تسببت غارات قوات النظام السوري على منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق أمس، بمقتل وإصابة عشرات المدنيين، في وقت تواجه دمشق اتهامات دولية متزايدة إزاء استخدامها السلاح الكيميائي في هجمات عدة.
وغداة اتهام واشنطن لموسكو بتأخير إصدار إدانة من مجلس الأمن لهجمات كيميائية وقعت خلال الفترة الأخيرة، أعلنت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في وضع حقوق الإنسان في سوريا أنها تتحقق من تقارير عن استخدام غاز الكلور في مدينتي دوما قرب دمشق وسراقب في إدلب.
في الغوطة الشرقية آخر أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إن حصيلة الغارات المستمرة التي تشنها قوات النظام بلغت 47 قتيلاً مدنياً بينهم عشرة أطفال .
وأوضح عبد الرحمن أن هذه الحصيلة هي الأكبر في الغوطة الشرقية منذ بدء التصعيد قبل شهر ونصف الشهر ، مشيراً إلى أنه لا يزال هناك 19 شخصاً تحت الأنقاض لم يتبين مصيرهم .
وكان المرصد أفاد صباح أمس عن مقتل 16 مدنياً.
وأصيب جراء الغارات التي استهدفت مناطق عدة في الغوطة الشرقية نحو 200 مدني، وفق المرصد الذي لفت إلى أن أعداد القتلى مرشحة للارتفاع نتيجة الإصابات الخطيرة ووجود مفقودين تحت الأنقاض.
وتتعرض مناطق عدة في الغوطة الشرقية لقصف جوي ومدفعي شبه يومي، تسبب الإثنين بمقتل 31 مدنياً على الأقل.
ويأتي تصعيد القصف على الغوطة الشرقية بعد ساعات من دعوة ممثلي منظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا في بيان مشترك إلى وقف فوري للأعمال العدائية لمدة شهر كامل على الأقل في جميع أنحاء البلاد للسماح بإيصال المساعدات والخدمات الإنسانية، وإجلاء الحالات الحرجة من المرضى والجرحى .
وحذرت الأمم المتحدة من العواقب الوخيمة المترتبة على تفاقم الأزمة الإنسانية ، مشيرة إلى أن الخطة التي تقضي بإيصال المساعدات تبقى معطلة بسبب القيود المفروضة على الوصول، أو عدم التوافق حول المناطق أو المساعدات أو عدد المستفيدين .
وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ العام 2013، ما أدى إلى نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية. ودخلت آخر قافلة مساعدات إلى المنطقة في أواخر نوفمبر وفق الأمم المتحدة.
وكثفت قوات النظام خلال الفترة الماضية قصفها على الغوطة الشرقية وعلى مناطق عدة في محافظة إدلب التي تسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر منها.
ويأتي هذا التصعيد رغم كون الغوطة الشرقية وإدلب منطقتين من مناطق خفض التوتر تم التوصل إليها بموجب اتفاق بين موسكو وطهران حليفتي دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة.
وبعد عوارض اختناق وضيق تنفس إثر قصف لقوات النظام على مدينتي دوما وسراقب خلال الأسابيع الأخيرة، رجحت مصادر طبية أن تكون ناجمة عن تنشق غازات سامة، أعربت لجنة تحقيق حول سوريا تعمل بتفويض من الأمم المتحدة عن قلقها إزاء العديد من التقارير الواردة والتي تفيد بأن قنابل تحتوي على غاز الكلور المستخدم كسلاح، استخدمت في بلدة سراقب في إدلب وفي دوما بالغوطة الشرقية .
وقال رئيس اللجنة باولو بينهيرو: هذه التقارير مقلقة، وتثير السخرية مما يسمى بمناطق خفض توتر هدفها حماية المدنيين من قصف من هذا النوع .
وطالبت الولايات المتحدة الإثنين بـ ممارسة ضغوط على الرئيس بشار الأسد و داعميه لوقف هذه الهجمات.
واتهمت واشنطن قوات النظام مراراً خلال الفترة الأخيرة باستخدام مواد كيميائية إن كان غاز والكلور أو السارين في سوريا. وطرحت في مجلس الأمن مشروع بيان يدين استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. وقال دبلوماسيون إن موسكو طالبت ببعض الوقت قبل التصويت عليه، لإبداء الرأي.
ودانت روسيا ما وصفته بـ حملة دعائية تهدف إلى اتهام النظام السوري بهجمات لم يحدد مرتكبوها .
واقترحت روسيا تعديلات على النص بشكل يشطب منه اسم الغوطة، ويطالب بـ التحقق من المعلومات الصحفية التي تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي بمصداقية ومهنية .
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة رفضت التعديلات الروسية، ما قضى على الآمال في إصدار إدانة.
واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن من المبكر في هذه المرحلة تأكيد حصول هجمات كيميائية جديدة في سوريا.