قطر وأجندتها الخارجية!

أكتب اليوم عن كثرة اللغط المفتعل عن تدخل قطر الدولة في شؤون الآخرين، وأرجو أن يكون الأمر واضحاً للقارئ الكريم... إن هذا اللغط كان موجوداً قبل الربيع العربي، وبالتحديد بعد أن أطلقت قناة «الجزيرة» في 1996، والتي أكملت 16 عاماً على انطلاقتها قبل أيام، وزاد هذا اللغط منذ أن اتخذت قطر موقفها الرافض للاعتداءات الصهيونية على فلسطين، والحرب التي شُنت على غزة وعلى لبنان. ازداد هذا اللغط الحانق الغاضب عن وهم تدخل قطر «كعبة المضيوم» بسبب موقفها المناصر لخيارات الشعوب منذ أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه في «سيدي بو زيد»، ولن يكون آخر نصر لدولة قطر هو موقفها الداعم لشعب سوريا الذي خرج لنيل الحرية، ولن يعود دونها بإذن الله، ومن هنا أفهم أن صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد -حفظه الله-، كان واضحاً في خطابه أمام مجلس الشورى أمس الأول عندما أكد على انتماء قطر العربي، وأنها كانت وستبقى دائماً كعبة المضيوم بإذن الله، ولكن هذا لا يعني أن لدولة قطر أجندة في أي دولة سواء كانت عربية أو غير عربية، ولهذا أكد سموه قائلاً: «ليس لدولة قطر أجندة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية في أي دولة أخرى، عربية أو غير عربية، وليس لدينا تصور على الإطلاق عما يجب أن يكون عليه نظام الحكم في أي دولة أخرى»، وبالفعل كان هذا واضحاً وجلياً في لجان تعمل على إعداد الدستور الذي يناسب دول الثورات العربية في كل من مصر، وتونس، وليبيا، هذه دول وقفت قطر مع ثوراتها بكل وضوح، ولكن الدوحة لم تأمر أحداً بالثورة والخروج على الظلم وليس هذا هدفها، كما أوضح سمو الأمير، وليست جزءاً من لجان إعداد الدساتير في هذه الدول، ولكن هذا لا يعني أنها -قطر- لن تقف مع الشعوب المظلومة إذا تعرضت للقمع الوحشي؛ لأن هذا من الأمور التي ترفضها النفس البشرية السوية، فما بالك بالنفس العربية الحرة التي جبلت على الأنفة والمنعة وإغاثة الملهوف ومن يتعرض للضيم؟ وكما قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: إن أخاك الحق من كان معك........ ومن يضر نفسه لينفعك ومَنْ إذا ريب زمانٍ صدَّعك........ شتَّت فيك شمله ليجمعك الأمر الآخر الذي أكد عليه سمو الأمير في خطابه أمام مجلس الشورى وهو ما يثير غضب الأقزام القديم هو أن في دولة قطر رؤية وإعلاماً عربياً مستقلاً لا يمكنه أن لا يغطي الأحداث بموضوعية. ولهذا كان تصريح سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت -الذي عرف بحكمته وحنكته السياسية- خير جواب على «الإعلام الفاسد»، كما يسميه أهل الكويت، والذي يروج لتدخل قطر في أحداث الكويت عندما قال يوم أمس، بحضور وزير الإعلام الكويتي ورئيس جمعية الصحافيين ورؤساء الصحف الكويتية: «إن دولة قطر دولة شقيقة وليس لها علاقة بالأحداث الحالية». أخيراً وليس آخراً، آمل أن يفرق القارئ الكريم بين التدخل من قبل «المسؤول» في شؤون الدول الأخرى، وبين تناول الصحافة للأحداث، ومهما قال الكاتب أو كتب فإنه يبقى رأياً غير ملزم في «أمر ما» وليس تدخلاً، للتأكيد.. إنه رأي فقط وفقط رأي. نسأل الله أن يحفظ لنا قطر والكويت وكل دول الخليج «العربي» شعوباً وقادة من كل شر.