أثار تقدم أكثر من 50 % من المدارس الخاصة بطلبات لزيادة الرسوم المدرسية للعام الدراسي المقبل، استياء أولياء أمور الطلبة في المدارس كافة، إذ أصبحت التكلفة تفوق معدلاتها الطبيعية والمنطقية دون انعكاسها على المستوى والأداء التعليمي، بحسب أولياء أمور تحدثوا لـ لوسيل .
ودفع طلب مدارس زيادة رسومها للعام المقبل - يقدر عددها بـ128 مدرسة - رغم موافقة وزارة التعليم والتعليم العالي على رفع وزيادة رسوم 55 مدرسة خاصة للعام الدراسي الحالي بنسب وصلت إلى 7%، إلى القول إن طلب الزيادة أصبح تقليدا وعادة وأكثر من أنه حاجة لتلك المدارس.
ولم يشهد الرقم القياسي لمجموعة السكن والماء والكهرباء والغاز وأنواع أخرى من الوقود ارتفاعا كبيرا، وإنما 0.2% فقط، فيما وصل معدل الزيادة السنوية إلى 2.7% فقط للرقم القياسي العام، إلا أن مجموعة التعليم سجلت أعلى ارتفاع بين مختلف المجموعات وصل إلى 5.1%، ويعزى ذلك إلى زيادة مصاريف ورسوم التعليم الابتدائي وما قبل الابتدائي بحسب وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، الأمر الذي يؤكد أن زيادة الرسوم غير منطقية ولا تتناسب مع حجم التكاليف وإنما تأتي لزيادة الأرباح فقط.
الكلف التشغيلية
واعتبر أولياء الأمور أن طلب المدارس الخاصة زيادة الأقساط الدراسية للعام الدراسي المقبل غير منطقي ولا يوجد أي مسوغات له، وذلك لأن الكلف التشغيلية لم تتغير عن العام الماضي، مطالبين وزارة التعليم والتعليم العالي بضرورة وقف تلك العادة التي انتهجتها المدارس الخاصة خلال السنوات الماضية، إذ أصبحت زيادة الرسوم والأقساط عادة لزيادة أرباحهم وسد أطماعهم.
وبينوا أن الأسر ومحدودي الدخل هم من يدفعون الفواتير باهظة الثمن لتعليم أبنائهم، وفي الجهة المقابلة يجني أصحاب المدارس الأرباح الخيالية، ما جعل التعليم الخاص تجارة ابتعدت كل البعد عن المسار التعليمي، مطالبين بإعادة النظر بإستراتيجية التعليم الخاص بالدولة لضبط التجاوزات المختلفة التي ارتكبتها المدارس الخاصة خلال السنوات الماضية.
أمر إجرائي
وتعتبر رسوم المدارس الخاصة في الدولة إحدى المشاكل الرئيسية التي تواجه أولياء الأمور والراغبين في الاستقرار والحياة، إذ إن الارتفاعات المتتالية التي شهدتها خلال السنوات الماضية أصحبت تستنزف ميزانية الأسر القطرية وغير القطرية، وتستحوذ رسوم المدارس الخاصة على ما نسبته 17% من دخل الأسر كمعدل، ونحو 25% من متوسط الدخل للأسرة غير القطرية و10% من دخل الأسرة القطرية، وذلك حسب وزارة التخطيط التنموي والإحصاء.
ويبلغ عدد المدارس ورياض الأطفال الخاصة بالدولة نحو 245 مدرسة وروضة بالبلاد، منها 85 روضة، و160 مدرسة تقدم أكثر من 23 منهجا تعليميا، وتستوعب 172247 طالبًا وطالبة بمختلف المراحل الدراسية.
وقال مصدر بوزارة التعليم والتعليم العالي لـ لوسيل : ليس شرطا أن تتم الموافقة على كافة طلبات الزيادة للرسوم من قبل المدارس، لافتا إلى أنه تقدم المدارس بالزيادة أمر إجرائي كونها لا تستطيع أن تقوم برفع أقساطها دون موافقة سابقة ورسمية من قِبل الوزارة.
وأوضح أن الوزارة ستدرس الطلبات كافة وتقرر حسب المعطيات المقدمة المدارس وحسب المعايير المعلنة سابقا من قبل الوزارة.
وعادة ما تخضع طلبات المدارس الخاصة بزيادة رسومها لمعيارين أساسيين هما: معيار الأداء المالي، ومعيار الأداء الأكاديمي، ويتضمن معيار الأداء المالي الرسوم الدراسية والرسوم الإضافية، وعدد مرات الزيادة في الرسوم الدراسية والرسوم الإضافية، كل على حدة، والنسب المالية التي تعتمد على هامش الربح والمصاريف التشغيلية وإجمالي الدخل وإجمالي الأصول (الممتلكات) وجودة الطلب الذي يعتمد على عدد البيانات المالية المقدمة من المدرسة أو الروضة.
ضبط التجاوزات
أما معيار الأداء الأكاديمي فيتضمن نتائج بطاقات الأداء المدرسي، بما في ذلك نسبة الطلبة الذين يحبون مدرستهم ويتمتعون بالتعلم فيها، ونسبة الطلبة الذين يشعرون بالأمان داخل المدرسة، ونسبة الطلبة الراضين عموما عن المدرسة، ونسبة أولياء الأمور الراضين عن المدرسة، ونسبة المعلمين الذين يحضرون برامج التطوير المهني بالمدرسة، ونسبة المعلمين الراضين عن برامج التطوير المهني المقدمة إليهم، ونسبة المعلمين الذين يحملون مؤهلات تربوية، ونسبة المعلمين الذين يعتبرون أن المدرسة مكان جيد للعمل.
كما يشمل المعيار الأكاديمي حالة اعتماد وجودة المدرسة من حيث حصولها على اعتماد دولي أو وطني من عدمه، أو حصولها على ترشح للاعتماد الوطني، أو رفض الترشح للاعتماد الوطني، وتقدم المدرسة بالدراسة الذاتية، أو عدم تقدمها بطلب الترشح للاعتماد وغيرها من المؤشرات.
سياسة رفع الرسوم
وبيّن المواطن عبدالعزيز المري أن المدارس الخاصة انتهجت خلال السنوات الماضية سياسة رفع الرسوم في كل عام، وذلك لزيادة الأرباح فقط دون أن يكون هناك انعكاس لتلك الزيادات على البيئة التعليمية في المدارس. لافتا إلى أن طلب المدارس الزيادة للعام الدراسي المقبل غير مسوغة وليست منطقية، وتؤكد أن التعليم الخاص أصبح تجارة خالصة دون الالتفات إلى الأداء التعليمي.
وطالب المري بإعادة النظر إلى إستراتيجية التعليم الخاص بالدولة لضبط التجاوزات المختلفة التي ارتكبتها المدارس الخاصة خلال السنوات الماضية، مشددا على أن الأقساط المدرسية أصبحت تثقل كاهل الأسر.
مراقبة المدارس
وقال سامر ضراغمة إن زيادة الرسوم الدراسية في كل عام دارسي جديد أصبحت أمرا لا يطاق، خاصة أنها أصبحت تشكل عبئا كبيرا على الأسر دون أي زيادة عليها، مبينا أن الزيادات لا تراعي الظروف الاقتصادية التي تعيشها الأسر.
وتساءل ضراغمة عن المسوغات التي تستدعي المدارس أن تقدم على طلب الزيادة على رسومها الدراسية للعام المقبل، رغم أن الأوضاع الاقتصادية لم تتغير، وبالعكس عانت غالبية القطاعات من الركود، لافتا إلى أن الزيادة على الرسوم الدراسية غير منطقية كون التكاليف التشغيلية لم تتغير.
وشدد على ضرورة مراقبة تلك المدارس فيما يتعلق بمخرجاتها التعليمية ومستوى الأداء التعليمي الذي لا يتناسب في أغلب الأحيان وفي عدد كبير من تلك المدارس مع حجم الرسوم الكبيرة التي تتقاضاها، لافتا كذلك إلى ضرورة القيام بجولات تفتيشية مفاجئة لتلك المدارس للتأكد من التزامها بكافة الشروط التي تتعلق بالعملية التعليمية برمتها وتوافق البيئة المدرسية مع الشروط والمواصفات التي أقرتها وزارة التعليم والتعليم العالي.
وأشار إلى أن الأمر لم يعد يتوقف على الرسوم الدراسية وإنما يتجاوزه إلى أعباء إضافية من رسوم الزي المدرسي والكتب وبعض النشاطات الترفيهية التي تزيد من الكلفة، مؤكدًا أن مطالب المدارس المكلفة ماليا لا تنتهي عند حد معين وبات الأمر لا يطاق في العموم، ونتمنى من وزارة التعليم عدم الموافقة للمدارس على زيادة الأقساط، خاصة أن تلك المدارس تحقق أرباحا مالية ضخمة للغاية منذ سنوات طويلة على حساب جيب أولياء الأمور .
مسوغة وبنسب قليلة
إلى ذلك يقول الدكتور رجب الإسماعيل أستاذ الاقتصاد بجامعة قطر، إن أي زيادة تتقدم بها المدارس الخاصة يجب أن تكون مرتبطة بتحسين البنية الأساسية للتك المدارس، لافتا إلى أنها يجب أن تترجم تلك الزيادة في الأقساط الدراسية على أرض الواضع داخل البيئة التعليمية في المدرسة من مبان وخدمات مختلفة.
وبيّن أن من حق تلك المدارس زيادة الرسوم بما يتناسب مع حجم التكاليف والمصروفات مثل أي استثمار قائم داخل الدولة، مشددا على ضرورة أن تكون الزيادات مسوغة وبنسب قليلة بالشكل الذي لا يزيد من أعباء الأسر. وأشار إلى أنه من الضروري أن تكون الزيادات الجديدة والتي تقر يجب ألا تشكل الطلبة القدامى في المدرسة حتى تنتهي إحدى المراحل، مبينا أن رفع الرسوم على الطلبة القدامى يضع أولياء الأمور أمام خيارات صعبة تنتهي بالقبول بالأسعار الجديدة حتى لا تتخلف البيئة التعليمية على الطالب خاصة في المراحل المتعاقبة. وأوضح أن وضع القيود الكثيرة من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي على المدارس الخاصة يعد أحد أسباب عزوف المستثمرين عن القطاع التعليمي، مؤكدًا أنه من الضروري أن يكون هناك دور للوزارة للوصول إلى حالة التوازن.