تميم بن حمد.. القائد والإنسان

كانت لحظات يصعب أن يتحدث عنها المرء، تلك التي تشرف فيها رؤساء التحرير والصحافيون القطريون بلقاء سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد -حفظه الله- برفقة عدد من الباحثين والإعلاميين الخليجيين والعرب، فعلى الرغم من أن اللقاء امتد لوقت ليس بالقليل، إلا أن من حضر كان يشعر بأنه عبارة عن لحظات، مضت مسرعة. يحق لنا أن نشعر بالفخر، فلقد جلسنا مع سموه واستمعنا منه، ووجدنا أنه يملك شخصية تعجز أن تصفها الكلمات، إنه كبير بتواضعه، ويملك شخصية بسيطة ذكية لماحة بالفطرة، تجمع صفات القائد. لم يكن لقاء عادياً، فلقد فتح لنا سموه أبواب السؤال، وبطبعنا كصحافيين، كنا فضوليين، لم نتردد في طرح أي سؤال يخطر ببالنا، بلا خوف أو وجل أو تردد، لأننا ببساطة ثمرة تربية قيادية دأبت عليها قطر، وغرستها في نفوس أبنائها. كان يجول في خاطر البعض من زملاء المهنة من خارج قطر أسئلة فوجدوها فرصة مناسبة ليسمعوا من سموه مباشرة عن رؤية الدوحة تجاه ما تبذله لدعم العرب وثوراتهم ودورها الإقليمي، وسرهم ما عرفوه عن سياسات قطر الخارجية، ولماذا دعمت إنسان الثورات العربية، ولقد لمست من الزملاء الذين التقوا سموه ارتياحاً كبيراً، فخرجوا معجبين بهذا القائد الإنسان، الذي تعامل مع الأسئلة ببساطة وحنكة. إن أهم ما يميز لقاء سمو ولي العهد بكوكبة من الصحافيين القطريين والعرب، وعدد من الباحثين المشاركين في مؤتمر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أنه كان لقاء عفوياً، بلا تكلف أو تصنع، لقاء مثّل صورة أخرى لقطر المستقبل، قطر التي لا تصنع الحواجز بينها وبين شعبها، فقادتها هم أبناء هذا الشعب وهم صناع نهضته وقادتها. وإذا كان اللقاء قد مر سريعاً فإن كلمات سموه كانت معبرة، مستشرفة للمستقبل، فلقد عبر عن رؤية قطرية ثاقبة في تعاطي قطر مع كافة القضايا الداخلية والخارجية، وكان دقيقاً وشفافاً، بلا تحفظ، راسماً بكلماته طريق قطر المعبد نحو المستقبل، التي تتمسك بثوابتها التي تستمدها من قيم أصيلة ظلت راسخة في حياة قطر، التي كانت وما زالت كعبة المضيوم، كما قال صاحب السمو الأمير -حفظه الله- في خطابه الأخير أمام مجلس الشورى. اليوم ونحن نحتفل باليوم الوطني، نستذكر ما قرأته عن سيرة المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني -رحمه الله- من خصال وصفات، ونحن نستذكر حبه للعلم ومجالسته للعلماء، لا يمكن أن تغيب عنا إغاثته للملهوف ونجدة المضطر، وهذا ما يفعله سمو الأمير وولي عهده -حفظهما الله- تجاه أهلنا في سوريا وما فعلوه سابقاً في ليبيا. ينبغي أن نؤكد على أن التجارب الوطنية النابعة من صميم روح المجتمع يقف خلفها القادة الذين جاؤوا من بين أبناء هذا المجتمع، وهم الأقدر على قيادة دفة التاريخ لصالح شعوبهم، وهم الأقدر على أن يرسموا لوحة وطن أسمى، وهكذا كانت العلاقة، منذ أن رسخها الشيخ المؤسس، وحتى اليوم، علاقة قيادة ليست مع شعبها وإنما مع نفسها، فهي من الشعب والشعب هي. يحق لنا أن نحتفل اليوم، ويحق لنا أن نلون بفخر الشوارع والساحات بـ «الأدعم»، يحق لنا أن ننشد «قطر تسمو بروح الأوفياء» فلقد رسمنا، قيادة وشعباً، لوحة وفاء لكل ذلك التاريخ الذي سطره الآباء والأجداد، وكنا لهم خير خلف لخير سلف، وسرنا على درب الأوائل، نستمد من قيمهم وتراثهم كل معاني الشموخ والعزة، فافرحي يا قطر وليكن يومك فرصة لتعزيز مسيرة النهضة التي حفر سطرها الأول الشيخ المؤسس، ونسج خيوط حكايتها الأروع حمد وابنه تميم.