيمات والهرمونات النافعة للتربة الزراعية، وتساهم تلك الديدان المستخدمة في تصنيع السماد الدودي في التخلص من المخلفات العضوية بطرق آمنة ومفيدة للبيئة . وفي معرض شرحه لطبيعة إنتاج تلك الديدان للأسمدة يوضح علي الكعبي: الدودة تأكل ما يعادل نصف وزنها من المخلفات النباتية والحيوانية يومياً، من هنا قم باحتساب وزن مجمل الديدان التي أضفتها وستعرف كمية الطعام التي ستضيفها، إذا أضفت 1 كيلو من الديدان تضيف 0.5 كيلو من الطعام يوميا، ويصل وزن الدودة إلى 40 جراما وتنتج 20 جراما بدورة الإنتاج الواحدة، ولتسريع وتيرة تحلل المخلفات النباتية والحيوانية، يمكنك أن تقوم بتقطيعها إلى قطع أصغر، أو حتى طحنها على آلة طحن الطعام . ويضيف: السماد الدودي يعطي المزارع محصولا أفضل وتمنح الأرض طبقات أكثر من التربة وتغذي التربة بالمواد العضوية مع مزيد من التهوية وتصريف المياه .
8 فوائد للسماد الدودي
وفي غرفة إنتاج السماد الدودي الرئيسية توجد أحواض أسمنتية يصل طول الحوض إلى عدة أمتار وعرضه متر ونصف المتر، يقوم العمال بملء الحوض بالمخلفات النباتية والحيوانية بعد فرمها بماكينة خصصت لهذا الغرض، ورش المخلفات بالمياه مع توفير بيئة لا تزيد على 26 درجة مئوية، بعد ذلك يتم إطلاق الديدان في تلك المخلفات لكي تتغذى عليها حتى تتحلل تلك المخلفات وتصبح مسحوقا لونه أسود وليس له أي رائحة، وعند تحللها تجري عمليات فرزها وتعبئتها. وتوجد 8 فوائد للسماد العضوي من بينها المحافظة على تماسك التربة الزراعية بصورة جيدة، وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بالمياه، والمساهمة في ارتفاع خصوبة التربة بصورة أفضل، وتدعم بشدة التخلص من مشاكل التربة الجيرية، وتعمل على زيادة الخصوبة الطبيعية اللازمة للتربة الزراعية، وتشتمل الأسمدة العضوية على مضادات حيوية تساعد التربة في تطهيرها من الآفات، وتمد التربة بالفيتامينات والإنزيمات اللازمة لها، وتؤدي إلى التخلص من الفطريات المضرة للتربة وتحسين حالة النمو للنبات.
7420 وحدة زراعية مؤهلة لإنتاج السماد الدودي
تؤكد تقارير وزارة البلدية والبيئة وجود 1400 مزرعة في الدولة إضافة إلى 6 آلاف عزبة و20 شركة منتجة للثروة الحيوانية والداجنة بمجموع 7420 وحدة إنتاجية، تدر كميات هائلة من المخلفات الحيوانية والنباتية التي يمكن إنتاج كميات هائلة من الأسمدة الدودية حال العمل على تصنيعها وتحليلها، وإعادة استخدامها على مساحات تصل إلى 11 ألف هكتار تمت زراعتها بالخضار والأعلاف وبساتين النخيل وأنواع من الفاكهة. ويقول علي أحمد أبو جمعيان المسؤول في المزرعة العالمية: تستهلك شجرة الفاكهة 2 كجم من السماد العضوي سنويا، بينما تستهلك شجرة الخضار 250 جراما بالعام، ويساهم السماد الدودي في التخلّص من أنواع كثيرة من المركبات السامة والتي تضر بالنباتات، وتضعف الزراعة والتي من أمثلتها الرصاص والكادميوم، ويعد هذا النوع من السماد إحدى الأدوات الزراعية التي لا غنى عنها للأراضي الزراعية لما يشتمل عليه من عناصر غذائية جيدة للغاية، بالإضافة إلى كونه يمد التربة بالطاقة، وأيضا فالسماد الدودي يشتمل على مكونات غذائية متمثلة في الأحماض العضوية، وأيضا العناصر الأخرى من الحديد والفوسفور تلك التي تتمكن من خلالها من الحفاظ على التربة والحصول على ناتج زراعي جيد.