


عدد المقالات 272
إلى قبل اندلاع ثورة الشام العظيمة، كانت كل الأقلام ومراكز الدراسات والأبحاث تتحدث عن نهاية عصر الجغرافيا والحدود، وانفتاح الأسواق العالمية وسط اندياح عولمة كل شيء من الاقتصاد إلى السياسة إلى الاجتماع والتقاليد والغذاء وكل شيء، وكتب بعضهم مستعجلاً نهاية التاريخ، وتسابق جيلنا وجيل من بعدنا للالتحاق بكليات العولمة والحاسوب والسياسة والعلاقات الدولية ووو، أملاً في أن يحجز له مقعداً في عالم العولمة الجديد الذي كان أشبه بالعالم الافتراضي، بعد أن اكتشف كثيرون حقيقته وكنهه، لكن لا أعتقد أن أحداً يومها فكّر مجرد تفكير في أن يلتحق بكلية الجغرافيا. وحين أقلب نظري بين قادة إسلاميين وغير إسلاميين ممن تخرجوا من كلية الجغرافيا، لا أذكر أحداً منهم إلا زعيم الجماعة الإسلامية السابق والراحل قاضي حسين أحمد، وكم كانت فجأتي حين علمت بذلك. اليوم ومع الأحداث الشامية وتكالب الغرب والشرق على كيلومترات مربعة محدودة في حلب وشمالها وصحراء تدمر، أو الجزيرة السورية وفي الغوطة ودرعا وغيرها، ندرك تماماً أهمية الجغرافيا. فما يجري في التنف اليوم ربما يؤشر -كما تتحدث بعض دوائر الاستخبارات والبحث لحرب عالمية ثالثة- في ظل قطع الطريق الاستراتيجي لإيران من الموصل وتلعفر باتجاه مناطق الأكراد فحلب فالمتوسط، وذلك بعد الزواج الكاثوليكي بين الأميركيين وغلاة الكرد، ونشر قواعد أميركية في طريق التمدد الإيراني، الأمر الذي ألجأهم للتوجه إلى طريق آخر ممتد من البوكمال باتجاه صحراء التنف فحمص فالساحل السوري، ولكن نشر قاعدة أميركية - بريطانية في التنف حال دون ذلك. الأمر الذي يبدد كل أعداد القتلى والجرحى والخسائر الإيرانية في الشام، التي أرادتها ممراً بينها في طهران والعراق إلى لبنان فالمتوسط. لعل من محاسن الصدف أن أقرأ هذه الأيام كتاب انتقام الجغرافيا للكاتب الرائع روبرت كابلان، الذي ركز فيه على أهمية الشام والعراق في الحروب التاريخية، والتي أدت إلى قيام حضارات وإمبراطوريات، ليتعزز لدي قناعة بأن الجغرافيا اليوم هي من سيحدد مصير وتوجه الدول بل وتوجه العالم كله. فهنا في الشام كانت الوصية النبوية الأولى لأصحابه بالتوجه إليها، فكان أن عقد الراية لأسامة بن زيد حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن قبل قال -عليه الصلاة والسلام-: «بينما أنا نائم وإذا بعمود الكتاب قد انتزع من تحت وسادتي، فأتبعته بصري فإذا هو بالشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن في الشام» أو كما قال -عليه السلام-، وهو دليل على توجيه أصحابه إلى الشام، وهي الدورة الحضارية التي فهمها من بعده صحابته، ثم فهمها الصلاحيون «صلاح الدين الأيوبي» والزنكيون والمماليك والعثمانيون من بعد. لقد حرص الاستعمار بكافة أشكاله وألوانه -على مدى عقود بعد سقوط الخلافة العثمانية- على زرع كيانات أقلوية حاكمة مجرمة، لفصل تركيا عن العالم العربي، وجعل من سوريا سلطة أقلوية عازلة فاصلة على غرار جيش لحد، وهو ما حصل لهم على مدى عقود، ولذا فهم يسعون لتدمير كل شيء يحول دون وصل العالم العربي بتركيا، ما دامت بوابة الطرفين دمشق بعبقرية جغرافيتها المعروفة، وبتاريخها الأصيل، وبعراقة حكمها لأضخم إمبراطورية في التاريخ وهي الإمبراطورية الأموية. يفاجئ البعض منها السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد ولم يفاجئنا بالقول، إن التمدد الإيراني في الصحراء السورية وتدمر أصبح واقعاً لا يمكن التصدي له. ويبشرنا بنهاية أليمة للوجود الأميركي في الصحراء، شبيهة بنهاية قواتهم في بيروت عام 1983، يوم انسحبوا بعد تفجيرات المارينز على يد حزب الله، ويبشرنا أيضاً أن الوقت تأخر كثيراً على الأميركيين للتصدي للتمدد الإيراني، ويسعى إلى الاعتذار بطريقة صبيانية أنه لم يكن يتوقع تدخلاً إيرانياً ولا من حزب الله لدعم قوات بشار ضد الثورة السورية، في الوقت الذي كان يتابع هو وإدارته دبيب فرد واحد ينتمي لتنظيم الدولة أو للأحزاب الإسلامية حتى المعتدلة منها، ويريد أن يقنعنا بأنه لم يكن لديه معلومات عن هذا الحزب المرتبط بإيران وغيره. الجغرافيا هي عقدة العقد، وهي التي تستطيع من خلالها فهم التاريخ والسياسة، ومن خلالها تصل الحدود وتنقل الأفكار والبضائع والدمار والخراب، تماماً كما تنقل الإعمار والتنمية، ولكن شتان بين هذا وذاك، لكن من يقوم على وصل الجغرافيا اليوم من الغزاة والمحتلين شعارهم مغولي تتري.
كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...
قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...
أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...
لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...
ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...
الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...
منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...
تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...
يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...
أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...
الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...
لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...