أَبِكرٌ.. مطلقةٌ؟!

تقول فتاة في ربيع العشرينات من عمرها، عندما طُلب مني تحديث بياناتي في العمل، تذكرت فرحتي بحصولي على الوظيفة، كنت في غاية الحماسة وأنا املأ بياناتي الشخصية في عقد التوظيف، وأتذكر حيرتي في بند الحالة الاجتماعية هل أكتب آنسة أم ماذا؟، وأجابتني الموظفة: «عزباء»، ربما كانت المرة الأولى التي أسمع فيها هذا المصطلح. واليوم عندما شرعت في تحديث بياناتي الشخصية وجدت حالتي الاجتماعية «مطلقة»!، شيء بداخلي انكسر. كل ما حدث أنني خُطبت لقريبي ولم نتوافق، وآثرنا الانفصال قبل الزواج تداركا للطلاق بعده، وما يترتب عليه من أطفال وغيرها من الأمور الباهظة في خسارتها. نظرت لنفسي بحزن، أنا في الأوراق الرسمية مطلقة، وأنا لم ألبس فستان فرحي! هل أنا في أعين الناس مطلقة، فتَقِل فرص خطبتي وزواجي؟! وإذا قدر الله أن أتزوج هل سيُكتب في عقد زواجي «مطلقة»؟!، هل سيكبر أبنائي يوما ويرون عقد زواجي بأبيهم ويسألون هل كنت متزوجة سابقا؟! هل سأعيش حاملة لهذا اللقب وأُعامل كسيدة مطلقة، وأنا ما زلت ابنة أبي الصغيرة! توقفت مشاعر البنت وحياتها بسبب لقب، لم تكن هي الوحيدة، أذكر صديقتي في الجامعة مرت بنفس مرحلة الاكتئاب، وأثر ذلك عليها حتى في اختيارها للزوج الذي ارتبطت به، وعلى حياتها كاملة كزوجة وأم.. وامرأة. الطلاق ليس عيبا، إنما حلال.. لا شك فيه، بل هو في أحيان كثيرة حلٌّ لحياة استحال الاستمرار فيها، لكن هؤلاء الفتيات لم يعشن هذه الحياة حتى يوسمن بها. ونبقى مع لقب «مطلقة»، لم يكن هناك مصطلح فريد أو لقب خاص يُطلق حصراً على المرأة التي تطلقت قبل الدخول بها. بل كانت تستخدم الأوصاف العامة التي تحدد حالتها بدقة، (المطلقة قبل الدخول)، وهو الوصف الأكثر شيوعاً ووضوحاً في الاستخدام الفقهي والقانوني. وتُعامل معاملة البكر في أحكام الزواج الأخرى من الناحية الشرعية والقانونية. وقد استدل العلماء على ذلك بقوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا». وتسمى في الإسلام «المطلقة بغير عوض» أو «المطلقة بينونة صغرى». وهي المرأة التي تم طلاقها بعد عقد الزواج وقبل الدخول بها. وفي قانون الأسرة القطري رقم (22) لسنة 2006 الذي حدَّد أنواع الطلاق: الطلاق الرجعي، لا ينهي عقد الزواج إلا بانقضاء العدة. والطلاق البائن: ينهي عقد الزواج عند وقوعه. وهناك بائن بينونة صغرى، وبائن بينونة كبرى. وقد روى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي «رحمه الله» في أحد مقاطعه المصورة، أن فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم- دخلت عليه مغضبة، فقال ما أغضبك يا أم أبيها؟، قالت عائشة قالت لي إن رسول الله تزوج أمك ثيبا، ولم يتزوج بكرا غيري.. فقال لها الرسول إذا أعادت عليك مثل هذا القول، قولي لها، ولكن أمي تزوجت رسول الله وهو بكر، وأنتِ تزوجتك وهو ثيب. ورغم أن هناك من ضعّف في هذه الرواية، إلا أننا أمام حقيقة أن مثل هذه الأوصاف والألقاب تُحزن قلب المرأة، وتُؤثر عليها سلبا. فهل من الصعوبة بأمر أن نأتي بمصطلح رسمي، يُحدد الحالة الاجتماعية بدقة، دون حاجة للسؤال والتوضيح أو التجريح، لمن طُلقت طلاقا (بائنا بينونة صغرى قبل الدخول بها)، كأن تُسمى «بائِنة». آخر سطر « رفقاً بالقوارير»، «المؤنسات، الغاليات». @fatma_aldosari