


عدد المقالات 269
مع كل قمة خليجية يسأل الصحافيون المعلقين نفس السؤال المبتذل، ماذا تتوقع من هذه القمة؟ يجتهد المعلقون للخروج بأجوبة منمقة وممتلئة بعبارات الطموح والتمني ولكنهم جميعاً يعلمون أن كل قمة تأتي بما جاءت به التي قبلها، مجاملات سياسية، مشروعات ورقية، وبيان ختامي حذر جداً، ثم ينفض المجتمعون ونعود إلى ما كنا عليه من حالات توتر بينية تزيد وتنقص مع تطور الأحداث وبرود إجرائي تجاه قرارات القادة بانتظار قمة جديدة لتعود الأمور إلى مبتدأها. ومع كل قمة تسمع نفس التذمر في المجالس والملتقيات الخليجية حيال عدم تحقيق مجلس التعاون لطموحات الشعوب في خليج واحد متصل مفتوحة بينه الحدود سمته التوافق والعمل المشترك. هذا المطلب واقعي وليس ضرباً من الخيال إذا اعتبرنا الاشتراك في الدين والقيم الاجتماعية والثقافة الشعبية وحتى الجذور العائلية بين مواطني دول المجلس؛ ولذلك نسأل لماذا لم يندمج الخليج ولماذا لم يحقق مجلس التعاون الخليجي هدفه المذكور في بيانه التأسيسي وهو الاندماج الاقتصادي والسياسي بين دول المجلس؟ وكيف فشلنا في ذلك بينما نجح المتباعدون في أوروبا وآسيا في تأسيس منظمات وتكتلات مستقرة، للإجابة على هذا السؤال لا بد أن نسأل ما هي الدوافع التي أدت إلى التكتل في النماذج الأخرى وهل تتوفر نفس الدوافع بين دول الخليج؟ إذا نظرنا للتجارب العالمية في مجال الاندماج نجد أن هناك ثلاثة دوافع تقف وراء التكتلات الكبرى عالمياً: دافع اقتصادي، دافع أمني ودافع سياسي، أما الدافع الاقتصادي فهو استشراف لمكاسب اقتصادية تتحصل من وراء التكتل لا يمكن تحقيقها بالعمل الفردي، مثال ذلك منظمة الأسيان التي ظهرت للوجود كاستجابة طبيعية لنهضة الاقتصاد الآسيوي وحاجته إلى منظومة توفر سهولة انتقال رؤوس الأموال والعمالة بين دول المنطقة، بعد عشرة سنوات من العمل ظهرت المنظمة ووفرت فرصا اقتصادية ضخمة للدول الأعضاء وما زالت تشكل لاعباً اقتصادياً رئيسياً في مواجهة القوى الاقتصادية التقليدية. في الخليج فرص اقتصادية ضخمة يوفرها الاندماج ولكن المشكلة أن الحاجة الاقتصادية غير موجودة، أي أن الرفاه الاقتصادي في الخليج لا يجعل في تلك الفرص عنصر جذب لصناع القرار، فالموارد الطبيعية المتوفرة لدول الخليج تجعل كل دولة على حدة قادرة على تحقيق مستويات دخول لا تحتاج معها إلى شركاء، ويبدو بالنسبة لصانع القرار الخليجي أن العوائد أو المكاسب المتحققة بالاندماج لا تستحق التنازل عن جزء ولو يسير من السيادة الوطنية لصالح منظمة فوق قطرية مثل المجلس. الدافع الثاني هو الدافع الأمني وهو وجود تهديد مشترك على أمن الدول المعنية بالاندماج، وخذ على سبيل المثال حلف الناتو الذي ظهر نتيجة للحرب الباردة وخشية الدول الغربية من تمدد الدب الروسي في أوروبا الغربية، الحلف كان وما زال قائماً على فكرة العدو المشترك هذه، فحتى بعد سقوط الاتحاد السوفيتي توافق المتحالفون على دخول حروب لحماية النموذج الغربي كما هو الحال في يوغوسلافيا السابقة والعراق وأفغانستان، الاتحاد الأوروبي نشأ هو الآخر بسبب تهديد أمني ولكن من الداخل الأوروبي، فخشية القادة الأوروبيين من حرب عالمية ثالثة كانت هي الدافع للاندماج بعد أن عصفت الحروب بالقارة العجوز لمئات السنين ابتداء من الحروب الدينية وانتهاء بصعود ألمانيا التوسعي، لذلك قرر الأوروبيون أن الاندماج الاقتصادي ومن بعده السياسي سيمنع نشوء حرب جديدة وكان لهم ذلك؛ حيث لم تعد أوروبا إلى الحرب منذ ذلك اليوم رغم حالات توتر عديدة جابهتها دول الاتحاد. الخليج يواجه تحديات أمنية جسيمة، التمدد الإيراني في المنطقة، الثورة السورية والحرب الأهلية العراقية وتداعياتها، صعود التنظيمات الجهادية مثل داعش وغيرها، وغير ذلك كثير ولكن المشكلة ليست في عدم وجود تهديد مشترك، المشكلة تكمن في الاتفاق على عدو مشترك، يكاد يكون لكل دولة من دول المجلس خريطة أعداء وتهديدات مختلفة عن الأخرى، هناك من يعتبر التهديد الأول هو الربيع العربي والإسلام السياسي، غيرهم يعتقد أن التهديد هو إيران والتنظيمات التابعة لها، وآخر سيقول لك إن التهديد هو تحول دول الربيع العربي إلى دول فاشلة ينتشر فيها السلاح، ولا تتوقف المشكلة عند هذا الحد بل إنها تصل إلى أن من يعتبره هذا عدواً وتهديداً يعتبره الآخر شريكاً وحليفاً ولذلك لا يوجد دافع أمني للاندماج لدى صانع القرار الخليجي. العامل السياسي يرتبط بوجود مكاسب سياسية سواء على الصعيد الداخلي، من خلال كسب القواعد الشعبية في الانتخابات، أومن خلال سياسة موحدة خارجية تقوي موقف الدول الأعضاء لدى المؤسسات العالمية والدول الأخرى، لو نظرنا إلى الدول التي انضمت حديثاً إلى الاتحاد الأوروبي معظمها فعل ذلك استجابة لمطالب شعبية باعتبار العضوية طريقاً إلى الازدهار الاقتصادي، أما لو نظرنا إلى الحالة الأميركية الجنوبية لوجدنا أن الدول التي لا تتفق مع السياسة الأميركية المهيمنة على مجريات الأحداث في الأميركتين أوجدت تكتلاً يضمن إيقاف التدخلات الأميركية في دول أميركا اللاتينية، هذا التكتل يشكل اليوم تحدياً للسياسة الأميركية تجاه جيرانها في الجنوب كما وفر صمام أمان لتلك الدول أمام الفيل الأميركي. في الحالة الخليجية لا تحرك المطالب الشعبية صانع القرار في الغالب، بل إن بعض صناع القرار في الخليج يجد في الاستجابة لأي مطلب شعبي تهديدا للاستقرار السياسي فهو يشجع، كما يرى أولئك، على حالة من التمرد ليست المنطقة مستعدة لها بعد، أما بشأن السياسة الخارجية فدول المجلس كما أسلفنا لا تتفق حول مجريات الأحداث في المنطقة وبالتالي لن يكون إيجاد موقف موحد خارجياً دافعاً للاندماج بل ربما يكون مانعاً له. الحلم الخليجي تتوفر له كل الظروف إلا الإرادة السياسية، ولكن صانع القرار الخليجي بحاجة إلى مراجعة القناعات حول مكاسب الاندماج وحتميته في ظل ما يجري في عالم اليوم، فالمستقبل لا يبدو مشرقاً أمام الكيانات الصغيرة والخليج بما فيه من موارد وإمكانات مطمع لكل من لديه مطمع، الخليج في لحظة تاريخية اليوم وكلنا أمل أن تصدر عن هذه القمة استجابة تتناسب مع حجم التحدي.
منذ عام 2006 بدأت في مجال التحليل السياسي، من خلال صفحات الجرائد المحلية المختلفة، ومنذ ذلك الحين التزمت بمقال أسبوعي يركز غالباً على التعليق على الأحداث الراهنة، أو مناقشة موضوع سياسي عام، مرت هذه التجربة...
بنجاح أكبر من الذي توقعته استطلاعات الرأي، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ليقطع الطريق على من أراد أن يشكك في استمرار شعبيته في بلاده. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والتلاعب...
مذ عرّفني أحد الأصدقاء على قصيدة تميم البرغوثي عن القدس، دأبت على الاستماع إليها بين الفينة والأخرى، لا شك لجمالها أولاً، ولكن كذلك لأنها تنقلني إلى حالة شعورية مختلفة حول المدينة القديمة، أشعر وكأنني أمشي...
في الإنجليزية، إذا أردت أن تصف أشخاصاً يتقاتلون بطريقة صبيانية، فبإمكانك استخدام مصطلح «أطفال بألعاب»، في إشارة إلى أن أولئك الذين تتحدث عنهم يتصرفون كأطفال يتنازعون ألعاباً لا كأشخاص ناضجين.. العالم اليوم يكثر فيه من...
ستة أشهر كانت كفيلة ببث روح جديدة في الجسد القطري بعثها التحدي الأكبر الذي واجه البلاد في تاريخها، في هذه الأشهر الستة انطلقت قطر نحو المستقبل بخطى ثابتة والتحم الشعبي مع الرسمي لرسم لوحة مشرقة...
آلة السياسة في واشنطن شديدة التعقيد، من حيث التركيب والأنظمة، فنظام التوازن والرقابة الذي يعطي كل سلطة صلاحية رقابية على الأخرى، ويجعل الصلاحيات متوازنة بينها، أورث نظاماً معقداً، ولكنه يعمل بكفاءة عالية، هذا النظام تعرّض...
أثارت كوريا الشمالية الرعب في محيطها الإقليمي والعالم أجمع بتصعيد تجاربها النووية والصاروخية، وحسب الخبراء العسكريين يمكن أن تصبح قريباً «الدولة المارقة»، كما يسميها ترمب، قادرة على تركيب رأس نووي على صاروخ متجه إلى الساحل...
الأنشطة الثقافية للمؤسسات الخيرية هنا في قطر كانت وما زالت أكثر قدرة على جذب الجماهير من مثيلاتها الرسمية، ويعود ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها الطبيعة التطوعية لهذه الأنشطة، وما يحققه ذلك من إبداع ومرونة وحماس،...
حطت طائرة الرئيس الأميركي على أرض فلسطين ليكون أول مؤتمر صحافي له بجوار طائرته مناسبة جديدة يذكر فيها بالتزامه التام بأمن الكيان الصهيوني، بعد أن أمضى الأيام الماضية في التأكيد على رؤيته حيال «الإرهاب الإسلامي»...
الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي...
احتفل قطاع كبير من الفرنسيين، ومعهم المعتدلون في أوروبا، والعالم الغربي بخسارة لوبين، وفوز ماكرون خلال الأيام الماضية، متجاوزين تهديداً آخر من اليمين المتطرف الأوروبي، وبذلك تتبدد أحلام اليمين المتطرف في القارة العجوز في أن...
خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الأوضاع في قطبين من أهم الأقطاب السياسية في المنطقة بشكل كامل، خلال الأعوام الماضية بدا أن النظام الإيراني يحكم قبضته على محيطه الداخلي والخارجي، وفي مقابل ذلك بدا أن الإدارة...