


عدد المقالات 166
لم يحسم تعريف السجن بعد، ما زالت هذه المفردة المخيفة تحمل في طياتها الكثير، يمكن لـعالم اللغة العربية أن يغرف منها ما يشاء، شرط أن يغوص في علوم النفس البشرية والاجتماع والسياسة، ولا يكتفي بفهم الحروف، وشرط أن يتقن معنى الكرامة والعزة والعجز المطلق عن الصمت في وجه الظلم، مخطئ من يتوهم السجون جدرانا وأغلالا وأسوارا كبيرة وظلاما دامسا، فـهذا الكائن التاريخي له قلب وروح وعين ترى، وله صوت يملأ الدنيا ضجيجا رغم السكون الشديد الذي يخيم عليه، وحده يملك القدرة الخارقة على بعث ما يموت في نفوس البشر، إنه الوحيد الذي يختصر المسافات الطويلة، وهو يفعل ذلك دائما وأبدا بلا كلل!. مع أول لحظة استبداد بشرية انبثقت فكرة السجن، يوم كان الإنسان الأول عاجزا عن فهم أخيه الإنسان، ومع لحظة العجز الأولى عن إدارة الشأن البشري بحضارية واقتدار وُلِد السجن الأول في التاريخ، تم تدجين الفكرة وأنسنـتها لاحقا عبر تنظيم عملية الدخول والخروج ومدد البقاء وأحكامها وأسبابها، لكنها انحازت دائما لعدم القدرة على الحوار والتفاهم وقبول الآخر والاحتكام للعقل والمنطق، كانت ملجأ العاجزين والمستبدين والواهمين الغارقين في أحلام السلطة المطلقة، أولئك الذين لا قدرة لهم ولا طاقة على رؤية الآخر، تستفزهم الكلمة المخالفة وإن تأدبت وتأنقت وحامت حول الحمى، من قال إن الإنسان الأول كائن تاريخي!. قائمة السجناء النبلاء طويلة جدا، حتى يخال المرء أن السجن لم يوجد سوى للعظماء من بني البشر، من سيدنا يوسف عليه السلام في سجون فرعون إلى نيلسون مانديلا في العصر الحديث، مرورا بأحمد بن حنبل وابن رشد وغاليليو وأبي فراس الحمداني والمعتمد بن عباد وغاندي ونهرو وسعد زغلول ودويستوفسكي ولوممبا وجيفارا وعمر المختار والعقاد وأحمد ياسين، وهذه القائمة المختصرة تكفي لفهم جانب مشرق من التاريخ البشري، وفهم معنى السجن، فهمه على النحو الصحيح!. من سجن الباستيل إلى سجون أبوغريب وغوانتانامو اشتهرت سجون كثيرة، حملت شهرتها مفارقات عديدة، أهمها أن ما بقي في الذاكرة هو الفعل الشائن للسجان وصورته القبيحة وتاريخه الفاضح في القمع والاستبداد وانعدام الأخلاق، لكن أسماء أصحابها وأمجادهم الآنية وقدرتهم المطلقة والمؤقتة على الظلم زالت مع زوالهم، ولم يبق من ذكرهم شيء، بينما خرج السجناء من تلك الأقبية المظلمة ليكتبوا التاريخ، وكانت لحظة السجن فارقة في مجريات الأحداث، وما بعدها، اختلف تماما عما قبلها، يحدث دائما وبشكل غريب!. التعددية والقدرة على إدارتها وتنظيمها وحمايتها تمثل سمة رئيسية في إنسان ودولة هذا العصر، تجاوز العالم –أو معظمه– قضية الخوف من الآراء والأفكار، أصبح متاحا أن تختلف لأبعد مدى مع الحكومات والقيادات طالما أن الاختلاف منظم ومحكوم بإطار قانوني وفق الأعراف المتفق عليها، ورغم المساحات الشاسعة لدى كثير من الدول والقدرات المالية والفنية على بناء السجون القوية المنيعة، إلا أنها اختارت أن تنحاز لفكرة ومفهوم العدل والمساواة وحق التعبير والاختلاف، وفــّرت طاقاتها وسجونها للشواذ من البشر، أما الآراء والأفكار فأوجدت لها البرلمانات ووسائل الإعلام والمنابر الحرة لتفعل عبرها ما تريد، إدراكا منها أن خلاصة هذا الاختلاف والتعدد تمثل خلاصة الحضارة الإنسانية التي بلغها البشر في عالمنا، أعفت نفسها من عبء أجهزة مراقبة الكلام والأفكار والنوايا، وأخلصت في بناء الجيوش والجامعات والمختبرات والمصانع والمطارات والقطارات، باختصار شديد، أمعنت في مشروع الدولة وكبحت جماح الكلب البوليسي المتوثب في داخلها!. قال المتنبي يوماً: كن أيها السجن كيف شئت فقد.. وطّنت للموت نفس معترف لو كان سكناي فيك منقصةً.. لم يكن الدرّ ساكن الصـدف
تقود المملكة اليوم حرباً مصيرية، ويتوقف على نتائج هذه الحرب مستقبل البلاد ودورها وشكل المنطقة العربية برمتها، ولا أعني بالحرب عملية عاصفة الحزم في اليمن، فهذه معركة واحدة من معاركنا الكثيرة المنتظرة في المنطقة، والتي...
هناك كلام كثير يقال في هذه الظروف، لكن وقبل كل شيء، توجيه التحية لقيادتنا السعودية يظل واجبا وضروريا في هذه الأيام، ما فعلته هو إعادة البوصلة للاتجاه الصحيح على صعيد السياسة الخارجية، ليس في عاصفة...
لا يمكننا تجاهل إيران ودورها في المحيط، باتت الجارة ضيفا ثقيلا على شؤوننا اليومية، وبعد أن كان القلق افتراضيا من دورها ونفوذها، استطاعت أياديها الممتدة إلى بلادنا، الواحدَ تلو الآخر، أن تقلب الافتراض إلى حقيقة...
جملة الرثاء لا تكتمل، ثمة ما يفرق كلماتها، ويشتت شملها، لا تقدر الواحدة منها أن تقف في وجه الأخرى، كيف لاجتماع بغرض تأبين الشيخ المناضل، والإقرار برحيله، أن يتم! لا أجدني متفقا على طول الخط...
لو وضعت خارطة مصر والعالم العربي، أمام مجموعة من طلاب السنة الأولى في قسم العلوم السياسية، في جامعة بعيدة لا يفهم أهلها أوضاعنا، ثم قدمت لهم شرحا مبسطا لتاريخ الصراعات وطبيعة العلاقات بين الدول في...
موضوع هذه القناة مثير للغاية، ويفتح نقاشات لا حصر لها، ليس عن القناة وظروف إغلاقها فقط، بل حول مجمل فكرة الإعلام في عالمنا العربي، وكيف يفهم الناس هذه المسألة ويتفاعلون معها، خذ على سبيل المثال...
في العلاقات الدولية، ثمة قواعد وأسس كثيرة تنظم العلاقة بين الدول، وأهمها قاعدة التعاون الدولي بين الجميع، فهذه الوحدات القريبة من بعضها والبعيدة، تتعاون على أساس سياسي أو اقتصادي أو ديني أو قومي، وفي حالات...
يستغرب المرء من تغير الأحوال، وبعد أن كانت اللغة التي تتعلق بالمملكة في وسائل الإعلام المصرية، لغة المحبة والود والتبجيل غير المحدود، تغيرت، وأصبحنا أمام نبرة تهديد مبطن، وقل ود ظاهر، في تحول لا تخطئه...
بعد ساعات من وفاة الملك عبدالله رحمه الله، بات واضحاً لدى السعوديين والعالم، أن ما كان يطرحه مغردون مجهولون من سيناريوهات كارثية سيتعرض لها النظام لم تكن صحيحة، التحليلات والأمنيات التي كانت تقدم على شكل...
في عام 2007، عادت جريدة «العرب» القطرية للحياة الصحافية مرة أخرى بعد توقفها عن الصدور منتصف التسعينيات، وقد كانت أول صحيفة يومية تصدر في قطر عام 1972، وتشرفت بعد انطلاقة الجريدة بكتابة زاوية أسبوعية في...
من الواضح أن القلق من داعش وصل الجميع، الأنظمة والناس على حد سواء، ولا أحد يلام على الخوف من هذه الظاهرة، فهي عنيفة وشاذة ومدمرة من دون أدنى شك، بل إن مزاحمة الأنظمة لها في...
في لحظة جنون، من لحظات جنونه الذي لم ينقطع إلا بموته، استنكر القذافي القواعد المتعارف عليها في لعبة كرة القدم، كان يستغرب وجود كرة واحدة بين أحد عشر لاعبا من كل فريق، ووجود الجمهور متفرجا...