 
                            
قال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إن حل الأزمة الخليجية التي كانت تمثل وضعا استثنائيا يعد انتصارا لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها.
وأضاف سعادته في مقابلة تلفزيونية مع برنامج سيناريوهات على قناة الجزيرة، أمس، أن إعلان قمة العلا تضمن الاتفاق على مبادئ أساسية لتجاوز صفحة الخلاف تكون بمثابة قواعد حوكمة بين علاقات الدول الأطراف في المستقبل.
وأوضح أن الأساسيات التي تحدث عنها بيان العلا هي أساسيات الاتفاق ذاته، قائلا: هي أسس واضحة تضمن عدم المساس بسيادة الدول الأطراف أو التدخل في الشؤون الداخلية إلى جانب التعاون في مكافحة الإرهاب، وهي مبادئ متفق عليها ويجري الآن تكثيف العمل الجماعي بين الدول لإعادة بناء العلاقات كما كانت .
وأضاف: ما تم توقيعه في قمة العلا هو بيان يحدد المبادئ الرئيسية للمرحلة المقبلة، ولم يتم الاتفاق على نشر تفاصيل بيان القمة، وهو ليس اتفاقا سريا، ولم يتم التطرق إلى نشره من عدمه، في الوقت ذاته فإن القواعد المحددة لهذا البيان تم ذكرها وإعلانها من قِبَل كافة الأطراف، ولا أعلم مدى اهتمام الدول الأخرى بشأن نشر هذا البيان، كما أن نشره لا يوجد فيه أي حرج لأي دولة، كونه بيانا يؤكد على الثوابت الرئيسية لدول مجلس التعاون .
علق سعادة وزير الخارجية، في معرض إجابته عن سؤال بشأن التساؤلات المطروحة حول متانة المصالحة الخليجية، قائلا: الأزمة لم تكن بسيطة ومن الطبيعي أن يكون هناك بعض الشكوك حول متانة هذه المصالحة، ولكن ما هو مؤكد لدينا كدولة قطر أن لدينا إرادة حقيقية لعودة العلاقات إلى طبيعتها وفق المبادئ التي ننادي بها دائمًا، لذا نرحب بتقوية العلاقات مع كافة الدول في المستقبل .
عن مدى اختلاف قمة العلا عن تفاهمات أزمة 2014، قال سعادته: لا شك أن تفاهمات 2014 جرت في ظروف مختلفة عن الوضع الحالي، وما حدث من شرخ في العلاقات يختلف عن تجربة 2014، لذا يجب أن يكون لدينا نظرة واقعية ومستقبلية .
وأكد أن ما يصدر عن المصادر الرسمية والحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي هو ما يمثل مواقفنا كدول وليس ما ينشره الإعلام سواء في جمهورية مصر العربية الشقيقة أو غيرها.
وبين وزير الخارجية أن هناك مناقشات استمرت لمدة 3 أشهر قبل قمة المصالحة واستهدفت الاتفاق على إطار بين الدول وعليه تم استكمال هذه الإجراءات مع كافة الأطراف التي مثلتها المملكة العربية السعودية، التي شهدنا لديها إرادة حقيقية في رأب الصدع بجهود وساطة محمودة قادتها دولة الكويت.
ردًا على سؤال بشأن مدى تطرق بيان العلا إلى الشروط الـ 13 للدول الأطراف، قال سعادته: لسنا في صدد أن يكون هناك شروط من دولة على دولة أخرى، نحن ننظر إلى تجاوز الأزمة واتخاذ خطوات لإعادة الثقة بين دول مجلس التعاون، وما تم الاتفاق عليه هو مبادئ رئيسية ولا توجد شروط على أي من الدول .
وأضاف: من المؤكد أن الاتفاق الإطاري يضمن اتخاذ خطوات بشأن إعادة الأمور إلى طبيعتها السابقة، مثل سحب إجراءات التقاضي التي قمنا برفعها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإعادة العلاقات إلى ما قبل 5 يونيو 2017 عبر إنهاء كافة الإجراءات التي تم اتخاذها من قِبَل كافة الأطراف منذ هذا التاريخ وحتى الآن .
وتابع: لا نستطيع أن نقول إن هذا نجاح لدولة قطر أو للمملكة أو لأي طرف، لكن بيان العلا نعتبره نجاحا للجميع ودليلا على وجود إرادة حقيقية لطي الخلاف، خاصة أن ما لمسناه خلال فترة المفاوضات هو إرادة سياسية حقيقية لطي صفحة خلافات الماضي، ولا شك أنه ستتم معالجة تلك الخلافات بشكل ثنائي بين مختلف الدول، لأن ما تم ليس مجرد (حب خشوم) .
أكد أن ما تم في قمة العلا هو مصالحة خليجية وليست مصالحة سعودية - قطرية، قائلا: تعتبر هذه مصالحة خليجية، حيث مثَّلَت المملكة العربية السعودية فيها كافة الدول الأطراف في المفاوضات، كما أن الجميع وقعوا على الاتفاق والمبادئ .
وتابع: لا شك أن المملكة لها حجمها وثقلها في المنطقة، ودولة قطر لديها حوار مع كافة الأطراف وهو ما تم إعلانه على مدار السنوات الثلاث الماضية، ووجدنا أن هناك إرادة من كافة الأطراف لحل الأزمة عبر تمثيل المملكة لهم في المفاوضات، لذا تم التعامل والتفاوض مع المملكة للوصول إلى حل يرضي الجميع .
وشدد سعادته على أن دولة قطر لا تريد أن تكون لها أزمة مع الدول الأخرى، حيث تسعى دائما إلى أن تكون هناك علاقة مبنية على الاحترام المتبادل بين جميع الدول.
عن كيفية التعامل مع تحفظات جمهورية مصر العربية قال سعادته: بالنسبة للدولة المصرية، فإن الوثيقة التي تم توقيعها، كما ذكرت، هي وثيقة مبدئية، وسيتم بحث المسائل العالقة بشكل ثنائي مع كل دولة، ولا شك أن مصر باعتبارها طرفا سيكون لدينا معها اجتماعات ثنائية لحل كافة المشكلات من خلال حوارات وفرق عمل مشتركة في إطار عقلاني ومهني .
وأشار إلى أن الخلافات بين دولة قطر والدول الأطراف في تلك الأزمة تختلف من دولة إلى أخرى، لذا يسعى الجميع إلى تجاوزها خلال الفترة المقبلة.
وبين سعادته أن آلية كافة الدول في هذا الصدد ستكون عبر تشكيل لجان ثنئاية لحل هذه الخلافات والوصول إلى أن يكون هناك مستقبل للتعاون بين قطر وكل الدول، من خلال استغلال الفرص لرأب هذا الصدع بما يخدم الشعوب في نهاية الأمر.
واستطرد: لا شك أن تلك العملية ستأخذ وقتها في إعادة بناء الجسور بين الشعوب والتي ستكون أسهل مقارنة بإعادة عملية الجسور السياسية، ونحن كدولة قطر نرحب بشعوب كافة الدول .
كرر سعادة وزير الخارجية، تأكيده على عدم تناول بيان العلا لقناة الجزيرة، قائلا: موضوع قناة الجزيرة لم يتم طرحه في الاجتماعات وهي مؤسسة إعلامية مستقلة نفخر بوجودها في قطر وإعلامييها المتميزين، لذا نكفل لها حرية التعبير والنقل المسؤول للأحداث في المنطقة، ويجب التعامل مع هذا الموضوع بإيجابية وبشكل بنَّاء، فلا نريد أن تكون هناك دول تُكِنُّ العداء للقناة أو العكس، ما نريده هو إعلام مهني مسؤول .
أوضح سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت لها مساعٍ حثيثة بقيادة جاريد كوشنر وبالتنسيق مع كافة الأطراف للوصول إلى حل للأزمة، فضلا عن دعمها المستمر لجهود الوساطة الكويتية.
قال سعادته إن سبب الحماس الأمريكي للاتفاق هو حرص الولايات المتحدة على مصالحها الإستراتيجية في المنطقة من خلال وجود مجلس تعاون موحد.
واستبعد أن يكون هناك علاقة ما لطي الخلاف الخليجي وتكهنات توجيه ضربة عسكرية إلى إيران بقوله: لا نرى أن ربط مسألة الحل له علاقة بمسألة التصعيد ضد إيران خاصة أن المنطقة لا تتحمل أي توترات لاسيما في ظل ما نشهده من توترات على مدار الأعوام الماضية، لذا نسعى إلى خفض حدة التوترات الحالية، ورسالتنا واضحة للطرفين، فنحن لا نريد التصعيد ولكن حل الأزمات دبلوماسيًا دون وجود أي عمل عسكري قد يضر بالمنطقة ولا تتحمله دول الخليج .
وأضاف: إيران دولة جارة لها دور مقدر خلال الأزمة من فتح للأجواء أمام الطيران القطر وتسهيلات الموانئ وتوريد البضائع، وما يحدث أن هناك وجهات نظر مختلفة في التعامل مع إيران طبقا لعلاقة كل دولة مع إيران، ونحن نرى أن مجلس التعاون يجب أن يكون ساحة للتفاهم والتعاون، أما العلاقة مع إيران فتكون وفق قرارات سيادية تخص كل دولة بما أنها ليست عضوا في المجلس .
وأكد سعادته أن الرسائل الرسمية الواردة من أمريكا تؤكد أنهم لا يريدون التصعيد بل يريدون احتواء الموقف وخفض التصعيد وكذلك الأمر نفسه من قِبَل إيران.
وأعرب وزير الخارجية، عن خشيته من أفعال قد تكون خارج السيطرة تؤدي إلى التصعيد في المنطقة وتكون ناجمة عن أخطاء، قائلا: هذا هو ما نعمل على التصدي له .
أشار سعادته إلى أن دولة تركيا تعد حليفًا إستراتيجيًا لدولة قطر تمتلك مجالات تعاون متعددة مع دولة قطر.
وقال: هناك علاقات ثنائية ين الدول يحكمها القرارات السيادية لكل دولة، وإذا كانت هناك خلافات بين دولة ما وتركيا فهذا الأمر لا يعني لنا شيئاً .
وعن رؤيته لقيام عدد من دول المنطقة بالتطبيع مع إسرائيل، علق سعادته قائلا: إن قرار التطبيع هو قرار سيادي يخص كل دولة، وموقفنا كدولة قطر واضح في هذا الأمر وكذلك سياساتنا بشأن هذه القضية .
ردًا على سؤال بشأن ما يثار عن انتظار دولة قطر لدورها في قطاع التطبيع الإسرائيلي، قال: قد ننتظر دورنا في التطبيع إذا التزمت إسرائيل بما تم طرحه في مبادرة السلام العربية والتي نلتزم بها ونتحرك وفقها، لذا يجب إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين المستقلة وعودة اللاجئين لإتمام السلام .